معراب (لبنان) - أعلن سمير جعجع زعيم حزب القوات اللبنانية المسيحي اليوم الأربعاء أن حزبه سيرفض أي شخص متحالف مع حزب الله الشيعي المسلح لمنصب رئيس الوزراء وسيلتزم بمقاطعته للحكومة إذا تشكلت حكومة توافقية جديدة. وتأتي تصريحات جعجع بينما ينفتح المشهد السياسي في لبنان على المزيد من المواجهة بعد الانتخابات التشريعية الأخيرة التي جاءت ببرلمان مشتت وأنهت نسبيا هيمنة حزب الله بعد خسارة حلفائه أمام صعود خصومهم من حزب القوات اللبنانية والمستقلين. والمواجهة السياسية التي غالبا ما تنزلق إلى عنف بين أنصار هذا الفريق أو ذاك تبدو ملازمة للمشهد اللبناني منذ عقود وترسخت خلال السنوات الماضية مع جمود سياسي وانهيار اقتصادي وهيمنة الجماعة الشيعية اللبنانية التي دفعت بكل قوة لبنان إلى سياسة المحاور منتهكة مبدأ توافقت عليه كل القوى وهو الناي بالبلاد عن الصراعات الإقليمية. ويعاني لبنان من واحدة من أسوأ الانهيارات الاقتصادية في العالم وفقا للبنك الدولي، حيث فقدت الليرة 90 بالمئة من قيمتها منذ عام 2019. وحذر محللون من أن الانقسامات في مجلس النواب ستؤخر على الأرجح التوافق على قوانين الإصلاح اللازمة لإخراج لبنان من الأزمة. ويمكن لهذه الانقسامات أيضا خلق فراغ في المناصب القيادية العليا. وفي حين حصل حزب القوات اللبنانية والنواب المستقلون الجدد على المزيد من المقاعد في انتخابات الشهر الماضي، إلا أنهم فشلوا في حرمان نبيه بري حليف حزب الله من نيل رئاسة البرلمان للمرة السابعة في جلسته الأولى منذ انتخابه أمس الثلاثاء. وقال سمير جعجع زعيم حزب القوات اللبنانية لرويترز "إذا حكومة مثل العادة مع الكل أكيد ما منوافق وما منشارك"، مضيفا "ما ينبسطوا كتير (حزب الله)"، موضحا أن الانقسامات في البرلمان ستؤدي إلى "مواجهة كبيرة" بين حزب الله المدعوم من إيران وحلفائه من جهة وحزب القوات اللبنانية من جهة أخرى. وكانت جلسة الثلاثاء هي الأولى منذ انتخاب البرلمان الجديد في 15 مايو/أيار، في أول انتخابات تعقد منذ الانهيار الاقتصادي في لبنان وتفجير مرفأ بيروت عام 2020 الذي أودى بحياة أكثر من 215 شخصا. وتأسس حزب القوات اللبنانية كحركة مسلحة خلال الحرب الأهلية اللبنانية التي دارت رحاها في الفترة من 1975-1990 لكنه ألقى السلاح رسميا بعد الصراع. وشارك الحزب في البرلمان والحكومة لكنه اختار الانسحاب من الأخيرة منذ عام 2019 عندما اندلعت احتجاجات واسعة النطاق مناهضة للحكومة في بيروت. ورفض النواب المستقلون أدوار حزب القوات اللبنانية في الحرب وفي العملية السياسية في الآونة الأخيرة، لكن جعجع قال إن النواب الجدد لن يكون لهم تأثير يذكر إذا لم يتحالفوا مع حزبه، مضيفا "نحن كلنا سوا بحاجة لبضعنا مشان نقدر نقوم بعملية التغيير والإنقاذ المطلوبة". ويتطلب نظام الحكم في لبنان الآن من الرئيس ميشال عون حليف حزب الله وخصم القوات اللبنانية، التشاور مع نواب البرلمان بشأن اختياراتهم لمنصب رئيس الوزراء. ورفض جعجع الإفصاح عما إذا كان حزب القوات اللبنانية سيدعم فترة ولاية جديدة لرئيس الوزراء الحالي والمرشح الأوفر حظا نجيب ميقاتي أو أن حزبه سيدعم اسما مختلفا. وتستمر الحكومة الجديدة بضعة أشهر فقط، حيث من المقرر أن ينتخب البرلمان خليفة لعون الذي تنتهي فترته الرئاسية في 31 أكتوبر/تشرين الأول. وبعد ذلك سيعين الرئيس التالي رئيسا جديدا للوزراء. ووصل عون إلى السلطة كرئيس في 2016 بدعم من حزب القوات اللبنانية بعد عقود من التنافس الشديد بين الاثنين، لكن جعجع قال إن حزبه سيستخدم حق النقض ضد أي مرشح رئاسي يدعمه حزب الله هذه المرة.
مشاركة :