برز جيل جديد من أصحاب الأعمال في هونغ كونغ وسنغافورة والصين الشعبية يتمتع بعقلية مغايرة عن تلك الأفكار الغربية السائدة المرتبطة بمفهوم ريادة الأعمال وذلك وفقاً لدراسة جديدة أجراها بنك HSBCللخدمات المصرفية الخاصة. تظهر الدراسة، التي تقوم على أساس استبانة أجري على أكثر من 2.800 من أصحاب المشاريع والأعمال النشطين ممن تزيد قيمة أصولهم وثرواتهم عن 1 مليون دولار أمريكي، بأن رواد الأعمال في هذه الأسواق الآسيوية يختلفون من حيث الدوافع والإنجازات والعوائق خلال مسيرة تكوين وتأسيس أعمالهم عن نظرائهم من رواد الأعمال في العالم الغربي. البدء في سن مبكرة تظهر الدراسة أن رواد الأعمال في منطقة آسيا لديهم توجهات مختلفة بشكل ملحوظ في مسيرتهم المهنية حيث يتميزون بالميل للبدء بتكوين أعمالهم في سن مبكرة والاعتماد بشكل أكبر على الدعم من العائلة والأصدقاء. كما أن متوسط العمر لرواد الأعمال في آسيا ممن يبدؤون للمرة الأولى في تأسيس اعمالهم الخاصة هو 29 عاماً (مقارنةً ب 34 عاماً في الغرب). وتجدر الإشارة إلى أن أربعة من أصل عشرة (41%) من رواد الأعمال هؤلاء لا يزالون دون سن 35 عاماً. فبالنسبة للأشخاص الموجودين في الدول الآسيوية، لكي تصبح من رواد الأعمال فهذا يعني أنه قرار مدروس وأكثر وضوحاً، حيث إن رواد الأعمال ينظرون إلى أنفسهم على أنهم رجال أعمال فقط عندما تطور مهاراتهم المهنية، سواء في الجامعة أو الكلية (28٪) أو حالماً يكتسبون قدراً من الخبرة العملية (45%). ويمكن مقارنة هذا الأمر مع الأشخاص الآخرين في دول مثل فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة حيث من المرجح جداً أن يكون لديهم أفكار تجعلهم يعتقدون بأنهم رجال أعمال (26% مقارنة ب 14% في آسيا). ولقد تمكن العنصر النسائي من إحراز التقدم في مجال تأسيس وتشغيل الأعمال في الدول الآسيوية. فهناك اثنان من أصل خمسة من رواد الأعمال (40%) هم من النساء، ونصفهن تقريباً ما دون سن 35 عاماً. ففي هونغ كونغ، يعتبر متوسط عدد النساء من رائدات الأعمال مقارنة بمتوسط عدد الرجال متساوي تقريباً (48% إناث إلى 52% ذكور)، بينما في سنغافورة والصين الشعبية، فإن النسبة تبدو أقل نوعاً (36% و37% إناث على التوالي). وعلى الرغم من المبادرات التي تم اتخاذها بهدف زيادة عدد رواد الأعمال من الإناث في الغرب، إلا أن 31% من أصحاب الشركات الذين شملهم الاستبيان هم من الإناث حيث توجد النسبة الأقل في ألمانيا (21%) والمملكة المتحدة (27%). هناك نسبةً أكبر من النساء اللاتي يمتلكن ثروات - إذ إن أكثر من النصف (51%) من راود الأعمال في آسيا ممن يزيد صافي ثرواتهن على 15 مليون دولار أمريكي هم من النساء، مقارنةً ب 33% في الغرب. ومتوسط حجم ثروات أصحاب المشاريع من النساء في هذه الأسواق هو 4.6 مليون دولار أمريكي مقارنةً بمتوسط ثروات الرجال 4.0 ملايين دولار أمريكي. وتأتي سنغافورة في مكان الصدارة بمتوسط ثروات أصحاب المشاريع من النساء يزيد عن متوسط ثروات أصحاب المشاريع من الرجال في الأسواق الغربية (4.6 مليون دولار أمريكي مقابل 4.8 مليون دولار أمريكي). وقال