يعود مهرجان "أيام بيروت السينمائية" بعد غياب استمر ثلاث سنوات، بسبب جائحة كورونا والأوضاع الاقتصادية في لبنان، ليعلن عن عودة الحياة إلى المهرجانات السينمائية اللبنانية رغم الواقع الصعب. وأوضحت جمعية "بيروت دي سي" التي تنظّم المهرجان في بيان أنها "تعود إلى الواجهة مع مهرجان أيام بيروت السينمائية في دورته الحادية عشرة التي تُقام بين 10 و19 يونيو 2022 بعد غياب عن صالات السينما، وعلى الرغم من الظروف التي تعصف حاليا بلبنان". وإذ أشارت الجمعية إلى أن حضور الأفلام سيكون مجانياً، أفادت بأن الأعمال ستُعرض مجدداً خارج العاصمة، في صالات تتوزع على العديد من المناطق في جنوب لبنان وشماله وشرقه. وأوضحت الجمعية أن "المهرجان يزخر ببرنامجٍ متنوّع يضمّ أفلاما حديثة وأخرى تتعامل مع الماضي". اختتام أيام بيروت السينمائية سيكون مع عرض لفيلم "البحر أمامكم" للمخرج اللبناني إيلي داغر وقالت المديرة الفنية للمهرجان ريهام عاصي إن الأفلام اللبنانية المعروضة لا تتناول تطورات الأعوام الثلاثة الأخيرة من جائحة كوفيد - 19 أو انفجار مرفأ بيروت أو تظاهرات 2019 الاحتجاجية أو الأزمة الاقتصادية والاجتماعية لكنها "تتناول ما عاشه اللبنانيون خلال العقدين الأخيرين" والذي تشكّل الأحداث الأخيرة امتداداً له. وخصص المهرجان إحدى فئاته بعنوان "مدار بيروت دي سي" لعرض "سلسلة متنوعة من الأفلام التي رافقتها الجمعية "في رحلتها خلال مختلف مراحل الإنتاج"، و"باتت اليوم تحصد الجوائز وتُكافأ في أعرق المهرجانات" السينمائية. وتضمّ هذه الفئة ثلاثة أفلام، بينها فيلم "فرحة" الأردني الذي يُفتتح به المهرجان بحضور مخرجته دارين سلام. وفاز هذا الفيلم أخيرا بجائزة لجنة التحكيم في مهرجان مالمو للسينما العربية في السويد. وتدور أحداث الفيلم حول الفتاة "فرحة" ذات الاثنتي عشر ربيعا، والتي كانت تعيش طفولة هادئة لتنقلب حياتها رأسا على عقب بعد أحداث النكبة عام 1948، وتتجرّد من كل حقوقها كطفلة، وتضطر كباقي أفراد جيلها إلى أن تتذوّق مرارة الرعب والخوف المتكرّر، فضلا عن الحرمان من التعليم، لكنها تشبّثت بالأمل لتجاوز مآسيها وتصرّ على إكمال تعليمها رغم القيود المجتمعية. كما سبق لـ"فرحة" أن شارك في مهرجانات سينمائية عربية، وحصد العديد من الجوائز في أيام قرطاج السينمائية وملتقى بيروت السينمائي وأيام بيروت السينمائية، كما حازت صاحبته منحة للإقامة في المدينة الدولية للفنون عام 2017 وأخرى من منظمة الأفلام المستقلة. وتضمّ فئة أفلام "مدار بيروت دي سي" أيضا الفيلم الوثائقي "كباتن الزعتري" للمخرج المصري علي العربي الذي سبق أن شارك في مسابقة الأعمال الوثائقية في مهرجان ساندانس السينمائي عام 2021. ويتناول الفيلم قصة صديقين محاصرين بطموحاتهما داخل مخيم الزعتري للاجئين في الأردن، حيث يحلم كل منهما باحتراف لعبة كرة القدم يومًا ما، وتقترب أحلامهما من التحقق حينما تزور أكاديمية رياضية