قبل يوم واحد من عقد الجلسة الأولى للجنة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية، التي يرأسها إبراهيم بودربالة، في إطار الهيئة الاستشارية من أجل جمهورية جديدة، عبّرت قيادات ثلاثة أحزاب تونسية، من ضمن ستة أحزاب وُجِّهت إليها الدعوة، عن رفضها المشاركة في جلسات الحوار الوطني، وهذه الأحزاب هي: «آفاق تونس، وحزب المسار الديمقراطي الاجتماعي، وحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد»، وهو ما قد يربك سير عمل هذه اللجنة المهمة، التي سبق أن قاطعها الاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال). في المقابل، تُنتظر مشاركة زهير المغزاوي رئيس حزب «حركة الشعب»، وزهير الحمدي رئيس حزب «التيار الشعبي»، وعبيد البريكي رئيس «حركة تونس إلى الأمام»، وهي أحزاب داعمة لخيارات الرئيس التونسي قيس سعيد، منذ إعلانه عن التدابير الاستثنائية في 25 من يوليو (تموز) 2021. وقال حزب «آفاق تونس»، الذي يرأسه محمد الفاضل عبد الكافي، إن الحوار الوطني «استشاري وصوري وشكلي، ويفتقر إلى الحد الأدنى من المصداقية والشرعية»، مؤكداً أن الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تمرّ بها تونس، «تنذر بعواقب كارثية». في السياق ذاته، جدد حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد رفضه المشاركة في «حوار معلوم النتائج والمخرجات». فيما أعلن حزب «المسار الديمقراطي الاجتماعي» عن اعتذاره عن عدم المشاركة في أعمال لجنة الحوار الوطني، وتمسكه بالنهج التشاركي لإنقاذ تونس. مبرزاً أن المسار التشاوري «لا يوفر أرضية ملائمة لحوار جدي». وكانت خمسة أحزاب معارضة قد أعلنت أول من أمس عن إطلاق حملة لإسقاط الاستفتاء، وهي: «حزب العمال، والتيار الديمقراطي، والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، والجمهوري، وحزب القطب، وأكدت مقاطعة الاستفتاء. غير أن حمة الهمامي، رئيس حزب «العمال» المتزعم لهذا التحالف السياسي، أكد عدم تحالفه مع حركة «النهضة»، وأكد أنه لا علاقة له بجبهة الخلاص، التي تتزعمها الحركة. كما نفى علاقة هذه الأحزاب بالتحركات والمواقف الصادرة عن «الحزب الدستوري الحر»، الذي تتزعمه عبير موسي. على صعيد آخر، وبخصوص ردود الأفعال على قرار الرئيس عزل عشرات القضاة بتهمة الفساد، وتعطيل ملفات لها علاقة بالإرهاب، عبّرت وزارة الخارجية الأميركية عن قلقها من قرار الرئيس، ومن «تحوير القواعد التي تحكم المجلس الأعلى المؤقت للقضاء»، وطالبت الحكومة التونسية «إطلاق عملية إصلاح شفافة، تشرك المجتمع المدني والطيف السياسي المتنوع». معتبرة أن هذه الإجراءات «قوّضت المؤسسات الديمقراطية المستقلة في تونس»، على حد تعبيرها. في السياق ذاته، اعتبرت جمعية القاضيات التونسيات (هيكل قضائي مستقل) أن الأمر الرئاسي المتعلق بإعفاء 57 قاضياً «يعد انحرافاً خطيراً بالسلطة، الهدف منه فرض إرادة السلطة التنفيذية على القضاة، وترهيب البقية منهم، بهدف تطويعهم»، ودعت السلطة التنفيذية إلى «التراجع فوراً عن هذا الأمر الرئاسي، واعتباره باطلاً». كما دعت إلى تمكين القضاة المعفيين من جميع ضمانات الدفاع والمحاكمة العادلة في إطار تأديبي أو قضائي. وحمّلت السلطة التنفيذية «المسؤولية الكاملة للسلامة الجسدية والمعنوية والمادية للقضاة المعفيين»، الذين وردت أسماؤهم في الأمر الرئاسي. في سياق ذلك، أعلن مصدر قضائي في تونس أمس، أن القضاة المعزولين من مناصبهم سيلجأون إلى المحكمة الإدارية لطلب إلغائه، في وقت دعت فيه جمعية القضاة التونسيين إلى مجلس طارئ رداً على قرار الرئيس. وقال القاضي المستشار بمحكمة التعقيب في العاصمة، محمد عفيف كشك، أحد معارضي قرار الرئيس سعيد، لوكالة الأنباء الألمانية، إن القضاة سيطعنون في الأمر الرئاسي بكل الطرق القانونية، وسيرفعون دعوى أمام المحكمة الإدارية لإلغاء قرار العزل. وحسب التعديل الجديد للمرسوم لا يمكن الطعن على الأمر الرئاسي المتعلق بإعفاء قاضٍ إلا بعد صدور حكم جزائي باتٍّ في الأفعال المنسوبة إليه. وأضاف كشك أن التعديل الإضافي الذي أقدم عليه الرئيس فوّت على القضاة فرصة التقدم بطلب إلغاء تنفيذ القرار خلال شهرين من صدوره. مبرزاً أن الأمل المتبقي هو النظر إلى فقه القضاء في قضايا مشابهة سابقاً، ومن بينها ما حدث عام 2012 حينما عزل وزير العدل آنذاك أكثر من 80 قاضياً، عملوا في حقبة النظام السابق قبل ثورة 2011 بدعوى تورطهم في الفساد. لكن المحكمة الإدارية ألغت قرار الوزير بعد الطعن ضده لأنها رأت انحرافاً في الإجراءات. من جهتها، نددت «جمعية القضاة التونسيين» بقرار الرئيس عزل القضاة، ووصفته بـ«المذبحة القضائية». وقالت إنها تأتي في سياق تصفية عدد من القضاة ممن تمسكوا بتطبيق القانون بحيادية. ودعت الجمعية إلى مجلس طارئ يوم السبت «للتداول بشأن التداعيات الخطيرة للأمر الرئاسي».
مشاركة :