انتقد رئيس السلطة القضائية الإيرانية، صادق لاريجاني، تصريحات رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام والرئيس الإيراني الأسبق، علي أكبر هاشمي رفسنجاني، بشأن إشراف مجلس خبراء القيادة على أداء المرشد الأعلى والمؤسسات التابعة له، معتبرا إياها «غير قانونية وبلا أساس»، وقال إن «البعض يدعون إلى إشراف مجلس خبراء القيادة على المرشد الأعلى، وهم يعبرون في الواقع عن أمنياتهم وتطلعاتهم غير القانونية». وشبه لاريجاني تصريح رفسنجاني حول إشراف مجلس خبراء القيادة على أداء المرشد بـ«إشراف المقلدين على أداء مراجع التقليد»، مشددا على أن القانون الأساسي «يوضح مواصفات وخصائص المرشد الأعلى» في إيران. وكان حوار رفسنجاني، الأحد الماضي مع وكالة أنباء «إيلنا» الإصلاحية، قد أعاد الجدل حول خليفة خامنئي ومواصفاته بعدما أعلن حفيد خميني، حسن خميني، الترشح لمجلس خبراء القيادة المكلف باختيار المرشد الأعلى. وكان رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام كشف عن تشكيل لجنة «تبت في أهلية المرشحين» لتولي منصب المرشد الأعلى، واستعداد مجلس خبراء القيادة إلى «تغييره أو غيابه»، كما عاد على خلفية الحوار والأحاديث حول الوضع الصحي للمرشد الأعلى علي خامنئي. وفي هذا الصدد، قال الصحافي المختص في الشؤون الداخلية الإيرانية، رضا حقيقت نجاد، لـ«الشرق الأوسط»، إن «أقوال رفسنجاني حول ضرورة الإشراف على القائد والرد السريع من صادق لاريجاني، خلقت تكتلين في انتخابات مجلس خبراء القيادة، أسوة بالانتخابات البرلمانية، وهو ما يريده رفسنجاني تحديدا»، مضيفا أن «انتخابات مجلس خبراء القيادة في إيران تُجرى عادة في مناخ غير سياسي». كما رأى أن دخول حسن خميني على الساحة الانتخابية والتحرك الانتخابي لهاشمي رفسنجاني زادا من حساسية انتخابات مجلس خبراء القيادة السياسية، موضحا أن «انتخابات مجلس خبراء القيادة تتزامن مع الانتخابات البرلمانية هذا العام، وأي تكتل سياسي يمكنه أن يترك تأثيرا على نتائج الانتخابات الأخرى». من جهته، لمح رفسنجاني إلى تقويض سلطات مجلس خبراء القيادة من المرشد الأعلى، مشددا على أن المجلس يشرع قوانينه بنفسه، و«لا أحد بإمكانه أن يوجه أوامر إليه»، نظرا للمهام الحساسة التي يقوم بها المجلس. كما رفض تسريب ونشر طبيعة اتخاذ القرار وتفاصيل ما يجري في جلسات مجلس خبراء القيادة المغلقة. ويمنح تركيز رفسنجاني على اختيار المرشد الأعلى الثالث انتخابات مجلس خبراء القيادة في فبراير (شباط) المقبل، حساسية غير مسبوقة في تاريخ إيران. وقال رفسنجاني إن «مجلس خبراء القيادة يدرس الوضع ويستعد عندما يتقرر تغيير خامنئي أو يخلفه شخص آخر»، وأوضح أن «مجموعة تم اختیارها تدرس من يملكون الأهلية حتى إذا حدث أمر ما بإمكانه طرحه المرشح للتصويت عليه». وعن لجنة انتخاب خليفة المرشد الأعلى، أفاد حقيقت نجاد بأن «نشاط تلك اللجنة يعود إلى قانون تأسيسها في عام 1984، ووفقا لذلك القانون تتكفل اللجنة المكونة من خمسة عشر شخصا باختيار