مكة المكرمة ـ البلاد رعى صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة أمس، ندوة (الفتوى في الحرمين الشريفين وأثرها في التيسير على القاصدين) التي أقامتها الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، بالشراكة مع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء بالمسجد الحرام. وفور وصول سموه افتتح المعرض المصاحب الذي يضم أجنحة تقدم إحصاءات عن أعداد المشائخ والفتاوى المقدمة في الحرمين الشريفين والمخطوطات والكتب والإصدارات المتعلقة بالفتوى وأعمال التطويف والمطوفين وجهود هيئة المسجد الحرام. وصدر عن الندوة بيان، ثمن فيه المشاركون الدعم غير المحدود الذي يجده الحرمان الشريفان وقاصديهما ومنظومة الحج والعمرة والزيارة من القيادة الحكيمة -أيدها الله- مؤكدين أهمية إبراز مكانة الفتوى ومنزلتها، والتزام المملكة العربية السعودية منهج الوسطية والاعتدال في شتى المجالات، وخصوصًا في الفتوى، وعنايتها ببناء المفتين، وحرصها على توعية ضيوف الرحمن لتحقيق مقاصد العبادة ، وتأكيد أهمية استثمار التقنية والذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي ومواقع التواصل في ربط الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن مع الطاقات الاستيعابية مع الأحكام المتغيرة بتغيرها؛ لبيان الإجابة للسائلين عن الأحكام الشرعية في الحرمين الشريفين. ودعا البيان إلى العمل على إنشاء مركز معلومات يُعنى بجمع الفتاوى المتعلقة بالحرمين الشريفين في قاعدة بيانات، مع العناية بترجمتها وتحويلها رقميًا لتعم بنفعها العالم الإسلامي، وإعداد موسوعة تكون معلمة للفتوى، ورقية ورقمية، ذات تشجير علمي، تراعي تنوع الأحوال واختلاف المذاهب، وتستفيد من الذكاء الاصطناعي في التعرف على حال المستفيد -المستفتي- وإيصاله للسؤال وجوابه المناسب لحاله، وجمع المسائل والنوازل في الحرمين الشريفين والفتوى الصحيحة فيها ، وطالب البيان بتفعيل الجانب التوعوي بإعداد مقاطع مرئية؛ توضح الأحكام المتعلقة بالحج والعمرة والزيارة، وتكون مترجمة بلغات متعددة تخاطب ضيوف الرحمن بلغاتهم، وإعداد أدلة إلكترونية ترشد ضيوف الرحمن وتوعيهم بأحكام المسائل التي تعرض لهم في محطات رحلتهم، وتتفاعل بنظام الذكاء الاصطناعي معهم بحسب المكان والتوقيت وخصائصه الديموغرافية. وأكد أهمية توعية وتأهيل العاملين في خدمة ضيوف الرحمن عمومًا بالأحكام المتعلقة بالخدمات التي يقدمونها، وما يطرأ عليها من أحوال، والالتزام بعدم السماح بأن يفتي أو يجيب السائلين عن المسائل الشرعية إلا المؤهل بالعلم الشرعي، الوسطي في منهجه، المعتدل في فكره، وأن تيسير الفتوى وتغيرها سائغ لأسبابه المقررة عند أهل العلم لكنه يؤخذ من العلماء الراسخين، والتحذير من المواقع المجهولة أو غير الموثوقة والعناية بالفتاوى الجماعية عند النوازل العامة من الهيئات العلمية والمجامع الفقهية، والتزام من يجيب السائلين عن الأحكام الشرعية في الحرمين الشريفين بالأنظمة المرعية، حفاظًا على انتظام خطط تقديم الخدمات وإدارة الحشود، دون تحزب أو تعصب لمذهب أو طائفة، والإفتاء وإجابة السائلين عن المسائل الشرعية بالفتاوى المشهورة وتجنب الفتاوى الشاذة، وتوحيد الاجتهاد في المناسك ما أمكن، ومراعاة التيسير في الفتوى، فيما لا يخالف نصًّا أو إجماعًا قطعيًا، ولا ينطوي