نيك ليفيت، رئيس مجموعة الحلول العالمية في بنك HSBC للخدمات المصرفية الخاصة: لقد كشفت هذه الدراسة بأنه على الرغم من حجم الترابط البيني المتزايد والعولمة مقارنةً بالماضي، إلا أن الثقافة والمجتمع والاقتصادات قد يكون لها تأثيرٌ كبير على ما يعنيه أن تكون من رواد الأعمال في مناطق وأماكن مختلفة. مشاريع طويلة الامد إن أصحاب المشاريع الآسيويين يركزون بشكل أكبر على مشاريعهم على المدى الطويل مقارنةً بنظرائهم في الغرب. و ينطبق هذا الحال بشكل أكبر على الصين الشعبية حيث أن أقل من الربع (24%) من أصحاب المشاريع لديهم نية بإنهاء أعمالهم وتصفيتها مقارنة بأكثر من النصف (55%) من أصحاب المشاريع في المملكة المتحدة ممن عبروا عن نيتهم ببيع شركاتهم.ومن الجدير بالملاحظة أيضاً بأنه بينما يقوم أصحاب المشاريع في هذه الأسواق بإدارة شركات أكبر إلا أنهم يمتلكون ثروات فردية أصغر مقارنةً بنظرائهم من أصحاب الشركات في الغرب. إذ يقول أصحاب المشاريع الآسيويين بأن هدفهم الرئيسي هو تحقيق متوسط أرباح بمقدار 12 مليون دولار أمريكي، وهو ضعف ما عليه الحال في الغرب. إلا أن متوسط حجم ثرواتهم الفردية يبلغ 16.2 مليون دولار أمريكي يعد أقل من متوسط حجم ثروات أصحاب المشاريع في الغرب. وعلّق نيك ليفيت قائلاً: حالماً يصل حجم ثروات أصحاب المشاريع الغربيين إلى مستوى معينً، فإن العديد منهم يقوم بتوسيع أنشطتهم لتشمل العديد من المشاريع الأخرى أو الانتقال إلى مشاريع جديدة. أما بالنسبة لأصحاب المشاريع الآسيويين الذين يفخرون بتأسيس شركات أعمال عريقة وناجحة، فإن هناك تركيزا أكبر على تنمية مشاريعهم الحالية. شبكة العلاقات تأثير شبكة علاقات الأصدقاء والعائلة: دعم موثوق أو تعقيد إضافي من أبرز النتائج التي تم التوصل إليها هو أهمية الشبكات العائلية والشخصية بالنسبة لرواد الأعمال الآسيويين، حيث إن أكثر من نصفهم (54%) يأتون من العائلات التي تمتلك شركاتها الخاصة مقارنةً ب 43% من أصحاب المشاريع في أوروبا والولايات المتحدة. وهناك نسبة مشابهة من أصحاب المشاريع في آسيا (49%) ممن يستفيدون من ثروات عائلاتهم عند تأسيس مشاريعهم الأولى، بينما 26% منهم يسعون لإقامة مشاريع استثمارية مع أصدقائهم أو معارفهم الشخصية. أما في الصين الشعبية، فإن ثروة العائلة تلعب دوراً مهماً أكبر في تأسيس الشركات حيث إن 61% من أصحاب المشاريع يقومون بتمويل مشاريعهم الأولى عن طريق هذا المصدر في حين أن 32% منهم يسعون للحصول على التمويل من خلال أصدقائهم أو معارفهم الشخصيين. في حين يمكن للعلاقات والصلات غير الرسمية أيضاً أن تعود بالنفع أو الضرر على حدٍ سواء. فشبكات العلاقات الشخصية المحدودة تعتبر العائق الثالث الأكثر شيوعاً أمام تحقيق أهداف الشركات في الأسواق الآسيوية التي خضعت للدارسة والذي يأتي مباشرةً بعد الأوضاع الاقتصادية والمنافسة. ولقد عبر ما يقارب الثلث (30%) من أصحاب المشاريع في المنطقة بأن هذا الأمر يشكل عائقاً، مقارنةً بواحد من أصل عشرة فقط (12%) من أصحاب المشاريع الذين شملتهم الدراسة في الدول الغربية. وعلق نيك ليفيت