رفض سياسيون ليبيون الاتهامات التي وجهها عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة، لمجلسي النواب و«الأعلى للدولة» بعرقلة الانتخابات بهدف تمديد بقائهما في المشهد السياسي. واعتبر عضو مجلس النواب الليبي، عبد الهادي الصغير، أن حديث الدبيبة «محاولة جديدة لخلط الأوراق، وإثارة البلبلة في البلاد» نظراً لقرب انقضاء خارطة الطريق الأممية نهاية يونيو (حزيران) المقبل، ومن ثم «انتهاء أي كلام على تمتعه وحكومته بالشرعية محليا أو دوليا». ورأى الصغير في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الدبيبة «متشبث بالسلطة ويرفض الخروج منها، ويحاول تجييش الشارع لصفه، ولكن واقع الحال يقول إن حكومته نفوذها منحصر بالعاصمة فقط». وأضاف الصغير وهو عضو مشارك في اجتماعات «المسار الدستوري» بالقاهرة، أن هجوم الدبيبة على المجلسين ليس جديداً، «بل هو مكرر منذ توافقهما على اختيار حكومة برئاسة فتحي باشاغا لتولي مهام مسؤولية السلطة التنفيذية». مشيرا إلى أن «تشكك الدبيبة حول ما تم إنجازه من توافق بين المجلسين في الاجتماعات الأخيرة التي احتضنتها القاهرة قبل عشرة أيام، هو تشكك يتواءم مع رغبته بالحكم إلى ما لا نهاية». ورفض الصغير ما يطرح حول أن مجمل المواد الدستورية التي تم التوافق عليها لا خلاف عليه، متابعا: «هذا غير صحيح، هناك مواد لم نقترب منها كونها وبنصها الدستوري ليست مواد خلافية، وبالطبع هي ضمن الـ137 مادة، ولكننا ناقشنا أيضاً مواد أخرى كانت محل خلاف، ورأينا ضرورة تعديلها، وهو ما قمنا به وسط حالة من التوافق». أما عضو المجلس الأعلى للدولة، سعد بن شرادة، فرأى أن هجوم الدبيبة على المجلسين جاء للتغطية على انسحاب أربعة من أعضاء «لجنة رد الأمانة للشعب» المعنية بدعم الاستحقاق الانتخابي والتي سبق وشكلها نهاية مارس (آذار) الماضي، بعدما سجلوا اعتراضهم على ما وصفوه «بعدم الجدية من جانبه» في السعي لإجراء الانتخابات. وقال بن شرادة لـ«الشرق الأوسط» إن الدبيبة «يحاول توظيف استياء الشارع من أداء المجلسين وبقائهما لمدة طويلة في المشهد لتبرير بقاء حكومته، حتى بعد موعد انتهاء خارطة الطريق الأممية نهاية الشهر المقبل»، مستكملاً: «الشارع الليبي وكما يضم تيارا قد يتأثر بحديثه، يضم أيضاً تيارا أوسع يرفض ما يدعو له». وأظهر بيان للمصرف المركزي حول الإيراد والإنفاق العام، للفترة الممتدة بداية العام الجاري وحتى نهاية أبريل (نيسان) صرف ما يزيد عن 250 مليون دينار لمجلس النواب، وما يزيد عن 14 مليون دينار للأعلى للدولة، ما بين رواتب ونفقات تسييرية. ويتوقع بن شرادة، أن تشهد الجلسة المقبلة لاجتماعات وفدى المجلسين، بالقاهرة والمفترض عقدها في الـ11 يونيو (حزيران) المقبل تباينا واسعا في الآراء، وقال «ما سيناقش بهذه الجولة هي المواد التي فجرت أغلب المشاورات من قبل بين المجلسين، والمتعلقة بتحديد نظام الحكم بالدولة وشروط الترشح للرئاسة وخاصةً شرطي الجنسية وترشح العسكريين، والمدة الزمنية المطلوب انقضائها ما بين تاريخ تقديم هؤلاء لاستقالاتهم وبين الترشح، فضلا عن صلاحيات الرئيس، ومقر السلطة التشريعية، وشاغلي المناصب السيادية، وتوزيع الثروة». وذهب بن شرادة إلى أن الدبيبة سيبقى في المشهد سواء توصل وفدا المجلسين لقاعدة دستورية تفضي إلى انتخابات أم لا، مضيفا: «إذا ما تجاوزا الخلافات حول تلك المواد وهو أمر ليس هينا، فسيكون أمامهما بالفعل عام كامل لحين إجراء الانتخابات وبالتالي يتحدث الدبيبة بارتياح كبير عن نتائج اجتماعاتهما، فهو سيبقى بموقعه متمترساً خلف سلاح تشكيلات مسلحة موالية له». وفيما يتعلق بجولة المحادثات التي من المقرر أن تعقد بالقاهرة، دعت عضو مجلس النواب أسماء الخوجة، الجميع لتقليل الضغوط على وفدى المجلسين، والتوقف عن تصدير التخوفات بثقل المهمة التي تنتظرهما في الجولة المقبلة. ولفتت الخوجة إلى أن وفدي المجلسين يضعان نصب أعينهما مصلحة الوطن، ويدركان جيدا أنهما قد يكونان أمام فرصة أخيرة للتوافق والمضي قدما نحو الانتخابات، وأن الفشل بأي مسار ستكون له تداعيات بمسارات أخرى خاصةً في ظل تعدد المخاطر والأطماع التي تحيط بالدولة الليبية. من جانبها، استبعدت عضو هيئة صياغة مشروع الدستور، نادية عمران، أي إمكانية لتنفيذ أغلب المقترحات المطروحة حول إجراء الانتخابات، وقالت: «لا توجد إمكانية لنجاح المباحثات بين وفدي المجلسين، فهما اجتمعا بمفاوضات ومشاورات عدة منذ عام 2016 ولم يتوصلا لأي نتيجة». وترى عمران أنه رغم التصريحات الواعدة من قبل الدبيبة بطرح مسودة الدستور للاستفتاء، «إلا أن هذا الأمر يتطلب وجود حكومة مسيطرة على كامل التراب الليبي، وهو الأمر المتعذر بالنسبة لحكومته، إلا إذا لجأ للتصويت الإلكتروني الذي لمح إليه كثيراً».
مشاركة :