مقالة خاصة: من المسؤول عن التضخم في الولايات المتحدة

  • 5/31/2022
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

"تبدو الأشياء حقا في حالة ارتفاع. الوقود ارتفع. الإيجار ارتفع. الطعام ارتفع. كل شيء". قد يضحك الرئيس الأمريكي جو بايدن على هذه الدعابة في عشاء مراسلي البيت الأبيض، لكنه لا يستطيع أن يضحك في مواجهة الحقائق. ويؤثر التضخم على حياة الأمريكيين كل يوم - في محلات البقالة ومحطات الوقود وضمن سبل العيش. وفوجئت سوزان بولاك، وهي مديرة عقارات كانت تتسوق في كوستكو في كاليفورنيا، عندما وجدت أن سعر الكيس الكبير من ورق التواليت قد ارتفع من 17 دولارا أمريكيا إلى 25 دولارا. وفي متجر الجزارة المحلي القريب منها، سجلت الأسعار ارتفاعا يتجاوز ذلك: أكثر من 200 دولار لحزمة من خمسة أضلاع قصيرة. ويشعر أمريكيون آخرون بلسعة التضخم أيضا. ووفقا لمكتب إحصاءات العمل الأمريكي، ارتفعت أسعار المستهلكين بنسبة 8.3 في المائة في أبريل 2022 مقارنة بالعام السابق. وعلى الرغم من التيسير الطفيف على أساس سنوي، يواصل التضخم الزيادة ضمن أسرع وتيرة تقريبا منذ قرابة 40 عاما، ومن غير المرجح أن يهدأ على المدى القصير. عندما تصبح الضروريات اليومية أغلى ثمنا، يتعلم الأمريكيون الطريقة الصعبة للادخار ليوم ممطر. فالشباب الذين لا يزال عليهم أقساط قروض طلابية لسدادها يحققون أقصى استفادة ممكنة من بطاقاتهم الائتمانية. والأشخاص الذين يعيشون على فقط على مرتباتهم لا يحصلون إلا على أجور ثابتة في حين ارتفعت تكاليف المعيشة بشكل كبير. وتجني أنجي غودمان حوالي 15 دولارا في الساعة كمدبرة منزل. وعادة ما تأكل اللحم مرة واحدة في الأسبوع. ولكن الآن بعد أن تضاعف سعر شرائح اللحم، قالت غودمان إنها قد تضطر إلى خفض استهلاكها من اللحم إلى مرة واحدة شهريا. وقد يستطيع الراشدون التعامل مع خفض السعرات الحرارية، ولكن ليس الأطفال الذين يخاطرون بسوء التغذية. وبسبب قضايا السحب من السوق على الصعيد الوطني وتحديات سلسلة التوريد، تسبب نقص الحليب الصناعي في حالة من الذعر والخوف لدى الأسر الأقل حظا. إن تسارع ارتفاع الأسعار يضر بالفئات الضعيفة من المجتمع بشدة، ويقوض مستوى المعيشة، ويسبب تآكل ثقة العامة في توقعات النمو. وأظهر استطلاع أجرته مؤسسة غالوب أن 42 في المائة من الأمريكيين يصفون الظروف الاقتصادية الحالية بأنها "سيئة"، ويعتقد 70 بالمائة أن الاقتصاد الأمريكي "يزداد تدهورا"، و78 في المائة غير راضين عن الاتجاه الذي تتجه إليه الولايات المتحدة. وبالرغم من أن الولايات المتحدة لم تخرج بعد من نفق الوباء، فإن القضية التي تهم الشعب الأمريكي أكثر من غيرها قد تحولت من كوفيد-19 إلى الاقتصاد والتضخم، وفقا لمسح أجرته ((سي إن بي سي)). ويلقي بعض الأمريكيين باللوم بشكل مبرر على المجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، الذي أعطى سابقا الاقتصاد دفعة قوية من خلال التيسير الكمي. واعتقد الناس أن ثرواتهم آخذة في الازدياد، حيث ارتفعت أسعار الأصول بشكل كبير بسبب فيضان السيولة بعد جولات من