يسجل حضور قوي للمخرجات العربيات في الدورة الـ 12 من مهرجان «دبي السينمائي» الذي بات الملتقى السينمائي الأهم في المنطقة، إضافةً إلى أدوار نسائية رئيسة متزايدة. وقدمت مخرجات عربيات 24 فيلماً من بين الأعمال العربية المشاركة في إطار مسابقات المهر أو خارجها، بالمهرجان الذي يقدم حصيلة عام من الإنتاج السينمائي العربي، ما يحوله إلى مقياس لنبض السينما العربية وتحولاتها. وقدم المهرجان العام الحالي حوالى 70 فيلماً عربياً جديداً، تراوح بين القصير والطويل، الروائي وغير الروائي، مبرزاً حضوراً متزايداً للمرأة كمّاً ونوعاً، إذ تشارك سبعة أعمال أنجزتها نساء، من أصل 19 فيلماً عربياً ضمن مسابقة «المهر العربي الطويل»، بعدما حازت مخرجتان من الإمارات واليمن، الجائزتين الرئيستين ضمن المسابقة ذاتها العام الماضي، وانتزعت تونسية جائزة «المهر العربي القصير». وأتاحت الأفلام التي أنجزتها المخرجات العربيات عموماً، أدواراً نسائية أهم يتضح من خلالها دور المرأة المحوري بالمجتمعات العربية الذكورية في الظاهر، لكنها تعتمد على المرأة أساساً، مع توليها دور الرجل في أحيان كثيرة، إذ تظهر هذه الأفلام، المرأة مناضلة لنيل حريتها وباحثة عن ذاتها وهويتها، وتستبعد صورة المرأة الضحية أو المستسلمة، فتراها مبادرة في محاولات مستمرة لتحسين وضعها. وتتمثل السينما اللبنانية في مسابقة «المهر العربي الطويل»، بثلاثة أفلام أنجزتها مخرجات من أجيال متقاربة، يتناول اثنان منها شخصية المرأة، الأول للمخرجة جيهان شعيب بعنوان «عودي إلى ديارك» (غو هوم)، إذ تقرر بطلة الفيلم أن تترك فرنسا البلد الذي تعيش فيه منذ الطفولة وتعود إلى لبنان، بحثاً عن جذورها وعن ماض ضبابي ومختلط في ذاكرتها، وتجسد الدور الممثلة الايرانية غولشفتي فرحاني. وتقدم المخرجة دانيال عربيد في فيلمها «باريسية» الذي يرتكز في جزء منه على سيرتها الذاتية، تجربة شابة تقصد باريس للدراسة فتكون لها نظرتها الخاصة للمجتمع الفرنسي، حيث تمارس حريتها وتنغمس في حياة الطلبة والشباب، وهو يعتبر تكملة لفيلمها «معارك حب»، وقامت بدور البطولة الممثلة منال عيسى. واختارت المخرجة الفلسطينية مي المصري في مشروعها الروائي الأول، عبر فيلم «300 ليلة»، أن تتناول حياة السجينات الفلسطينيات في السجون الإسرائيلية، فصورت بلغة واقعية يومياتهن وإضرابهن عن الطعام في العام 1982، إثر مجازر «صبرا وشاتيلا». وتنشد الحرية امرأة شابة أخرى في مكان آخر على خريطة السينما العربية حيث يكون على التونسية «فرح» أن تتمرد أولاً على سلطة الأهل في الفيلم الأول للمخرجة ليلى بو زيد، «على حلة عيني»، فيما تخوض «نوارة» المصرية كفاحاً من نوع آخر، ضد الفقر أولاً، حين وقفت مخرجة العمل هالة خليل، لتصرح بأن «نوارة هي المرأة المصرية»، والتي تؤدي دورها الممثلة المصرية منه شلبي. وجاء الفيلم الوثائقي المصري «أبداً لم نكن أطفالاً» للمخرج محمود سليمان، ليجسد واقع الفقر المر، إذ تحاول أم بمفردها إعالة أطفالها الأربعة بعد رحيل الوالد، لكنها تعجز كما يعجز الابن الأكبر المراهق عن إيجاد عمل، لتتساوى الحياة مع الموت، ويعلن الابن تفكيره الصريح بالالتحاق بتنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش).
مشاركة :