ليلة فاضت حناء الضوء

  • 6/4/2022
  • 09:14
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

قالت‭ ‬مُحدثتي،‭ (‬ذات‭ ‬ليلة‭ ‬إستدرجني‭ ‬الموت‭)‬ صمت‭ ‬أخضر شفيفا‭ ‬كأحلام‭ ‬القديسين‭ ‬والشعراء ذبول‭ ‬آسر ونوافذ‭ ‬من‭ ‬ماء‭ ‬يرتج حشرجة‭ ‬علقت‭ ‬كصخرة‭ ‬في‭ ‬حلقي أغلقت‭ ‬ممرات‭ ‬الحياة صفير،‭ ‬طنين،‭ ‬وأزيز،‭ ‬وإشارات‭ ‬إرتبكت‭ ‬في‭ ‬الأجهزة‭ ‬الطبيّة‭  ‬ خفيفة‭ ‬تحت‭ ‬تأثير‭ ‬الألم،‭ ‬أستسلم‭ ‬لنداء‭ ‬الضوء‭! ‬أصعد‭ ‬سلالم‭ ‬وعتبات‭ ‬سكينة‭ ‬أبدية نبضي‭ ‬الصامت‭! ‬يلتحق‭ ‬بنداءات‭ ‬الكون‭ ‬وذبذباته‭ ‬المشفرة خفيفة،‭ ‬أنزع‭ ‬غشاء‭ ‬قشرة‭ ‬رقيقة،‭ ‬بزفرة‭ ‬وآآآآه ما‭ ‬الذي‭ ‬أطلق‭ ‬سرب‭ ‬آهاتي عمرٌ‭ ‬بلا‭ ‬جيوب‭! ‬مشرّع‭ ‬كعباءة‭ ‬شفافة،‭ ‬لناسك‭ ‬الإشراق‭  ‬ خفيفة‭ ‬تُفرغ‭ ‬روحي،‭ ‬جسدي‭ ‬برعشة‭ ‬شعاع‭ ‬تقوده‭ ‬طمأنينة تشرد‭ ‬روحي،‭ ‬وتنقشع‭ ‬ستائر‭ ‬الحياه‭ ‬على‭ ‬مشهد‭ ‬بهي‭! ‬شهقة‭ ‬طويلة،‭ ‬وميض‭ ‬سحري‭! ‬وتعلو‭ ‬روحي‭ ‬نحو‭ ‬سقف‭ ‬غرفة‭ ‬الإنعاش‭.‬ ممر‭ ‬مضيء،‭ ‬ينفتح‭ ‬تدريجياً‭ ‬على‭ ‬فضاء‭ ‬يبلله‭ ‬النور‭ ‬وخصلات‭ ‬من‭ ‬بهجة‭ ‬الألوان سعة،‭ ‬إنفتاح،‭ ‬وبهاء تيه‭! ‬وحلم‭ ‬شفيف‭ ‬يَرِقُ‭ ‬يعاند‭ ‬سطوة‭ ‬البلور تتملص‭ ‬روحي‭ ‬مطمئنة،‭ ‬تاركة‭ ‬جسدي‭ ‬لصمته‭ ‬في‭ ‬آخر‭ ‬ليلة‭     ‬ أتلَمسُ‭ ‬طريقي‭ ‬بروح‭ ‬تآلفت‭ ‬مع‭ ‬الضوء،‭ ‬يُنصفني‭ ‬الموت‭! ‬يشيّد‭ ‬لي‭ ‬فسحة‭ ‬من‭ ‬رضا،‭ ‬ويملؤني‭ ‬بالسكينة‭ ‬وانتظار‭ ‬راعش،‭ ‬كرعشة‭ ‬أجنحة‭ ‬قلبي‭ ‬بين‭ ‬يدي الطبيب ‭(‬هدوءاً،‭ ‬هدوءاً،‭ ‬جنازتي‭ ‬تَمُرُّ‭)‬ قالت‭ ‬مُحدثتي،‭ (‬ليلة‭ ‬إستدرجني‭ ‬الموت‭)‬ أُلامس‭ ‬الضوء يندلق‭ ‬سخياً ‭ ‬في‭ ‬نوافذ‭ ‬مشرعة،‭ ‬وغرفة‭ ‬بيضاء‭ ‬تتنفس‭ ‬برئتي‭*‬‭ ‬الأُرشيدي‭*‬‭ ‬تحت‭ ‬سقف‭ ‬مفتوح أجدني‭ ‬أسبح‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬مثالي أرى‭ ‬حروفا‭ ‬تسبح‭ ‬مثلي‭ ‬وكلمات أسمعني‭ ‬أهمهم،‭ ‬شعور‭ ‬بالإلفة‭ ‬والطمأنينة يتراءى‭ ‬لي‮……‬‭. ‬أبي يمسك‭ ‬أصابعي‭ ‬كوتر‭ ‬مشدود،‭ ‬يترك‭ ‬شيئاً‭ ‬في‭ ‬يدي،‭ ‬ويمضي أُحرر‭ ‬إصبعا‭ ‬في‭ ‬الهواء‭ ‬وأكتب ألفٌ،‭ ‬أبي باءٌ،‭ ‬باق ألفٌ‭ ‬ممدودة،‭ ‬آآآآآآآهِ‭ ‬يا‭ ‬أبي أسمع‭ ‬صوت‭ ‬الطبيب،‭ ‬أرى‭ ‬يده‭ ‬تحاول‭ ‬تحريض‭ ‬الأجهزة‭ ‬الطبية،‭ ‬كي‭ ‬تعيدني‭ ‬يستدرجني‭ ‬الموت‭ ‬إلى‭ ‬مدن‭ ‬الضوء‭ ‬الشذي أحاول‭ ‬أن‭ ‬أمسك‭ ‬الجدران،‭ ‬أن‭ ‬أتحسس‭ ‬الأبواب،‭ ‬أن‭ ‬أكلّم‭ ‬الوجوه‭ ‬السابحة في‭ ‬تلافيف‭ ‬السكون،‭ ‬تمضي‭ ‬ولا‭ ‬تراني‭  ‬ أسقط‭ ‬في‭ ‬فضاء‭ ‬بلوري،‭ ‬ينشق‭ ‬صدر‭ ‬غمامة‭ ‬شفافة،‭ ‬باهتة‭ ‬ويمتصني أهذا‭ ‬هو‭ ‬الموت‭ ‬يا‭ ‬أبي؟ يده‭ ‬المخضبة‭ ‬بالنور،‭ ‬تخفق‭ ‬بدعوتي هاتِ‭ ‬يدكِ يمد‭ ‬لي‭ ‬بأصابع‭ ‬من‭ ‬هواء‭! ‬من‭ ‬ماء‭! ‬أصابع‭ ‬من‭ ‬نور،‭ ‬هاكِ يتراءى‭ ‬لي‭ ‬قلم‭! ‬ألفٌ‭! ‬أو‭ ‬مفتاح‭ ‬حائر أجنحة‭ ‬يمامة‭ ‬من‭ ‬ضوء،‭ ‬تعبرني‭ ‬ولا‭ ‬تراني؟ نقاط‭ ‬ملونة‭ ‬تتوحد‭ ‬برقصة‭ ‬لولبية،‭ ‬تنفتح‭ ‬كثغر،‭ ‬تتدلى‭ ‬منه‭ ‬أيادي‭ ‬كثيرة أنا‭ ‬لست‭ ‬وحدي؟ ترتعش‭ ‬نقاط‭ ‬الضوء‭ ‬تمتزج‭ ‬مجددا‭ ‬حولي أمد‭ ‬أصابعي،‭ ‬تلويحة،‭ ‬او‭ ‬نداء،‭ ‬أو‭ ‬سلام ‭(‬هدوءاً،‭ ‬هدوءاً‭ ‬جنازتي‭ ‬تَمُرّ‭)‬ قالت‭ ‬مُحدثتي،‭ (‬ليلة‭ ‬إستدرجني‭ ‬الموت‭)‬ وميض‭ ‬خدر أُطلُ‭ ‬من‭ ‬روحي‭ ‬عليّ،‭ ‬أُزحزحُ‭ ‬غصة،‭ ‬أغلقت‭ ‬الممرات‭ ‬بيني‮……‬‭.. ‬وبيني أتأمل‭ ‬بركة‭ ‬ضوء‭ ‬مائية،‭ ‬تدلف‭ ‬صوبي أترك‭ ‬أصابعي‭ ‬ممدودة روحي‭ ‬ممدودة أهشُ‭ ‬الحروف أتصيد‭ ‬الكلمات أهذا‭ ‬هو‭ ‬الموت‭ ‬يا‭ ‬أبي؟ أرى‭ ‬الحياة ويتراءى‭ ‬لي‭ ‬وجهه‭ ‬كشعاع‭ ‬يبدد‭ ‬الحيرة‭ ‬ويهديني أستعيد‭ ‬الطمأنينة‭ ‬وأتدثر‭ ‬بحرف‭ ‬الباء أبي،‭ ‬من‭ ‬الألف‭ ‬إلى‭ ‬‮………‬‭... ‬الياء أستكمل‭ ‬نصي،‭ ‬ونداء‭ ‬حروفي،‭ ‬على‭ ‬سحابة‭ ‬ضوء‭! ‬ظلت‭ ‬تومض‭ ‬وتشتعل‭ ‬كشهوتي‭ ‬للحياة‭  ‬ عناوين‭ ‬كثيرة‭ ‬أضعتها‭ ‬يا‭ ‬أبي ليس‭ ‬لي‭ ‬إلا‭ ‬أصابع‭ ‬تشعل‭ ‬فتيل‭ ‬الشوق ما‭ ‬الذي‭ ‬يعيد‭ ‬النبض‭ ‬للصندوق‭ ‬الأسود‭ ‬في‭ ‬أعماق‭ ‬المحيطات،‭ ‬يا‭ ‬أبي؟ يبهرني‭ ‬صوتك،‭ ‬عودي عودي‭ ‬يا‭ ‬إبنتي تنبت‭ ‬حروفك‭ ‬بين‭ ‬أصابعي وتزهر تهمس‭ ‬لي ‭ ‬عودي تهطل‭ ‬روحي تلوح‭ ‬لي‭ ‬ستائر‭ ‬غبشة‭ ‬بين‭ ‬رحلتين تتمدد‭ ‬روحي‭ ‬وتعبر‭ ‬شقوق‭ ‬السكينة تتسرب‭ ‬إلى‭ ‬مساماتي‭ ‬المفتوحة‭ ‬لنور‭ ‬الحياة أستنشق‭ ‬أريج‭ ‬الحياة‭ ‬المدهش في‭ ‬لحظة‭ ‬إكتشاف‭ ‬جديد صفير‭ ‬الأجهزة‭ ‬الطبية‭ ‬الموحش يستدين‭ ‬حلماً‭ ‬فاض‭ ‬بالأمل ماء،‭ ‬ماء،‭ ‬ماء لا‭ ‬شيء‭ ‬يطفئ‭ ‬لهيب‭ ‬رجائي أغطس‭ ‬في‭ ‬قعر‭ ‬روحي أتنفس‭ ‬برئتيّ‭ ‬الأمل يعبث‭ ‬النبض‭ ‬الباهت‭ ‬في‭ ‬أوردتي أغطس‭ ‬في‭ ‬قعر‭ ‬روحي‭ (‬ياه‭! ‬عناق‭ ‬محموم‭)‬ وخدر‭ ‬يقوض‭ ‬أبجديتي،‭ ‬أمام‭ ‬إلحاح‭ ‬البياض‭ ‬المقنع‭ ‬في‭ ‬غرفة‭ ‬الإنعاش‭    ‬ إبتهالاتك‭ ‬أبي،‭ ‬تسحب‭ ‬الغطاء‭ ‬الأبيض‭ ‬عن‭ ‬وجهي يعني‭ ‬لم‭ ‬أمت؟ أعود تستأنس‭ ‬الحياة‭ ‬دورتها‭ ‬الجديدة‭ ‬في‭ ‬شراييني وتتفتح‭ ‬ثُغور‭ ‬غافية‭ ‬في‭ ‬أنفاسي ‭***‬ حروف‭ ‬مواسية‭ ‬يرتل‭ ‬بها‭ ‬الطبيب‭ (‬أهلاً‭ ‬بعودتكِ‭ )‬   تخفق‭ ‬دمعتي‭ ‬في‭ ‬الفراغ‭: (‬وتركت‭ ‬أبي‭ ‬هناك‭)‬

مشاركة :