هناك في أرض طي، حدث دوي كروي، الطائي العتي، هزم الإتي القوي، وابتعد عن شبح الهبوط المعتم الأسي، ونقل الصدارة من حي إلى حي، هو يلعب لمصلحته ولاسمه الأبي ولونه البهي، هو مستقل هو رأس ومع منسوبيه بار وفيّ، حتى وإن اعتراه أحياناً العيّ، يبقى له وميضه ونوره وجزيلٌ من الضيّ.. تركي الضبعان، قال للآتي الميدان يا حميدان، فانتصر فريقه وكسب الرهان، وهذا ليس بجديد على الطائي فمن سالف الزمان، وهو يغير بوصلة الدوري ويلخبط سلم الترتيب ويقلب الميزان، حتى لقب بصائد الكبار وهو للدوري بمثابة الحصان، يعزف هذا الفارس العنيد على أرض الملعب أعذب الألحان ويرسم أجمل الفنون فوق الميدان، فتنبهر الأعين وتشرئب الأعناق وتتشنف الآذان، بأقل المصروفات والإيرادات يعبث بسلم الدوري.. يغربل الفرق.. يطيح بهم.. يجهز عليهم بمصروفات بلغت فقط تسعة عشر مليوناً وثمان. بأمر "صادر" من حائل، يبدو أنه لن يحول بين الهلال وبطولة الدوري حائل، كثيرون سلموا البطولة للاتحاد وقليل المتفائل، بسبب الفارق النقطي الهائل، وكثرة التبريكات المقدمة له والرسائل، بيد أنهم نسوا أو تناسوا أن الهلال عالم من الخمائل، وللبطولات كاسب نائل، وللأمجاد دائماً في طليعة الأوائل، ولن تسقطه أو تثنيه الدسائس والحبائل. قوة زرقاء، تهبط من السماء، فيصعق برقها من يعترض دربها كلما ظهر قمر المساء، لتجتث ما تبقى من الأحلام وتحول المشاريع إلى ركام وتمزق الطموحات إلى أشلاء وحطام فتتناثر بين الأرجاء، كلما ثارت الهيجاء، تجد هذا الهلال أقمرٌ أغرٌ ساطعُ ناصعٌ بكل شموخ وإباء وكبرياء، انصهروا في بوتقة واحدة مشكلين فسيفساء، ملونة لعلها تسقطه من عليائه فعلى عليهم وانتصر وبالبدلاء. كان الفارق ست عشرة نقطة، في عالم الكرة العودة هنا هي رابعة المستحيلات وثامنة العجائب ومجرد التفكير فيها ضرب من الجنون وشيء من الهلس والهذيان ولكنه الهلال والسر في "الخلطة"، حضر البيج رامون ومعه مشرطه وكامل أدواته والخطة، تتالى الفوز تقلص الفارق اختنق الآتي.. ارتبك… ذُهل.. ثم أتته الخبطة، بعدها رفع الهلال راية التحدي على سارية الإصرار فوق هضبة العزيمة وكتب التاريخ وعلق اليفطة، "هاتريك الدوري لنا ولن نتنازل عنه ولن نخضع للسفسطة". إن أردت البطولة فالزعيم لك بالمرصاد، وإن أردت الأول فدون ذلك خرط القتاد، وإن فكرت في اقتناصه يكون هو القناص والصياد، ومن يجعل "الهلال" بازاً لصيده تصيده "الهلال" فيما تصيد أيها الاتحاد. تُثار حفيظته يُستفز كبريائه تُمس هيبته فيكون رده أليم وعقابه وخيم وعلى رؤوس الأشهاد، في جده معقل الآتي وأمام أنصاره كان الجزاء ثلاثة كانت قابلة للإزدياد، من هنا استرد العرش وبدأ سحب بساط الصدارة والسجاد، فلعلك فهمت الدرس هذه المرة وحفظت منه ما يستفاد؟! قف أنت أمام إرثٍ تليد ومجدٍ عظيم لن يُطال، فهذا الهلال "يخلط" الأوراق والنقاط والمنافسين ولن يدع لالتقاط الأنفاس أي مجال، يقوض المشاريع يبدد الطموح يجهض الجموح ويقض المضاجع ويقضي على الآمال، في حضرة الهلال لا يُضمن دوري ولا صدارة. لا يؤمن جانبه في ظفر ولا نصر حتى تحين الصافرة فلا يصعب عليه شيء أو يستحال. هناك قاعدة ثابتة وقناعة راسخة في كرة القدم.. "لا تأمن الهلال، وقس على هذا الحال وعلى ذلك النسق والمنوال".
مشاركة :