مشهورة عالميًا المخيم الخاص بهما بحثًا عن المواهب. فيلم "فرحة" الأردني الذي يُفتتح به المهرجان لمخرجته دارين سلام حصد العديد من الجوائز عربيا وأوروبيا فيلم "فرحة" الأردني الذي يُفتتح به المهرجان لمخرجته دارين سلام حصد العديد من الجوائز عربيا وأوروبيا والفيلم حاصل على جائزة لجنة التحكيم الخاصة لأفضل فيلم عالمي وثائقي وطويل من مهرجان هوت سبرينغز، للأفلام الوثائقية. وجائزة نجمة الجونة الذهبية في دورته الخامسة لأفضل فيلم عربي وثائقي طويل. وجائزة هلال لأفضل فيلم طويل من مهرجان أجيال السينمائي في دورته التاسعة، وباختيار اللجنة المنظمة لكأس العالم 2022. أما اختتام أيام بيروت السينمائية فسيكون مع "البحر أمامكم" للمخرج اللبناني إيلي داغر. وسبق لهذا الفيلم الروائي الطويل أن عرض ضمن فعالية "أسبوعَي المخرجين" في مهرجان كان السينمائي عام 2021. والفيلم يحكي قصة فتاة شابة تدعى "جنى" تعود إلى بيت أهلها في منتصف الليل تاركة وراءها ماضيا سيئا في باريس. وتلاحقها ضغوط التأقلم مع الأسرة من جديد، كما يثقل عليها الكشف عن تفاصيل حياتها خارج لبنان. ومع شعورها بأنها محاصرة يظهر قلقها مرة أخرى، مما يدفعها إلى أن تُحيي روابطها وتجد الأمان في جزء مختلف من حياتها في بيروت كانت قد هجرته منذ وقت طويل، في حياة انصهرت فيها مشاعر الألفة والغربة معا في آن واحد. استئناف المهرجان السينمائي يكرس عودة الحياة إلى الأنشطة الثقافية في لبنان بعد توقف ناجم عن جائحة كوفيد ويعدّ الفيلم لسان حال لبنان واللبنانيين خاصة خلال العقد الماضي، إذ يتناول الأحداث التي يعيشها البلد منذ عقود وتتفاقم لتصل بمعظم اللبنانيين إلى حالة ذهنية متأرجحة إلى درجة فقدان الرؤية، والابتعاد التدريجي عن الواقع، وكذلك الاغتراب الذي دفع أغلب اللبنانيين إلى الهجرة خارج بلادهم، في حين أصبحت النسبة الأخرى ممن تشبثوا بالبقاء داخل أرض الوطن يشعرون بالاغتراب داخل لبنان. وفي برنامج المهرجان فئة بعنوان "أنا هويت" تتضمن أفلاما عربية أخرى، في حين خصصت فئة "هذا المكان" لعرض "أفلام قديمة وجديدة". وفيما تتنافس ضمن مسابقة المهرجان مجموعة أفلام قصيرة معظمها لمخرجين لبنانيين، "موضوعها الأساسي هو علاقة الأشخاص بالفضاء الذي يشغلونه"، تقام عروض لأشرطة قصيرة أخرى لمخرجين عرب معظمهم مصريون. وتترافق العروض مع أنشطة أخرى، بينها نقاشات، ومعرض يستعيد بالفيديو والصور ماضي وسط مدينة بيروت بين عامي 1935 و1975، وحفلة موسيقية تقدّم فيها مختارات من الأغنية المصرية الكلاسيكية أدّتها ممثلات ومغنّيات كليلى مراد وهدى سلطان وصباح وشادية وسعاد حسني، في أفلام موسيقية عُرضت بين عامي 1935 و1972. ويكرس استئناف مهرجان "أيام بيروت السينمائية"، عودة الحياة إلى الأنشطة الثقافية في لبنان، بعد توقف ناجم عن تقاطع جائحة كوفيد - 19 مع أزمة اقتصادية حادة جدا والانفجار المروع الذي هزّ المدينة في أغسطس 2020.
مشاركة :