بحضور الدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة المصرية، وتحت رعايتها أطلق المجلس الأعلى للثقافة بأمانة الدكتور هشام عزمي، مؤتمر “عشرينات القرن العشرين: علامات فارقة وإنجازات مضيئة”، وذلك في تمام الساعة الثانية عشرة ظهر اليوم الأحد الموافق 29 مايو الحالي، بمقر المجلس الأعلى للثقافة. وانعقدت الجلسة الأولى تحت عنوان “المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية”، وتحدث بها كل من: الدكتور أحمد زايد، والدكتور حسام بدراوي، والدكتور مصطفى الفقي، والدكتورة عادلة رجب، وأدار الجلسة الدكتور هشام عزمي. استهل الدكتور هشام عزمي الامين العام للمجلس الأعلى للثقافة الندوة باعتزام وزارة الثقافة الاحتفال بمناسبة مرور خمسين عامًا على رحيل عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين في شهر أكتوبر من العام ٢٠٢٣. وقال الدكتور مصطفى الفقي إن بداية النهضة الحقيقية في مصر لها إرهاصات في القران التاسع عشر، ولم تبدأ في القرن العشرين، فمثلًا فترة الخديوي إسماعيل تتميز بالعديد من الإنجازات، فعلى المستوى الثقافي كانت تنعقد صالونات ثقافية، تستقبل العديد من الشخصيات من كل الجنسيات دون تفرقة، ثم تحدث عن إنجازات مطلع القرن ممثلًا لها بثورة 1919، التي وصفها بأنها خرجت من الشارع المصري دون تدخل عسكري، فقد كانت بمثابة ثورة تلقائية في وقت ندرت فيه وسائل الاتصال، وليس كما يحدث الآن. وعن المشهد الديني قال إنه كان مشهدًا مملوءًا بالارتباك والتوتر، ورغم ذلك فما زلنا نقول إن الشرق الأوسط في ذلك الوقت كان يولد من جديد مع سقوط الخلافة العثمانية وتداعيات ذلك، ومن ثم ولادة جماعة الإخوان المسلمين وقتها. ثم تطرق إلى أشهر الكتب الأدبية التي صدرت في تلك الفترة، ومنها كتاب طه حسين “في الشعر الجاهلي”، ومرورًا بكتاب علي عبد الرازق “الإسلام وأصول الحكم”، ثم تطرق إلى الحديث عن السلطان فؤاد، قائلًا إنه رغم جهامته فقد كانت له بعض الإيجابيات وعلى رأسها تأسيسه لجامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة لاحقًا). وقد ألقى الضوء على بعض الومضات خلال تلك الفترة على كافة المستويات، ثقافيًّا واقتصاديًّا ودينيًّا. وقال الدكتور حسام بدراوي المفكر والسياسي، عن تلك الحقبة الزمنية بأنها ولادة للدولة الحديثة بإيجابياتها وسلبياتها، ثم تحدث عن مرونة الوسط الثقافي والأدبي وقتها، والتي ظهرت في أقطاب السياسة والأدب والدين، مستشهدًا كذلك بكتاب “في الشعر الجاهلي”، الذي قال عن كاتبه إنه لم يكن الكاتب الأقرب إلى قلبه، بل كان عباس محمود العقاد كاتبه المفضل، وما يقره العقاد هو الأصوب والأشمل دائمًا، ولكنه بعد قراءة كتاب “في الشعر الجاهلي لعميد الأدب العربي الدكتور طه حسين فقد تغيرت نظرته إلى الأمور، وصار الدكتور طه حسين كاتبه المفضل. ومن المثير للدهشة، على حد تعبيره، موقف الزعيم سعد زغلول من كتاب الدكتور طه حسين، وهو الذي هاجمه، وكان من مواقفه أنه انحاز للرأي المطالب بطرده من الجامعة في ذلك الحين. ثم استشهد بنموذج آخر على مرونة الرأي العام في تلك الحقبة الزمنية، وهو كتاب الشيخ علي عبد الرازق “الإسلام وأصول الحكم”، وكيف تقبل معارضو الرجل هذا الكتاب بصدر رحب، وبدأوا مناقشته في الأفكار التي طرحها بداخله. وأكد بدراوي أن هناك أشياء جميلة قد حدثت بالفعل في عشرينيات القرن العشرين، ومن أهمها الحراك الواضح والظاهر بين السياسة والدين، ولغة الحوار بين أقطاب السياسة وعلماء الدين. وتحدث الدكتور أحمد زايد أستاذ علم الاجتماع وعميد كلية الآداب بجامعة القاهرة سابقا عن الجانب الاجتماعي لمصر في تلك الفترة، والذي كان له دور مهم في النهضة والتنوير اللذين شهدتهما تلك الحقبة، بدايةً من فترة محمد علي، وما شهدته من زخم اجتماعي في إرسال البعثات وحركة الترجمة وبناء جيش قوي، مشيرًا إلى بروز دور الطبقة الوسطى ورجالها في المجتمع المصري، وعلى رأسهم أحمد عرابي وعبدالله النديم وقاسم أمين، وغيرهم. وتحدث عن بداية القرن العشرين، وتحديدًا عام 1905، وقال إن تلك السنة قد ظهرت فيها الأحزاب السياسية بقوة، وقد كانت نتاج فترات سابقة، وكان رجالها وعلى رأسهم سعد زغلول ومصطفى كامل ولطفي السيد، لهم تأثير ملموس وواضح في الشارع المصري، فالنهضة منجز أناس، وكذلك منجز مجتمعات، فلا سبيل لنهضة حقيقية إلا بنهضة اجتماعية، وكذلك وجود اختلافات، واحترام نشوئها، فما من فترة مرت بتاريخ مصر إلا وكان لها فترات صعود بشكل لافت في عموم المنطقة العربية. فالبشر هم العامل الرئيس في تحقق النهضة. وأما الدكتورة عادلة رجب أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة فقد تحدثت عن الأحداث الاقتصادية التي غيرت مجرى الاقتصاد المصري في تلك الفترة، مشيرة إلى الأمور العظام التي حدثت في تاريخ مصر، وعلى رأسها استقلال مصر، وصدور دستور 1923، وتلك الصحوة في عدد من المجالات أهمها التعليم والصحة. وبعد انتهاء الجلسة الاولى اقيم معرض للكتاب على هامش المؤتمر افتتحته الدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة والدكتور هشام عزمى الامين العام للمجلس، حيث اقيم المعرص ببهو المجلس الأعلى للثقافة، ويضم اصدارات بعض من قطاعات وزارة الثقافة وخصم 50٪ على إصدارات المجلس.
مشاركة :