قالت مُحدثتي، (ذات ليلة إستدرجني الموت) صمت أخضر شفيفا كأحلام القديسين والشعراء ذبول آسر ونوافذ من ماء يرتج حشرجة علقت كصخرة في حلقي أغلقت ممرات الحياة صفير، طنين، وأزيز، وإشارات إرتبكت في الأجهزة الطبيّة خفيفة تحت تأثير الألم، أستسلم لنداء الضوء! أصعد سلالم وعتبات سكينة أبدية نبضي الصامت! يلتحق بنداءات الكون وذبذباته المشفرة خفيفة، أنزع غشاء قشرة رقيقة، بزفرة وآآآآه ما الذي أطلق سرب آهاتي عمرٌ بلا جيوب! مشرّع كعباءة شفافة، لناسك الإشراق خفيفة تُفرغ روحي، جسدي برعشة شعاع تقوده طمأنينة تشرد روحي، وتنقشع ستائر الحياه على مشهد بهي! شهقة طويلة، وميض سحري! وتعلو روحي نحو سقف غرفة الإنعاش. ممر مضيء، ينفتح تدريجياً على فضاء يبلله النور وخصلات من بهجة الألوان سعة، إنفتاح، وبهاء تيه! وحلم شفيف يَرِقُ يعاند سطوة البلور تتملص روحي مطمئنة، تاركة جسدي لصمته في آخر ليلة أتلَمسُ طريقي بروح تآلفت مع الضوء، يُنصفني الموت! يشيّد لي فسحة من رضا، ويملؤني بالسكينة وانتظار راعش، كرعشة أجنحة قلبي بين يدي الطبيب (هدوءاً، هدوءاً، جنازتي تَمُرُّ) قالت مُحدثتي، (ليلة إستدرجني الموت) أُلامس الضوء يندلق سخياً في نوافذ مشرعة، وغرفة بيضاء تتنفس برئتي* الأُرشيدي* تحت سقف مفتوح أجدني أسبح في ضوء مثالي أرى حروفا تسبح مثلي وكلمات أسمعني أهمهم، شعور بالإلفة والطمأنينة يتراءى لي……. أبي يمسك أصابعي كوتر مشدود، يترك شيئاً في يدي، ويمضي أُحرر إصبعا في الهواء وأكتب ألفٌ، أبي باءٌ، باق ألفٌ ممدودة، آآآآآآآهِ يا أبي أسمع صوت الطبيب، أرى يده تحاول تحريض الأجهزة الطبية، كي تعيدني يستدرجني الموت إلى مدن الضوء الشذي أحاول أن أمسك الجدران، أن أتحسس الأبواب، أن أكلّم الوجوه السابحة في تلافيف السكون، تمضي ولا تراني أسقط في فضاء بلوري، ينشق صدر غمامة شفافة، باهتة ويمتصني أهذا هو الموت يا أبي؟ يده المخضبة بالنور، تخفق بدعوتي هاتِ يدكِ يمد لي بأصابع من هواء! من ماء! أصابع من نور، هاكِ يتراءى لي قلم! ألفٌ! أو مفتاح حائر أجنحة يمامة من ضوء، تعبرني ولا تراني؟ نقاط ملونة تتوحد برقصة لولبية، تنفتح كثغر، تتدلى منه أيادي كثيرة أنا لست وحدي؟ ترتعش نقاط الضوء تمتزج مجددا حولي أمد أصابعي، تلويحة، او نداء، أو سلام (هدوءاً، هدوءاً جنازتي تَمُرّ) قالت مُحدثتي، (ليلة إستدرجني الموت) وميض خدر أُطلُ من روحي عليّ، أُزحزحُ غصة، أغلقت الممرات بيني…….. وبيني أتأمل بركة ضوء مائية، تدلف صوبي أترك أصابعي ممدودة روحي ممدودة أهشُ الحروف أتصيد الكلمات أهذا هو الموت يا أبي؟ أرى الحياة ويتراءى لي وجهه كشعاع يبدد الحيرة ويهديني أستعيد الطمأنينة وأتدثر بحرف الباء أبي، من الألف إلى ………... الياء أستكمل نصي، ونداء حروفي، على سحابة ضوء! ظلت تومض وتشتعل كشهوتي للحياة عناوين كثيرة أضعتها يا أبي ليس لي إلا أصابع تشعل فتيل الشوق ما الذي يعيد النبض للصندوق الأسود في أعماق المحيطات، يا أبي؟ يبهرني صوتك، عودي عودي يا إبنتي تنبت حروفك بين أصابعي وتزهر تهمس لي عودي تهطل روحي تلوح لي ستائر غبشة بين رحلتين تتمدد روحي وتعبر شقوق السكينة تتسرب إلى مساماتي المفتوحة لنور الحياة أستنشق أريج الحياة المدهش في لحظة إكتشاف جديد صفير الأجهزة الطبية الموحش يستدين حلماً فاض بالأمل ماء، ماء، ماء لا شيء يطفئ لهيب رجائي أغطس في قعر روحي أتنفس برئتيّ الأمل يعبث النبض الباهت في أوردتي أغطس في قعر روحي (ياه! عناق محموم) وخدر يقوض أبجديتي، أمام إلحاح البياض المقنع في غرفة الإنعاش إبتهالاتك أبي، تسحب الغطاء الأبيض عن وجهي يعني لم أمت؟ أعود تستأنس الحياة دورتها الجديدة في شراييني وتتفتح ثُغور غافية في أنفاسي *** حروف مواسية يرتل بها الطبيب (أهلاً بعودتكِ ) تخفق دمعتي في الفراغ: (وتركت أبي هناك)
مشاركة :