بغداد - تشيع ظاهرة الإفلات من العقاب في العراق عن جرائم خطف وتعذيب واغتيالات طالت نشطاء عراقيين من منتقدي عناصر وميليشيات مسلحة وجهات سياسية، بيئة من الخوف والترهيب. ويفيد تقرير صدر الخميس عن الأمم المتحدة بأن هذه الظاهرة التي برزت خاصة خلال الحراك الشعبي العراقي في 2019، خلقت مناخا من الخوف وقيدت حرية التعبير، مشيرا إلى أن 'الافلات من العقاب' لا يزال مستمرا. أشار التقرير الصادر عن بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) ومكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان إلى "دفع تعويضات لعوائل معظم الضحايا الذين قتلوا خلال التظاهرات" التي عمّت البلاد في 2019. لكنه وثّق في الوقت نفسه في الفترة ما بين 1 مايو/ايار 2021 و30 ابريل/نيسان من العام الحالي 26 حادثةً قامت بها "عناصر مسلحة مجهولة الهوية" بهدف "قمع المعارضة والانتقاد"، استندت إلى 27 مقابلة فردية ولقاءات مع السلطة القضائية في محافظة بغداد ومحافظات جنوبية. من بين الحوادث "حادثة قتل مستهدف واحدة وثلاث محاولات قتل مستهدف وخمسة اعتداءات عنيفة ومداهمة منزل و 14 هجوما بعبوات ناسفة وهجوم اختطاف واحد وحادثة تدمير ممتلكات والعديد من التهديدات غير العنيفة". وأشار التقرير خصوصا إلى أن "مسلحين مجهولين قتلوا بالرصاص في مايو 2021، ناشطا بارزا في كربلاء ومنسقا للتظاهرات". وشهد العراق في أكتوبر/تشرين الأول 2019، موجة تظاهرات كبيرة غير مسبوقة، عمّت العاصمة ومعظم مناطق جنوب البلاد، طالب خلالها المحتجون بتغيير النظام، لكن الحركة تعرضت لقمع دام أسفر عن مقتل أكثر من 600 شخص وأصيب ما لا يقل عن 30 ألفا بجروح. وتراجع زخم التظاهرات كثيرا منذ ذلك الوقت، لكن العديد من الناشطين واصلوا المطالبة بالمساءلة ومحاسبة المسؤولين عن قمع التظاهرات وقتل ناشطين. وتعهدت الحكومة برئاسة مصطفى الكاظمي التي تولت المسؤولية في مايو/ايار 2020، محاكمة المتورطين في قتل المتظاهرين والناشطين. لكن "السلطات العراقية قد اتخذت خطوات محدودة في التحقيق بمقتل وجرح المتظاهرين والمنتقدين والناشطين بصورة غير قانونية"، وفق التقرير. وأعربت الأمم المتحدة عن قلقها من "تعرض قضاة وضباط تحقيق والناشطين الذين يطالبون بالمساءلة للتهديد والترهيب أو الهجوم العنيف من قبل أشخاص يعتقد أنهم مرتبطون أو يدعمون عناصر مسلحة". ولاحظ التقرير أنه في حين "يتم تنفيذ معظم الجرائم بدون الكشف عن هوية الجناة"، فإن "المعلومات تشير إلى أن المحتجزين والمدانين قد ينتمون إلى جماعات مسلحة معروفة تعمل خارج سيطرة الدولة". وأشار التقرير خصوصا إلى قتل المحلل السياسي هشام الهاشمي الذي اغتيل في 6 يوليو/تموز الماضي في بغداد أمام منزله. وأورد التقرير أنه "في فبراير (شباط) 2022 تم تأجيل المحاكمة للمرة الرابعة حتى 16 مايو 2022 و تم تأجيلها بالنتيجة بدون ذكر موعد محدد بسبب عدم إمكان إحضار المتهم إلى المحكمة". في المقابل، تسلّمت 509 عائلات من ذوي ضحايا التظاهرات منحة بقيمة 10 ملايين دينار عراقي (نحو 7 آلاف دولار).
مشاركة :