السياسات المالية العدوانية. وأدى "تأثير الثروة" هذا إلى توسع الاستهلاك وانتعاش الطلب الكلي. ومن الطبيعي أن يؤدي الطلب المتزايد في السوق إلى ارتفاع الأسعار، وتفاقم الارتفاع بسبب النقص المحلي الناجم عن الوباء. وحقيقة أن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي ترك أبواب الفيضان مفتوحة على مصراعيها وسط الوباء أدت في النهاية إلى ارتفاع الأسعار. ولكن لا ينبغي إلقاء كامل اللوم عن التضخم على البنك المركزي، لأن قراراته كانت أكثر مهنية على الأقل من تلك التي اتخذها بعض كبار المسؤولين في واشنطن. فقد اعتادت الحكومة الأمريكية منذ فترة طويلة على رؤية العالم من خلال النظارات السياسية وإهمال سبل عيش الناس في هذه العملية. في عام 2018، فرضت إدارة ترامب تعريفات جمركية كبيرة على الصين، وهي لا تزال سارية المفعول على الرغم من أن بايدن يتولى منصبه منذ أكثر من عام. لكن المستهلكين الأمريكيين هم الذين يعانون من ارتفاع تكلفة المعيشة بسبب رفع الرسوم الجمركية. ووفقا لوكالة موديز، يتحمل المستهلكون الأمريكيون ما مقداره قرابة 93 في المائة من التعريفات الجمركية على السلع الصينية مثل المعادن والألواح الشمسية. وخلص معهد بيترسون للاقتصاد الدولي إلى أن خفض التعريفات على السلع الصينية من شأنه أن يخفض التضخم في الولايات المتحدة بمقدار 1.3 نقطة مئوية. واعترفت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين في 22 أبريل بأن خفض الرسوم الجمركية الأمريكية على السلع الصينية "يستحق الدراسة" لأنه قد يساعد في تخفيف التضخم. ربما تفكر الإدارة الحالية في إزالة التعريفات الجمركية المفروضة في عهد ترامب. ولكن في غضون ذلك، فإنها تخلق المزيد من الألم الذاتي من خلال فرض عقوبات غير مسبوقة على روسيا، مما أدى إلى تعطيل سلسلة التوريد العالمية ورفع التضخم في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة نفسها. وحذر محمد العريان، كبير المستشارين الاقتصاديين في أليانز، من أن الأزمة الأوكرانية قد تدفع التضخم في الولايات المتحدة إلى ما فوق 10 في المائة. وكانت الطاقة السبب الرئيسي لارتفاع الأسعار، وفقا لمكتب إحصاءات العمل الأمريكي. وسجلت أسعار الطاقة الإجمالية مستوى أعلى بنسبة 30.3 في المائة عن العام السابق، أي أكثر من ثلاثة أضعاف معدل التضخم الكلي. وارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 9.4 في المائة عن العام السابق. وارتفع مؤشر اللحوم والدواجن والأسماك والبيض 14.3 بالمائة عن العام السابق، وهي أكبر زيادة سنوية منذ عام 1979. وبدأت الحكومة الأمريكية في تقديم دول أخرى ككبش فداء لإخفاقاتها السياسية. ولكن سياسات أمريكا الأنانية وحربها التجارية هي التي تسببت في التضخم الذي تشهده وأدامته. والأسوأ لم يأت بعد. وأشار غولدمان ساكس إلى أن فرص حدوث ركود في الولايات المتحدة في عام 2023 قد زادت بشكل حاد إلى نحو 20-30 في المائة. ويتوجب على الولايات المتحدة أن تكون أكثر فطنة. إذ بعد كل شيء، فإن المواطن الأمريكي العادي هو الذي يتحمل الألم كله.■

مشاركة :