الاتحاد العام التونسي للشغل يجر الأحزاب المترددة إلى لعبة لي ذراع مع رئاسة الجمهورية

  • 6/4/2022
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

ترى أوساط سياسية أن الاتحاد العام التونسي للشغل نجح في ما عجزت عنه حركة النهضة الإسلامية وحلفاؤها في ما يسمى بجبهة “الخلاص”، بتأثيره على موقف القوى السياسية والمدنية المترددة في المشاركة في الحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس قيس سعيد. وتشير الأوساط السياسية إلى أن العديد من القوى ذات التوجهات المختلفة، عمدت طيلة الفترة الماضية إلى تجنب إعلان أي موقف حيال المسار الذي خطه الرئيس سعيد منذ الخامس والعشرين من يوليو، ولاسيما في علاقة بالحوار الوطني، بانتظار حسم قيادة الاتحاد لموقفها. وتلفت الأوساط إلى أن قيادة الاتحاد الممثلة في أمينه العام نورالدين الطبوبي وباقي أعضاء المكتب التنفيذي، كانت على مدار الفترات الماضية تتفاوض نيابة عن تلك القوى، وتدفع باتجاه إشراكها في رسم سيناريوهات الخروج من الوضع الاستثنائي في تونس، ليس بهدف الدفاع عن التعددية ومشاركة مختلف الطيف السياسي في الإصلاحات بل لضمان نفوذ الاتحاد في السلطة السياسية، ولكن حينما فشل في مسعاه انقلب على المسار الحالي الذي سبق وأن أبدى تأييدا له. الأحزاب مضطرة إلى مسايرة الاتحاد، خصوصا أن لا وزن شعبيا لها، وهي تستمد قوتها فقط من دعم المنظمة النقابية ويعد الاتحاد العام التونسي للشغل أكبر منظمة نقابية في تونس، لكنه أيضا يحظى بنفوذ سياسي واسع، وتمكن على مدى العقود الماضية من خلق حزام حزبي مشكل من طيف ذي توجهات قومية ويسارية خدمة لأجندته، ليقلب بذلك المعادلة المعهودة في العالم والتي تقوم على تطويع القوى السياسية للنقابات لتحقيق أهدافها. وتوضح الأوساط أن عقدة الخلاف بين الاتحاد العام التونسي للشغل ورئيس الجمهورية ليست في علاقة بالإجراءات المتخذة، حيث أنه يتقاطع معه في العديد منها، لكنها تتمثل في الشعور المتنامي لدى الاتحاد بأن هناك نية لتحجيم دوره السياسي، وإعادته إلى طبيعته النقابية، وهذا الأمر مرفوض من قبل قيادته. وتلفت الأوساط إلى أن الاتحاد اليوم يقوم بعملية استعراضية سواء لجهة إعلانه عن إضراب عام في المؤسسات الحكومية، مقرر الشهر الجاري، وأيضا من خلال دفع الحزام الحزبي الذي يلفه إلى رفض المشاركة في الحوار، وهي خطوات هدفها زيادة الضغط على الرئيس سعيد. في المقابل فإن تلك الأحزاب مضطرة إلى مسايرة الاتحاد والقبول بجميع قراراته، خصوصا أن لا وزن شعبيا لها، وهي تستمد قوتها فقط من دعم المنظمة النقابية. واعتذر حزب المسار عن المشاركة في الحوار بصيغته الحالية، واعتبره “لا يوفّر أرضية ملائمة لحوار جدي بمشاركة الأحزاب السياسية التي ثبت عدم تورطها في الفساد وفي الإرهاب والمنظمات الوطنية ومكونات المجتمع المدني، واقتصاره على الطابع الاستشاري وانطلاقه من مخرجات مسبقة تعتمد على الاستشارة الوطنية التي لم تحظ بمشاركة مواطنية واسعة، ليتحوّل إلى عملية تزكية للمشروع الفردي لرئيس الجمهورية”. Thumbnail وعبر حزب آفاق تونس عن رفضه الدعوة للمشاركة في الحوار الوطني في لجنته الاستشارية للشؤون الاقتصادية والاجتماعية، معتبرا أن الحوار صوري وشكلي ويفتقد إلى الحدّ الأدنى من المصداقية والشرعية. كما جدّد حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد رفضه هو الآخر المشاركة، وأوضح أن كل مخالف من أعضائه لهذا الموقف لا يلزم الحزب ويضع نفسه خارج صفوفه، في إشارة إلى الدعوة التي وُجّهت للقيادي بالحزب منجي الرحوي من أجل المشاركة. وتقول الأوساط إن موقف حزب الوطنيين الموحد من مشاركة الرحوي لا يخلو أيضا من حسابات سياسية للقيادة الحالية للحزب التي يمثلها زياد الأخضر، والتي تنظر إلى الرحوي على أنه تهديد لزعامتها، لما أظهره الأخير من قدرة خطابية عالية وتعاط واقعي جعلا الكثير من أنصار الحزب يميلون إليه. ويعد الرحوي إحدى أبرز الشخصيات التي ساهمت في التمهيد للمسار الحالي، من خلال تصدره جبهة المعارضة للمنظومة السابقة ولاسيما لحركة النهضة في البرلمان المنحل، وهو ما يفسر سبب دعوة اللجنة المعنية بالحوار له. أمين عام اتحاد الشغل يرجح أن تشهد المحطات الانتخابية المقبلة نفورا وعزوفا، ويؤكد أن هذا الوضع لا يخدم المسار الديمقراطي وإلى جانب أحزاب المسار وآفاق تونس والموحد، أعلن عدد من الجمعيات والمنظمات المدنية والشخصيات الوطنية عن رفضها المشاركة هي الأخرى، ولم يخف بعضها السبب الرئيسي في موقفها معلنة صراحة أن الأمر يرتبط بموقف الاتحاد العام التونسي للشغل. ونشر الإعلامي سفيان بن فرحات تدوينة على صفحته بفيسبوك أكد من خلالها أنه رفض الدعوة الموجهة إليه للمشاركة في افتتاح أشغال اللجنة الاستشارية للشؤون الاقتصادية والاجتماعية، معللا قراره بـ”غياب مكونات أساسية من ركائز الوطن في هذه اللجنة ومن ضمنها المنظمة الشغيلة”. ويرى مراقبون أن تصدر الاتحاد العام التونسي للشغل اليوم لجبهة المعارضة للرئيس سعيد يندرج في سياق حرب تموقع وصراع نفوذ داخل البلاد ولا علاقة له بالإصلاحات، مشيرين إلى الإطلالات المكثفة للأمين العام للاتحاد خلال الفترة الأخيرة، والتي هدفها تمرير رسائل إلى الرئيس سعيد والشارع التونسي بأن المنظمة قوية ولا أحد بامكانه إضعافها، أو تحجيم دورها الذي تعزز نتيجة لعبة التوافق خلال العشرية الأخيرة. ووصف الأمين العام لاتحاد الشغل الجمعة الحوار الوطني “بلمّة ما يسمى الحوار الاقتصادي والاجتماعي”، متسائلا هل أنه سيتم إدراج إصلاح المؤسسات العمومية والدعم وكتلة الأجور في هذا الحوار. وقال “يكفينا ضحكا على الذقون، فللدستور إطاره”، وتساءل إن كان سيتم عرض القانون الانتخابي الآن بالتوازي مع صياغة الدستور من عدمه، مشددا على أن هذه التساؤلات هي حقيقة تساؤلات الاتحاد. وصرح الطبوبي في كلمة له خلال اجتماع مع الكوادر النقابية لقطاع النقل في قصر المؤتمرات في العاصمة تونس بأن الاتحاد ليس ضد الحوار وليس ضد أي شخص، مضيفا أن تونس اليوم في أمسّ الحاجة إلى مصالحة وطنية. ورجّح أن تشهد المحطات الانتخابية المقبلة نفورا وعزوفا، مشيرا إلى أن هذا الوضع لا يخدم المسار الديمقراطي. وتنتظر تونس استحقاقات مصيرية بينها إجراء استفتاء على دستور جديد للبلاد في الخامس والعشرين من يوليو وانتخابات تشريعية في السابع عشر من ديسمبر المقبل. وقبل ذلك، ستشهد البلاد انعقاد حوار وطني لا يعرف بعد كيف سيكون في ظل مقاطعة واسعة من القوى السياسية والمدنية، لكن الثابت أن الرئيس سعيد ماض قدما في تنفيذ خارطة الطريق التي أعلنها، بغض النظر عن الحوار والمشاركين به. ShareWhatsAppTwitterFacebook

مشاركة :