في خزائن تحت الأرض بالقرب من ساحات القتال في أوكرانيا، يتعرض الرمز الجيني لما يقرب من ألفي محصول لخطر التدمير الأبدي. واشتد القلق في وقت سابق من الشهر الحالي عندما تضررت منشأة أبحاث بالقرب من بنك البذور الوطني في أوكرانيا، وفقا لكروب تراست، وهي منظمة غير ربحية أنشأتها منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو). ويقع مقر كل من تلك المنشأة وبنك البذور الأوكراني في خاركيف شمال شرقي أوكرانيا التي تتعرض لقصف مكثف من القوات الروسية. ولم يتسن لـ"رويترز" تحديد سبب الأضرار لكن كروب تراست قالت إن منشأة الأبحاث تعرضت للقصف، وأحجمت عن الإدلاء بمزيد من التفاصيل لأسباب أمنية. وأفلت بنك البذور بصعوبة. ولم يتم أخذ نسخ سوى لـ4 في المائة فقط من بذور المستودع الأوكراني، وهو عاشر أكبر مكان للتخزين من نوعه في العالم. وقال شتيفان شميتس المدير التنفيذي لكروب تراست "بنوك البذور نوع من التأمين للحياة البشرية. إنها توفر المواد الخام لتربية سلالات نباتية جديدة مقاومة للجفاف والآفات الجديدة والأمراض الجديدة ودرجات الحرارة المرتفعة". وأضاف "ستكون خسارة مأساوية إذا تم تدمير بنك البذور الأوكراني". وتعذر الوصول إلى مدير بنك البذور، ورفضت أكاديمية العلوم الأوكرانية التعليق، ولم ترد وزارة الدفاع الروسية حتى الآن على طلب للتعليق على تضرر المنشأة البحثية. ويعتمد الباحثون على المواد الجينية المتنوعة التي تخزنها بنوك البذور لتربية نباتات يمكنها مقاومة تغير المناخ أو الأمراض. وازدادت أهمية ذلك لضمان إنتاج ما يكفي من الغذاء كل موسم لإطعام 7.9 مليار شخص في وقت أصبح فيه الطقس في العالم أكثر قسوة. وفي الوقت ذاته، أدت الحرب بين روسيا وأوكرانيا، ثالث ورابع أكبر مصدرين للحبوب في العالم على الترتيب، إلى زيادة تضخم أسعار المواد الغذائية وخطر ندرة الغذاء مع اندلاع الاحتجاجات في البلدان النامية التي تستفيد في المعتاد من الحبوب الأوكرانية. قدمت الحرب في سورية درسا في أهمية تخزين البذور باستخدام قبو سفالبارد العالمي للبذور في النرويج، وهو أكبر وأهم مرفق لتخزين احتياطيات البذور في العالم. ففي عام 2015، تمكن قبو سفالبارد من إرسال عينات بديلة من القمح والشعير والأعشاب المناسبة للمناطق الجافة إلى الباحثين في لبنان بعد تدمير بنك بذور بالقرب من حلب. وفي المجمل يوجد في قبو سفالبارد، الذي أقيم عند سفح جبل في القطب الشمالي، ما يزيد على مليون عينة من البذور. ويتضمن ذلك 4 في المائة من بذور أوكرانيا البالغ عددها 150 ألفا وتمثل أكثر من 1800 محصول. وجمعت منظمة كروب تراست، التي تتخذ من ألمانيا مقرا لها وهي المنظمة الدولية الوحيدة التي يتمثل هدفها الوحيد في حماية تنوع المحاصيل، الأموال اللازمة لأوكرانيا لأخذ نسخ من البذور، لكن المشكلات الأمنية واللوجستية المرتبطة بالحرب والدورات الطبيعية تعني أن من الصعب التعجيل بهذه العملية. وقال شميتس إنه في أفضل الأحوال يمكن نسخ نحو 10 في المائة من البذور الأوكرانية في غضون عام لأنها تحتاج إلى زراعتها ونموها وحصادها في الوقت المناسب قبل استخراج نسخ منها وإرسالها إلى سفالبارد. وأحد الإجراءات الطارئة هو التخلي عن النسخ وشحن المجموعة إلى سفالبارد، لكن شميتس قال إن هذا قد لا يكون ممكنا في زمن الحرب. وكانت البذور السورية من منطقة الهلال الخصيب، التي يعتقد أن الزراعة المستقرة ظهرت فيها، ولدى أوكرانيا أيضا مكانة كبيرة في الزراعة. من جهته، أكد وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف أمس أن حل أزمة الغذاء العالمية التي أثارتها حرب أوكرانيا، في أيدي الغرب وكييف. وبحب "الفرنسية"، أدت الحرب والعقوبات الغربية إلى تعطل عمليات إيصال القمح وغيره من المواد الأساسية من البلدين، ما أثار القلق حيال خطر الجوع في العالم. وقال لافروف إن الدول الغربية "تسببت في كثير من المشكلات المصطنعة عبر إغلاق موانئها أمام السفن الروسية وتعطيل السلاسل اللوجستية والمالية". وأضاف "عليهم التفكير جديا بما هو أهم بالنسبة إليهم: القيام بحملة علاقات عامة مرتبطة بمشكلة أمن الغذاء أو اتخاذ خطوات ملموسة لحل المشكلة". كذلك، دعا لافروف أوكرانيا لنزع الألغام من مياهها الإقليمية للسماح بعبور السفن بشكل آمن عبر البحر الأسود وبحر آزوف. وأفاد "إذا تم حل مشكلة نزع الألغام .. ستضمن قوات البحرية الروسية مرور هذه السفن من دون عراقيل إلى المتوسط ومن ثم إلى وجهاتها". وتنتج روسيا وأوكرانيا نحو 30 في المائة من موارد القمح العالمية.
مشاركة :