قائلاً: دائماً ما تلعب الصلات والروابط الشخصية دوراً مهماً بالنسبة لأصحاب المشاريع بغض النظر عن المنطقة الجغرافية. ففي آسيا، يمكن لهذه الصلات والروابط الشخصية أن توفر الدعم المالي بالإضافة إلى الإرشادات القيّمة لأصحاب المشاريع. ويدرك أصحاب المشاريع من الجيل التالي قيمة بناء شبكات قوية بشكل فعلي. هذه النتائج التي تم التوصل إليها هي جزء من تقرير بنك HSBC للخدمات المصرفية الخاصة حول رواد الأعمال، والمقرر إطلاقه في أوائل عام 2016. ويقوم هذا التقرير على أساس مقابلات أجريت مع أكثر من 2.800 من رجال الأعمال وأصحاب المشاريع ممن لديهم أصول وثروات تزيد قيمتها على 1 مليون دولار أمريكي في دول مثل هونغ كونغ وسنغافورة والصين الشعبية والولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا. ويعتبر التقرير من أكبر وأكثر التحليلات عمقاً وسبراً لدوافع وتوجهات أصحاب المشاريع والشركات في الأسواق الدولية الرئيسية. ثقافة ريادة الأعمال تتمتع ثقافة ريادة الأعمال وتكوين أعمال حرة بأصول وجذور عميقة في عقلية المجتمعات في الدول الآسيوية ويظهر ذلك بشكل أكبر من خلال الأجيال المتتابعة، ولذلك فإنه من الطبيعي أن يكون هناك العديد من رواد الأعمال من الشباب في هذه الأسواق. وفي الواقع، فإن العديد من رواد الأعمال من الشباب اليوم ينحدرون من عائلات تمتلك شركاتها الخاصة حيث أتيحت لهم فرصةً اكتساب المهارات والخبرات اللازمة التي تمكنهم من تحقيق النجاح المطلوب. السعي لتحقيق النجاح بدءاً من التركيز على تنمية المشروع إلى التحول إلى تأسيس مشاريع متعددة. الثروات الشخصية عند النظر إلى العوامل المحركة لنشاط تنظيم الأعمال والمشاريع التجارية والإنجازات الناتجة عنها، يقول أصحاب الشركات العاملة في هونغ كونغ وسنغافورة والصين الشعبية بأن الثروات الشخصية المتزايدة هي عبارةً عن خليط من الدوافع المحركة الأكثر أهمية لبدء مشروع جديد (20%) وأحد إنجازاتهم الشخصية المميزة (16%). ويتم موازنة هذا الطموح الشخصي بوجود رغبة في العطاء. فغالباً ما يعبر الأشخاص في هذه الأسواق عن رغبتهم في إحداث تأثير إيجابي على اقتصادهم ومجتمعهم باعتباره السبب الأكثر أهمية في اختيارهم لأن يصبحوا من أصحاب المشاريع. وفي حين أنهم يقومون بتقديم تبرعات منتظمة للجهات الخيرية مثل نظرائهم في الغرب، إلا أنهم يرغبون بالقول بأن مساهماتهم الخيرية تعكس قيمهم الاجتماعية أو الثقافية أو الدينية (42% مقابل 33%) وأن هناك استراتيجية واضحة تعطي شكلاً لمساهماتهم الخيرية (54% مقابل 38%).ويعلق نيك ليفيت قائلاً: كما سبق وأن رأينا في بحثنا، فإن الثقافات الآسيوية تولي أهمية كبيرة لدور العائلة، وتعد هذه الشبكات غير الرسمية من العلاقات جزءاً مهماً جداً من حياة الشركات.ومن الجدير بالملاحظة أيضاً بأنه من المرجح لأصحاب الشركات الآسيوية القيام بالتبرع إلى المجتمع عن طريق الأعمال الخيرية، ولكن تبرعاتهم ومساهماتهم الخيرية تعتبر استراتيجيةً أكثر من كونها عفويةً، ويتم إعطاؤها شكلاً أكبر من خلال القيم المجتمعية والثقافية أكثر من القيم الشخصية.
مشاركة :