يحيى حسين عبدالهادي ضابط مصري سابق وسياسي بلا انتماءات حزبية

  • 6/5/2022
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

يرى البعض من المتابعين أن المعارض المصري يحيى حسين عبدالهادي المفرج عنه الأربعاء الماضي، لم يكن مستغربا أن يدخل السجن أصلا، ويكون أيضا في مقدمة المفرج عنهم من قبل لجنة العفو الرئاسي المسؤولة عن النظر في صفحة المحبوسين في قضايا رأي وحريات ولم يرتكبوا عنفا أو تورطوا في دعم إرهاب. يعد الرجل من أبرز المغرمين بالحريات العامة ولم يأل جهدا في الدفاع عنها أو يعبأ بما حدث من تضييق في الفضاء العام السنوات الماضية، وعندما سدت أمامه أبواب النشر في الصحف التي اعتاد نشر مقالاته فيها صنع من صفحته على فيسبوك وسيلته الخاصة لينشر ما يراه من مقالات تتناول الكثير من القضايا التي تلمس وجدان الناس. تناول العديد من القضايا بطريقة حمّلت النظام المصري الحاكم مسؤولية ما وصلت إليه البلاد من أزمات في وقت كان الجميع يتفاءل فيه بالانفتاح، وهو أولهم، وبرؤية مصر جديدة مليئة بالحرية بعد أن قهرت جماعة الإخوان في ثورة يونيو 2013. عاد من رحلة عمل في الكويت أمضى فيها نحو أربع سنوات قرر خلالها أن يأخذ فترة تشبه الاستجمام أو الراحة السياسية، لكن خلال وجوده بالكويت لم تنقطع مقالاته التي كان يكتبها في جريدة "الأهرام" ذات الطابع الحاد في توجيه الانتقادات للكثير من المظاهر التي رآها خاطئة. وعندما توقف أو أوقف عن الكتابة واصلها عبر صفحته حتى ألقي القبض عليه في يناير 2019، وحكم عليه في الثالث والعشرين من مايو الماضي بتهمة نشر أخبار كاذبة، وهي التهمة الجاهزة التي تلاحق الكثير من السياسيين. سوط الأخبار الكاذبة عبدالهادي يصعب أن يصدّق أحدٌ أنه تعمد نشر أخبار كاذبة، فهو في نظر العديد من الأصدقاء والمقربين إليه لا يعرف الكذب عبدالهادي يصعب أن يصدّق أحدٌ أنه تعمد نشر أخبار كاذبة، فهو في نظر العديد من الأصدقاء والمقربين إليه لا يعرف الكذب من الصعوبة تصديق أن عبدالهادي يتعمد نشر أخبار كاذبة، فهو في نظر العديد من الأصدقاء والمقربين إليه لا يعرف الكذب ولا يجيد المناورة، وإذا كان القضاء حكم عليه بهذه التهمة، والحكم في مصر عنوان الحقيقة كما يقال، فلأن المحكمة لها أوراق ووثائق وأدلة تحكم بها، وفي النهاية لو كان يعلم أن ما نشره يندرج في إطار الخبر الكاذب لما أقدم عليه. يغلب على البعض من الذين تربوا بعيدا عن السياسة ولم يتدرجوا في دهاليزها أنهم على قدر مرتفع من الفطرة التي تقودهم أحيانا للوقوع في الخطأ، وعبدالهادي معروف بالتعامل بتلقائية مع الناس ويحسن الظن بهم إلى حد كبير، فقد يتبنى موقفا لمجرد أنه يعتقد أن من واجبه أن يدافع عنه، ولا يعبأ بالحصافة والحنكة المطلوبة عندما تضيق البلاد ولا تتحمل انتقادات أبنائها من المعارضين. كل من تابعوا ما كتبه على صفحته توقعوا ألاّ يفلت من أيدي أجهزة الأمن، حيث تحول ما ينشره إلى سيف مسلط على رقبة الكثير من المسؤولين وتطرق لقضايا سياسية بالغة الحساسية، ومواقفه منها عبّرت عن رفضه الكبير لما يقوم به النظام المصري الذي وصل إلى مرحلة من عدم الاستعداد لسماع صوت معارض واحد في الداخل، فما بالنا إذا كان هذا الصوت في سخونة ما يقوله عبدالهادي. عبدالهادي عُرف بمعارضته لبرامج خصخصة القطاع العام منذ عهد مبارك، وله مواقف واضحة وقوية ضد عملية بيع سلاسل شركة عمر أفندي بثمن لا يتناسب مع قيمتها الحقيقية لا يوجد معارض لامع تربى في المؤسسة العسكرية المصرية العريقة إلا عبدالهادي، فقد ولد عام 1954 والتحق بالكليّة الفنية العسكرية عام 1972، وتخرج فيها بعد نحو خمس سنوات وخدم في