على تتبع الرخص. كما حث البيان على مراعاة أسلوب الخطاب في الفتوى واتصافه بالسعة والتسامح وآداب الاختلاف بين العلماء، وتجنب خطاب العنصرية والكراهية ، وأن يراعي من يفتي ويجيب السائل إيضاح الفتوى وسهولة عرضها وفهم المستفتي لها؛ مراعاةً لتعدد ثقافات المستفتين في الحرمين الشريفين ومذاهبهم، وإفهام المستفتي أن تغير الفتوى واختلاف المذاهب هو في المسائل التي يسوغ فيها الخلاف وفق أدلة معتبرة، والإرشاد للحلول الشرعية لمن وقع في مشكل، ومراعاة التدرج خاصة مع حديثي الإسلام، والحرص على جمع الكلمة والحذر من الفرقة والخلاف، وتعزيز دور الفتوى في حفظ الأمن في المجتمعات وحقوق الأوطان والسمع والطاعة لولاة الأمر، ومكافحة التطرف والتشدد والعنف والإرهاب، وتعزيز الشراكة بين الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي والرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء والجامعات العريقة؛ لبناء خطة استراتيجية للفتوى، وبرامج تأهيلية تجمع بين البناء العلمي والتطوير المهاري، واستثمار التقانة من خلال أكاديميات متخصصة، يمولها القطاع الثالث؛ تؤهل من يمارس الفتوى وإجابة السائلين عن المسائل الشرعية ليتحصن بالعلم المؤصل مع مواكبة الوسائل واطلاع على واقع المستفتين والسائلين. ودعا البيان إلى إقامة مثل هذه الندوة العلمية في المسجد النبوي الشريف، وإقامة مؤتمر علمي عالمي يزخر ببحوث وأوراق عمل، ضمن جلسات متعددة، تخدم الفتوى بالحرمين الشريفين، وتحمل فروعا في النوازل الشرعية، وتكوين فريق عمل مشترك من الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، والرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء؛ لجمع الشروط والضوابط التي ذكرت في هذه الندوة، وإخراجها في لائحة تنظيمية ، والتعاون مع جامعاتنا العريقة واهتمامها بطرح مشروعات بحثية ورسائل علمية وإقامة كرسي بحثي للعناية بفقه الفتوى وما يتعلق به من علوم ومسائل، لا سيما ما يختص به الحرمان الشريفان وأثر الفتوى في التيسير على القاصدين. وطالب البيان بتخصيص مرشدات من عضوات هيئة التدريس بالكليات الشرعية بالجامعات بالمملكة؛ يقمن بمهمة التوجيه والإرشاد للسائلات بالحرمين الشريفين خدمةً للقاصدات في الفتاوى ولاسيما التي تخص المرأة، والاهتمام بالفتوى في مناهج التعليم، ومن ذلك: إدراج مادتين مستقلتين بمسمى: “أصول الإفتاء” “الأحكام والنوازل المتعلقة بالحرمين الشريفين”، تدرس ضمن مقررات الكليات الشرعية بالجامعات على أن تعكف لجنة متخصصة على وضع المنهج العلمي ، واستقبال المبادرات النوعية للإسهام في خدمة الفتوى في الحرمين الشريفين، من خلال بريد إلكتروني هو: ([email protected])، تستقبل من خلاله الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي طلبات مبادرات كبرى في خدمة الفتوى بالحرمين الشريفين وأثرها في التيسير على القاصدين، على أن تتضمن الضوابط المتبعة في طرح المبادرات النوعية، وتكوين فريق عمل إشرافي من الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي والرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء، ينبثق عنه فريق تنفيذي لمتابعة تنفيذ هذه التوصيات بعد اعتمادها. وفي نهاية الحفل، كرم سمو مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة، القائمين على أعمال الندوة.
مشاركة :