دور الثقافة في تشكيل الوعي العربي

  • 6/4/2022
  • 01:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

في‭ ‬العاصمة‭ ‬الإماراتية‭ ‬أبو‭ ‬ظبي،‭ ‬التأم‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬4‭ ‬أيام‭ ‬معرض‭ ‬أبو‭ ‬ظبي‭ ‬الدولي‭ ‬للكتاب‭ ‬حيث‭ ‬وزعت‭ ‬فيه‭ ‬جوائز‭ ‬الشيخ‭ ‬زايد‭ ‬للكتاب،‭ ‬وأقيمت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ندوة،‭ ‬لربما‭ ‬كان‭ ‬أهمها‭ ‬مساهمة‭ ‬الجوائز‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬حركة‭ ‬ثقافية‭ ‬فاعلة،‭ ‬باعتبارها‭ ‬محفزا‭ ‬كبيرا‭ ‬وقوة‭ ‬محركة‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬تغيير‭ ‬المشهد‭ ‬الإبداعي،‭ ‬ونجح‭ ‬في‭ ‬إثارة‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المواضيع‭ ‬والقضايا‭ ‬التي‭ ‬تشغل‭ ‬بال‭ ‬المتابعين‭ ‬للجوائز،‭ ‬كتابا‭ ‬ومبدعين‭ ‬ونقاداً‭ ‬وإعلاميين‭ ‬وناشطين‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭.‬ وقد‭ ‬شارك‭ ‬في‭ ‬الندوة،‭ ‬التي‭ ‬استجلبت‭ ‬حضورا‭ ‬قويا‭ ‬فاقت‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬الندوات،‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬الأخ‭ ‬والصديق‭ ‬علي‭ ‬بن‭ ‬تميم‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬لجائزة‭ ‬الشيخ‭ ‬زايد‭ ‬للكتاب‭ ‬وهو‭ ‬صاحب‭ ‬الدعوة‭ ‬في‭ ‬الأساس،‭ ‬والدكتور‭ ‬عبد‭ ‬العزيز‭ ‬السبيل،‭ ‬أمين‭ ‬عام‭ ‬جائزة‭ ‬الملك‭ ‬فيصل،‭ ‬والدكتور‭ ‬هشام‭ ‬عزمي،‭ ‬أمين‭ ‬عام‭ ‬جائزة‭ ‬نجيب‭ ‬محفوظ‭ ‬في‭ ‬مصر،‭ ‬والدكتور‭ ‬طالب‭ ‬الرفاعي،‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬أمناء‭ ‬جائزة‭ ‬الملتقى‭ ‬للقصة‭ ‬القصيرة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬الكويت،‭ ‬والشاعر‭ ‬علي‭ ‬عبدالله‭ ‬خليفة،‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬لجائزة‭ ‬عيسى‭ ‬لخدمة‭ ‬الإنسانية‭ ‬من‭ ‬البحرين،‭ ‬وأسعد‭ ‬عبد‭ ‬الرحمن،‭ ‬عضو‭ ‬مجلس‭ ‬الأمناء‭ ‬والرئيس‭ ‬التنفيذي‭ ‬‮«‬لمؤسسة‭ ‬فلسطين‭ ‬الدولية‮»‬‭.‬ الثقافة‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحاضر‭ ‬تفهم‭ ‬بشكل‭ ‬أكثر‭ ‬اتساعاً‭ ‬مما‭ ‬كانت‭ ‬عليه‭ ‬سابقا،‭ ‬فقد‭ ‬باتت‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬تناول‭ ‬الإنسان‭ ‬بكليته‭ ‬جسداً‭ ‬وروحاً‭ ‬وعقلاً‭ ‬ووجداناً‭. ‬ويشكل‭ ‬هذا‭ ‬المفهوم‭ ‬عاملاً‭ ‬قوياً‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬إعلان‭ ‬الحق‭ ‬بالثقافة،‭ ‬والحق‭ ‬في‭ ‬المبادلات‭ ‬الثقافية‭. ‬لذا،‭ ‬ستظل‭ ‬هكذا‭ ‬لقاءات‭ ‬وما‭ ‬ينجم‭ ‬عنها‭ ‬من‭ ‬عصف‭ ‬فكري‭ ‬حاضر‭ ‬في‭ ‬أذهان‭ ‬من‭ ‬يهتمون‭ ‬بضرورة‭ ‬العمل‭ ‬الثقافي‭ ‬العربي‭ ‬المشترك‭ ‬بين‭ ‬مكونات‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬الكبير،‭ ‬فوحدهما‭ ‬الفكر‭ ‬والثقافة‭ ‬ما‭ ‬زالا‭ ‬قادرين‭ ‬على‭ ‬جمع‭ ‬العرب،‭ ‬كل‭ ‬العرب‭ ‬بسلام‭ ‬وحب‭ ‬واحترام‭ ‬للحوار‭ ‬وتبادل‭ ‬للرأي‭.