الأفراد الصالحين لخلافة المرشد الأعلى. لكن اللجنة لم تقم بذلك في زمن خميني، إنما اختير خامنئي لمنصب المرشد الأعلى بعد تأييده من خميني». وتابع: «للمرة الأولى، تحدث إبراهيم أميني عضو مجلس خبراء القيادة في 1988 (بعد تسعة أعوام على وفاة خميني) عن وجود لجنة لاختيار المرشد الأعلى كذلك في 2006 لأول مرة، تضم ثلاثة أشخاص لاختيار خليفة المرشد»، موضحا أن جلسات اللجنة سرية، و«ليس من الواضح من تم اختيارهم». واستطرد: «على الرغم من ذلك فإن أعضاء مجلس خبراء القيادة يقولون إن اللجنة الثلاثية التي يعتقد أن يكون محمد يزدي، رئيس مجلس خبراء القيادة، أحدها، تجتمع أسبوعيا وتسعى للتعرف على أفراد صالحين لشغل منصب ولاية الفقيه واختيار واحد منهم». في المقابل «يعتقد رفسنجاني أنه لا يوجد شخص حاليا يستحق أن يكون خليفة خامنئي، وفق ذلك يجب التمهيد لشورى قيادية» بدلا من منصب المرشد الأعلى. وحول «الشورى القيادية» التي من المحتمل أن تأخذ مكان المرشد الأعلى، قال إن الشورى كانت حتى 1989 ضمن القانون الأساسي الإيراني، لكن مع إعادة النظر في القانون الأساسي تم حذفها. ورجح أن تكون العودة إلى «الشورى القيادية» ضمن أولويات هاشمي رفسنجاني، لكن «المهمة تبدو شاقة وتواجه معارضة كبيرة». وفي السياق نفسه، أشار حقيقت نجاد إلى الأسماء المرشحة في الأوساط الإيرانية لخلافة خامنئي، وأبرزهم محمود هاشمي شاهرودي، وصادق لاريجاني، وعبد الله جوادي آملي، إلى جانب تدوال حسن خميني، ومجتبى خامنئي نجل المرشد الأعلى علي خامنئي لشغل المنصب. في المقابل، قال محلل الشؤون الإيرانية إن «التكهن في هذا الخصوص أصعب من التكهن بانتخاب خامنئي خلفا لخميني في 1989»، ورأى أن سبب ذلك يعود إلى أن «المؤسسات الفاعلة أصبحت أكثر تنوعا، والتيارات السياسية أكثر تعقيدا»، موضحا أن المؤسسات العسكرية مثل الحرس الثوري والتيارات المحافظة المتشددة «تتمتع بقوة أكبر في التدخل والتأثير»، مقارنة بعام 1989، مما يصعب «مهمة اختيار المرشد». كما ذكر أن «هناك تكهنات قوية تشير إلى أن خامنئي قد يختار خليفة بعد موته، منعا للشرخ السياسي، وإن كان تأثير ذلك ضعيفا»، موضحا أن إيران ستشهد شرخا سياسيا كبيرا في عصر ما بعد خامنئي، كما شهدت تغييرا واسعا وجذريا في تشكيلة المشهد السياسي الإيراني بعد خميني. ويأتي هذا التصريح بعد أيام من إعلان حسن خميني، حفيد مؤسس الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ترشيحه رسميا لانتخابات مجلس خبراء القيادة، واكتمال حلقة التحالف الإصلاحي والمعتدل، كما كان متوقعا منذ أشهر في مواجهة التيار المتشدد والأصولي، ليكون التنافس بين التيارات السياسية الفاعلة في السلطة الإيرانية مفتوحا على كل الاحتمالات. ومن المتوقع أن تستمر ردود الأفعال من كبار السياسيين والقادة العسكريين على تصريحات رفسنجاني حول أداء المرشد، لا سيما أنه من أبرز المتهمين بالوقوف وراء أزمة الانتخابات الرئاسية في 2009 بوصفه شريكا للإصلاحيين كروبي ومير حسين موسوي.
مشاركة :