مثل القرار الذي اتخذته المملكة بتشكيل تحالف إسلامي عسكري لمكافحة الإرهاب بقيادة بلاد الحرمين الشريفين، يكون مقر غرفة عملياته في الرياض لحظة فارقة في حياة الأمة الإسلامية التي تجرعت مرارة الإرهاب وعانت منه طوال عقود مضت، ويشكل التحالف الإسلامي الذي نجحت المملكة في تشكيله تحت راية واحدة قوة هائلة ضد الإرهاب والإرهابيين الذي عاثوا في الأرض فسادا فأصبحوا بعد هذا التحالف في ورطة حقيقة تهدد وجودهم. إن المملكة العربية السعودية بهذا القرار التاريخي تؤكد على الدور الذي تضطلع به في المنطقة فهي تقود الأمة اليوم بمواقفها المعلنة والواضحة في حماية المصالح العربية والإسلامية والمنطقة من الفوضى والإرهاب ومن هذا المنطلق أدركت المملكة بأن تكون الأمة يدا واحدة من خلال هذا التحالف الذي يمثل حلا ناجعا لمواجهة الأخطار التي تحيط بالمنطقة وحماية المصالح المشتركة فوجود هذا التحالف سيشكل قوة خليجية وعربية وإسلامية في مواجهة المتطرفين من الإرهابيين. لقد أصبح الإرهاب مثل الوباء بالإمكان انتشاره بسهولة عبر كل الوسائل المتاحة فكيفية وصول الإرهاب إلينا وإلى المنطقة موضوع يجب النظر إليه بجدية؛ فمنطقتنا لم تكن معروفة بهذه الصفة الجديدة التي تنعت بها، فالقرار الذي أصدرته المملكة جاء في الوقت المناسب نظرا لاستهداف المنطقة بمشروع خطير عبر تصدير المعتقدات والأفكار المناهضة لاستقرار المنطقة من خلال الجماعات الإرهابية. فمنذ الافتراق الفكري والتنظيمي بين داعش والقاعدة في منتصف عام 2014 أصبح واضحا لجميع المراقبين لحركات الجماعات الإسلامية المتطرفة ظهور جيل جديد من الإرهاب يختلف عن سابقه في رؤاه وأفكاره وسياساته فتنظيم القاعدة الذي ابتدع أسلوب العمليات الانتحارية والتخفي في الجبال والأماكن البعيدة عن الأنظار تختلف ممارساته وإرهابه عن "داعش" الذي لجأ إلى إستراتيجية الحرب المفتوحة مع الخصوم لكي يتمكن من تحقيق الحلم الذي لطالما كان ومازال يراوده لتأسيس"دولة الخلافة". فقد تطورت الجماعات الإرهابية من مجموعة أفراد تتبنى فكرة وتستخدم أدوات بدائية وأقصى ما يمكن أن تقوم أن تلزم بتطبيق أفكارها المتطرفة في جبل أو كهف أو وادٍ أو قرية لتصل إلى إعلان دولة وجيش نظامي وجهاز مخابرات وإلى تجنيد عناصر ذات كفاءة عالية. ويؤكد مراقبون للجماعات الإرهابية بأن المتطرفين يستطيعون مع الوقت في حالة عدم القضاء عليهم أن يمتلكوا أسلحة للدمار الشامل، وذلك لقدرتهم على استيعاب أسلحة متطورة ومثال ذلك إسقاط طائرة الكساسبة. ويحذرون في هذا الجانب بأنه إذا لم يتم القضاء على الإرهاب والإرهابيين فستكون منطقة الشرق الأوسط مفتتة، وتكون الأداة التي بواسطتها يستخدمها الأعداء لتفتيت دول المنطقة وإعادة هندستها مرة أخرى بما يخدم المصالح الأجنبية والإيرانية بالأساس، مشيرين بأن إذا جاء جيل جديد من الإرهابيين قد يكون بديل الدول وسينقلب حتما على العالم؛ لأن الإرهاب سيكون البديل.
مشاركة :