‬ الثقافة،‭ ‬تلعب‭ ‬دوراً‭ ‬جوهرياً‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬الإنسان‭ ‬وتطوير‭ ‬المجتمع‭ ‬وتقدمه‭ ‬وبلورة‭ ‬الوعي‭ ‬الإنساني،‭ ‬خصوصا‭ ‬الثقافة‭ ‬ذات‭ ‬الطابع‭ ‬والمضمون‭ ‬الوطني‭ ‬الديمقراطي‭ ‬والحضاري‭ ‬الموجه،‭ ‬وهي‭ ‬شرط‭ ‬أساسي‭ ‬وضروري‭ ‬للممارسة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬وتوفير‭ ‬المساواة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬وتجذير‭ ‬القيم،‭ ‬التي‭ ‬تعطي‭ ‬دفعاً‭ ‬لتطور‭ ‬الإنسانية‭ ‬وتقدمها‭.‬ عندما‭ ‬نتلمس‭ ‬الواقع‭ ‬العربي‭ ‬نرى‭ ‬تأخرا‭ ‬سببه‭ ‬الأساس‭ ‬عدم‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالثقافة‭ ‬واعتبارها‭ ‬أمرا‭ ‬هامشيا‭ ‬في‭ ‬تكوين‭ ‬وصناعة‭ ‬الإنسان‭.‬ ‭ ‬والأزمات‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬تمر‭ ‬بها‭ ‬المجتمعات‭ ‬العربية‭ ‬خلفت‭ ‬وراءها‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المشكلات‭ ‬في‭ ‬ميدان‭ ‬الثقافة،‭ ‬متجاهلين‭ ‬أن‭ ‬الثقافة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تحيا‭ ‬تحت‭ ‬عباءة‭ ‬السياسة‭. ‬لقد‭ ‬فشل‭ ‬الساسة‭ ‬والنخب‭ ‬والطبقات‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬إزالة‭ ‬الحواجز‭ ‬والحدود‭ ‬الوهمية‭ ‬بين‭ ‬شعوب‭ ‬شقيقة،‭ ‬تاريخها‭ ‬ومستقبلها‭ ‬مشتركان‭. ‬ ففي‭ ‬عالمنا‭ ‬العربي،‭ ‬نحن‭ ‬نعاني‭ ‬من‭ ‬واقع‭ ‬تجزئة‭ ‬وعينا‭ ‬الثقافي‭ ‬وليس‭ ‬من‭ ‬التجزئة‭ ‬السياسية‭ ‬فحسب،‭ ‬لذا،‭ ‬فقد‭ ‬استوجب‭ ‬على‭ ‬النخب‭ ‬الثقافية،‭ ‬أن‭ ‬تأخذ‭ ‬المبادرة‭ ‬لتقوية‭ ‬أواصر‭ ‬الاتصال‭ ‬والترابط‭ ‬بين‭ ‬الشعوب‭ ‬العربية‭ ‬الشقيقة‭.‬ نحن‭ ‬في‭ ‬الأمة‭ ‬العربية‭ ‬لم‭ ‬ننجح‭ ‬بعد‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬وحدتنا‭ ‬السياسية،‭ ‬ولا‭ ‬يبدو‭ ‬لي‭ ‬أننا‭ ‬قريبون‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬ذاك‭ ‬الحلم‭. ‬لكنني‭ ‬أرى‭ ‬أننا‭ ‬سنكون‭ ‬أقرب،‭ ‬إن‭ ‬نحن‭ ‬جعلنا‭ ‬الثقافة‭ ‬مدخلا‭ ‬ولو‭ ‬مؤقتا،‭ ‬للمدخل‭ ‬السياسي‭. ‬فالثقافة‭ ‬تجمع‭ ‬ولا‭ ‬تفرق‭. ‬ثم‭ ‬هي‭ ‬الباب‭ ‬الذي‭ ‬نعبر‭ ‬منه‭ ‬جميعا‭ ‬إلى‭ ‬التوحيد‭ ‬السياسي‭ ‬المأمول‭ ‬والمنشود‭.‬ نعم،‭ ‬نؤمن‭ ‬بإمكانية‭ ‬تغيير‭ ‬الواقع‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬نشر‭ ‬الثقافة‭ ‬والوعي‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬وتدريجياً‭ ‬عندما‭ ‬يصطلح‭ ‬المجتمع‭ ‬ويصبح‭ ‬جاهزا‭ ‬لنضج‭ ‬ووعي‭ ‬معين‭ ‬سيسمح‭ ‬بالمساعدة‭ ‬في‭ ‬التغيير‭ ‬السياسي‭.‬ كلمة‭ ‬‮«‬ثقافة‮»‬‭ ‬كلمة‭ ‬عريقة‭ ‬في‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬أصلاً،‭ ‬تعني‭ ‬صقل‭ ‬النفس‭ ‬والمنطق‭ ‬والفطانة‭ ‬والذكاء‭. ‬وفي‭ ‬القاموس‭ (‬المحيط‭): ‬ثقف‭ ‬–ثقفاً–‭ ‬وثقافة‭ ‬وتعني‭ ‬صار‭ ‬حاذقاً‭ ‬–‭ ‬خفيفاً‭ ‬–‭ ‬فطناً‭.. ‬وثقفه‭ ‬–‭ ‬تثقيفاً‭ ‬بمعنى‭ ‬سواه،‭ ‬وهي‭ ‬تعني‭ ‬تثقيف‭ ‬الرمح،‭ ‬أي‭ ‬تسويته‭ ‬وتقويمه‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يملكه‭ ‬المثقفون‭ ‬وربما‭ ‬لا‭ ‬يملكه‭ ‬السياسيون‭. ‬

مشاركة :