القوات المسلحة كضابط مهندس حتى تقاعده عام 1992، أي أنه بقى نحو خمسة عشر عاما يخدم في صفوف الجيش كضابط مهندس. معروف أن الضباط بمختلف مجالاتهم في مصر بعيدون عن السياسة، وإن اشتغلوا بها غالبا ما يكونون في صف النظام الحاكم كنوع من الانضباط، لكن عبدالهادي سلك الطريق الصعب وقرّر أن يكون رافضا لما يراه يستحق الرفض، وبدا مستعدا لتحمل تكاليف مواقفه كأنه معجون بمياه السياسة أو ولد وسط أمواجها المتلاطمة. لم تكن لجنة العفو الرئاسي التي أعيد تشكيلها مؤخرا للنظر في ملفات المحبوسين وتقديم قوائم للإفراج عنهم لرئيس الجمهورية تواصل عملها بنجاحها من دون أن تضع عبدالهادي على رأس من يتم الإفراج عنهم، فالرجل يحظى بتوافق من جانب تيارات سياسية مختلفة مع أنه لا ينتمي إلى حزب معين، وهو حزب في ذاته. عارض نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك والمجلس العسكري الذي تولى دفة الحكم من بعده، ثم نظام جماعة الإخوان التي حكمت لمدة عام فقط، وصولا إلى نظام الرئيس عبدالفتاح السيسي الراهن، وفي كل المراحل والأنظمة بدا عبدالهادي مستعدا لأن يدفع الثمن المادي والمعنوي طالما أنه على قناعة بمواقفه. ثورة مختطفة [ مواقف عبدالهادي تعبّر عن رفضه لما تقوم به السلطة من عدم الاستعداد لسماع صوت معارض واحد في الداخل مواقف عبدالهادي تعبّر عن رفضه لما تقوم به السلطة من عدم الاستعداد لسماع صوت معارض واحد في الداخل أعلن أنه سيتم الإفراج عنه مبكرا، فمنذ البدء في إعادة تشكيل لجنة العفو واسمه يتردد ويحظى بتعاطف جارف، ولذلك عرف الكثير من أعضاء اللجنة أن عدم خروجه يمكن أن يشكل عائقا أمام مواصلة عملها، فالرجل بلغ من العمر نحو الثامنة والستين، وحبس بسبب قضايا رأي، ومن الوجوه الوطنية الناصعة، وفوق كل ذلك كان في مقدمة من حملوا شعلة ثورة يناير 2011 التي أسقطت نظام مبارك ويراها الكثيرون من أهم اللحظات في تاريخ المصريين الحديث ولو جرى اختطافها من قبل تنظيم الإخوان أو تشويه سمعتها من قبل فلول مبارك. جاء الإفراج عنه بعد نحو أسبوعين من الحكم عليه بالحبس أربع سنوات، وهو الذي قضى في السجن منذ القبض عليه في يناير 2019 أكثر من ثلاث سنوات، ما يعني أنه كان يستحق الإفراج القانوني وفقا لما يسمّى في مصر بقضاء المحبوس ثلاثة أرباع المدة من دون أن ينال عقوبات جديدة داخله، ما جعل قوى في المعارضة ترى أن خروجه تحصيل حاصل، ولا فضل للجنة العفو الرئاسي بذلك. معارضة عبدالهادي انصبت ضد نظام مبارك وضد المجلس العسكري الذي تولى دفة الحكم من بعده، ثم ضد نظام جماعة الإخوان، وصولا إلى نظام السيسي الراهن يردّ العارفون بدهاليز الدولة المصرية على ذلك بأن الأجواء السياسية الإيجابية لعبت دورا في خروجه، والدعوة التي أطلقها الرئيس السيسي هي السبب في منح لجنة العفو مساحة عالية من حرية الحركة، فقد كان من الممكن ألا يخرج ولو قضى مدة الحبس كاملة وكانت صفحته الجنائية مكتوبا فيها حسن السير والسلوك، لأن القانون المصري مليء بالثغرات التي تسمح بإعادة تدوير المحبوسين وفتح قضايا جديدة لهم. خرج عبدالهادي وتنفّس نسمات الحرية التي يعشقها والبلاد على وشك أن تتمتع بالمزيد منها في ظل الدعوة الحالية للحوار الوطني الشامل، لكن لا أحد يعرف هل سيعود الرجل إلى سيرته الأولى في الكتابة المشاغبة والانخراط في صفوف القوى المعارضة أم يكتفي بما قام به ويستريح في منزله؟ يقول مقربون منه إن من تشكل وعيه على طريقته لا يقبل الجلوس في منزله وسيعاود نشاطه في أقرب فرصة، ربما تكون فترة السجن زادته حكمة ورشادا، لكنه لن يصمت على ما يراه خطأ، ففي كل مراحل حياته وبعد تقاعده من العمل في الجيش المصري لم يعرف الراحة ويشتبك دوما مع الفعاليات وكان في مقدمة من أنشأوا اللجنة التنسيقية لحركة كفاية التي قادت المعارضة في السنوات الخمس الأخيرة من حكم مبارك. عُرف بمعارضته لبرامج خصخصة القطاع العام منذ عهد مبارك، وله مواقف واضحة وقوية ضد عملية بيع سلاسل شركة عمر أفندي بثمن لا يتناسب مع قيمتها الحقيقية، وهي واحدة من شركات القطاع العام ذات البعد التاريخي الممتد ونجحت معارضته في إحداث ضجة حول عملية البيع ووقفها مؤقتا. بعد أن شارك في عضوية اللجنة التي أنشئت لتقويم الشركة وضمت خمسة عشر عضوا من قيادات قطاع الأعمال والخبراء، رأت أن تقدير الشركة هو 232 مليون دولار بعد خفض القيمة بنسبة تتراوح بين 20 و30 في المئة لتسهيل الصفقة، وجاء تقدير الحكومة للبيع بنحو 100 مليون دولار فقط. مصر وإعداد القادة [ لجنة العفو الرئاسي لم تكن لتواصل عملها بنجاح من دون أن تضع عبدالهادي على رأس من تم إخلاء سبيلهم لجنة العفو الرئاسي لم تكن لتواصل عملها بنجاح من دون أن تضع عبدالهادي على رأس من تم إخلاء سبيلهم تقدم عبدالهادي ببلاغ للنائب العام ضد كل من وزير الاستثمار ورئيس الشركة القابضة بتهمة الضغط على لجنة التقييم وكان عضوا فيها لتسهيل الاستيلاء على المال العام لصالح شركة "أنوال" السعودية واعتذر عن مشاركته في تقرير غير حقيقي. نجحت اعتراضاته في تعطيل عملية البيع نحو ثمانية أشهر، لكنها تمت وحرم من جميع مناصبه، غير أنه أسهم لاحقا بدور مهم في الحركة الشعبية التي نشطت ضد بيع بعض المصانع والشركات لمستثمرين أجانب، وعُرفت بـ”لا لبيع مصر”، ولعب الراحل عزيز صدقي وأطلق عليه لقب "أبوالصناعة المصرية" دورا مهما في تفعيل الحركة، استنادا إلى تاريخه الطويل في دعم الصناعة خلال عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر وأسهم في إنشاء بعض الصروح الاقتصادية الكبيرة. شارك عبدالهادي في تأسيس مركز إعداد القادة وأصبح مديرا له، وهو مركز يقدم استشارات لمؤسسات مختلفة ويقوم بتدريب القادة ورجال الأعمال وكانت تبعيته مباشرة لرئاسة مجلس الوزراء ثم انتقل إلى وزارة الاستثمار إلى أن تم إغلاقه. عبدالهادي مختلف عن غيره من المعارضين، إذ لا يوجد معارض لامع تربى في المؤسسة العسكرية المصرية العريقة إلا هو. فقد بقى نحو خمسة عشر عاما يخدم في صفوف الجيش كضابط مهندس قبل الإغلاق لفترة قصيرة، أصدر وزير الاستثمار يحيى حامد في عهد الرئيس الإخواني محمد مرسي في يونيو 2013، قرارا بإقالة عبدالهادي من منصبه كمدير لمركز إعداد القادة عقب استضافته اجتماعا لبعض قيادات المعارضة في المركز خلال الفترة التي شهدت فيها البلاد زخما سياسيا كان مقدمة لثورة الثلاثين من يونيو 2013. انتهت علاقته به بعد بلوغه سن المعاش في بداية العام التالي لثورة يونيو، وفي ذلك العام 2014 ذهب الرجل للعمل مستشاراً في مجلس الوزراء الكويتي، في شؤون الإدارة والدراسات والبحوث، ولم يفارق بصره وسمعه ما يجري في مصر. كان أحد المؤسسين لما يسمى بـ"الحركة المدنية الديمقراطية" التي تضم طيفا واسعا من قوى المعارضة الموزعة على تيارات سياسية متباينة، وبها عدد كبير من المستقلين، وكان الهدف منها إحداث حراك في الفضاء العام، إلا أن النظام عاجلها بالتضييق وإلقاء القبض على عدد من رموزها. يمثل من تم أو سيتم الإفراج عنهم جزءا مهما في جسم الحركة المدنية التي يمكن أن تعاود نشاطها عندما يقطع الحوار الوطني شوطا كبيرا ويصل إلى مستوى يشير إلى أن المناخ السياسي بات جاهزا، ما يعني أن اسم يحيى حسين عبدالهادي وما يحظى به من احترام من خصومه قبل محبيه قد يتردد بقوة خلال الفترة المقبلة.

مشاركة :