أرسلت بعض الشخصيات التي تعيش خارج مصر وتعارض النظام الحاكم فيها إشارات سياسية مختلفة أبدت من خلالها استعدادا للمشاركة في الحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مؤخّرا. ولم تلق الرسائل أو الإشارات تجاوبا في القاهرة أو ردا وتعليقا على أصحابها، بل بالعكس بادر بعض المقربين من النظام الحاكم إلى رفض مشاركة أي من الشخصيات المدنية أو قيادات جماعة الإخوان الذين يقيمون خارج البلاد في الحوار الذي تجري أكاديمية الشباب التابعة لرئاسة الجمهورية جلسات تمهيدية له الآن. وشن الإعلامي عمرو أديب في برنامجه "الحكاية" المذاع على قناة “إم بي سي – مصر” مساء السبت هجوما شديدا على المعارض أيمن نور رئيس حزب “غد الثورة” ورئيس قناة “الشرق” التي تبث إرسالها من تركيا، مؤكدا أن الدعوة لم توجه إليه وإلى قيادات الإخوان في الخارج، والحوار لن يشارك فيه كل من تلطخت يديه بدماء المصريين. وعبّرت الطريقة الحادة التي تحدث بها أديب عن موقف شبه رسمي تتبناه القاهرة في مسألة الحوار الوطني وأدبياته التي ينطلق منها، وما قام به في برنامجه يشير إلى رأي طيف مصري واسع يرفض مشاركة الإخوان ومن تحالفوا معهم في توجيه الاتهامات والانتقادات إلى النظام الحاكم الذي يريدون الجلوس معه للحوار. وأرسل أيمن نور، ومن قبله القيادي في جماعة الإخوان يوسف ندا، إلى النظام المصري رسائل سياسية في مايو الماضي، كمحاولة لفتح صفحة جديدة مع القاهرة بعد أن ضاقت السبل أمام نور في تركيا وفقدت محطته (الشرق) التي يملكها تأثيرها الإعلامي وغادرها عدد من العاملين فيها مؤخرا وأصبح يسير في مجال وهو فاقد للبوصلة السياسية. كما أن تنظيم الإخوان لم يفلح في تغيير الواقع المصري وخسر مجموعة كبيرة من أوراقه التي يملكها في الخارج، مع تراجع الدعم المالي والسياسي والإعلامي الذي كان يجده في تركيا وقطر عقب التحسن النسبي في علاقات كليهما مع مصر. ووجدت قوى مدنية معارضة وجماعة الإخوان المتحالفين معها والمقيمين بالخارج في الدعوة إلى الحوار الوطني فرصة لطي صفحة الماضي وبدء صفحة جديدة، وهم يتصورون أن النظام المصري يمكن أن يرحب بهم ويجلس معهم إلى طاولة واحدة ويتجاهل الفترة السوداء التي حرضوا عليه أثناءها قوى خارجية. ولا يعني رفض الجلوس مع أي من القوى المعارضة في الخارج المحسوبة على الإخوان القبول بذلك مع إخوان الداخل، فالقاعدة الرئيسية المتعلقة بعدم الحوار مع من مارسوا عنفا أو دعوا إلى الإرهاب تنطبق على إخوان الداخل والخارج ومن لف لفهم، ما يعني أن أيمن نور ويوسف ندا وغيرهما ممن لوحوا برغبتهم في المشاركة بعيدون عن دوائر الحوار الوطني. حسن سلامة: الذين استقووا بالخارج ليسوا معارضين وطنيين ويخلّ ضمّ معارضين يقيمون في الخارج كانوا يقفون في صف مناهض تماما للدولة بتوازنات الحوار ويحيد به عن هدفه الوطني الأساسي. والرسالة التي يريدها السيسي منه، وهي فتح صفحة تمهد الطريق لتدشين الجمهورية الجديدة، ستفقد بريقها إذا انطوت على الصفح عمن كانوا يريدون عرقلتها. وحددت بعض الردود الرسمية غير المباشرة بشأن مشاركة قوى معارضة من الخارج شكل الخارطة السياسية للحوار الوطني وقصرتها على شريحة من المعارضة المقيمة في الداخل، وحتى هذه ليس مسموحا لكل أطيافها بالمشاركة بلا ضوابط. وقال أستاذ العلوم السياسية في مركز البحوث الاجتماعية والجنائية (حكومي) حسن سلامة إن “الذين استقووا بالخارج وارتموا في أحضان تنظيم الإخوان لا يمكن وصفهم بالمعارضة الوطنية التي يجري فتح أبواب الحوار معها، فقد تورطوا في التحريض ضد الدولة ومشاركتهم مرفوضة رسميًا وشعبيا”. وأكد لـ”العرب” أن “توظيفهم لبث السموم والتشجيع على قتل المواطنين قضى عليهم بعد أن عملوا لحساب تنظيم الإخوان وتنفيذ أهدافه خلال السنوات الماضية، وهؤلاء خرجوا من الأرضية السياسية التي نطلق منها الحوار الوطني”. وأشار إلى أن “طلب هؤلاء الحوار مع الدولة في الوقت الحالي غير صائب، فلا يوجد منطق يدفع القاهرة إلى الاستجابة لذلك بعد أن باتوا منبوذين وجرى التوافق العام على وضعهم في خانة الأعداء وليس المعارضة الوطنية”. وكشفت الدعوات التي وجهتها أكاديمية الشباب إلى بعض القوى والشخصيات حتى الآن أن تنظيم الإخوان والقريبين منه في الداخل أو الخارج غير مدرجين على حساباتها. وشعر هؤلاء بعدم الترحيب بوجودهم على أي طاولة وطنية، ما جعل البعض منهم يوجهون انتقادات للحوار قبل أن تبدأ جلساته أو يعرفوا أجندته، ويشككون في جدواه السياسية، في محاولة لممارسة ضغوط على مؤسسة الرئاسة الراعية له. ويسعى معارضو الخارج إلى وضع جملة من العراقيل في طريق الحوار وشن هجوم إعلامي جديد عبر يوتيوب يعتمد على نشر الشائعات السياسية والنفخ في الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، ما يشي برغبتهم العارمة في تخريب جولات الحوار لأن نجاحه دونهم يطوي صفحتهم لفترة طويلة.
مشاركة :