يستعد المسؤولون المغاربة لعقد اجتماع جديد مع نظرائهم الإسبان الأسبوع المقبل في العاصمة مدريد لمناقشة استكمال فتح معبري سبتة ومليلية. وأفادت وسائل إعلام إسبانية بأن وزارة الداخلية أعلنت في بيان أن ”الاجتماع سيعقد في إطار تطبيق إعلان السابع من أبريل المشترك، الذي أسس لمسار جديد في العلاقات بين البلدين”. ومدينتا سبتة ومليلية الواقعتان أقصى شمال المغرب، تخضعان لإدارة إسبانيا، فيما تعتبرهما الرباط ثغرين محتلين، وتطالب مدريد بالتفاوض حول مستقبلهما. وفي السابع عشر من مايو الماضي فتحت السلطات المغربية والإسبانية الحدود البرية للمدينتين، بعد سنتين من الإغلاق بسبب تفشي جائحة كورونا وأزمة دبلوماسية مرت بها علاقات البلدين. سعيد الصديقي: علاقات المغرب وإسبانيا تعود إلى ما كانت عليه بضمانات وشملت المرحلة الأولى من إعادة فتح حدود المدينتين حتى نهاية مايو الماضي “تنقل المواطنين والمقيمين في الاتحاد الأوروبي والأشخاص المصرح لهم بالتجول في منطقة شنغن”. وابتداء من الحادي والثلاثين من مايو، انطلقت المرحلة الثانية، حيث سيتمكن العمال القانونيون (الحاصلون على حق العمل في سبتة ومليلية قبل إغلاق الحدود) من دخول المدينتين. ومنذ فتح الحدود توافد الآلاف سواء عبر السيارات أو راجلين إلى معبري الحدود على المدينتين، خصوصا أن منهم من بقي عالقا خلال فترة الإغلاق. وأغلقت إسبانيا حدود المدينتين مع المغرب ربيع عام 2020، إثر تفشي كورونا، واستمر الإغلاق بفعل أزمة دبلوماسية اندلعت بين البلدين، حين استقبلت مدريد في أبريل 2021 إبراهيم غالي زعيم جبهة بوليساريو الانفصالية المدعومة من الجزائر والتي تنازع المملكة على إقليم الصحراء المغربية بـ”هوية مزيفة”. وفي مارس الماضي عاد الدفء للعلاقات بين البلدين، بعد إعلان إسبانيا دعمها لمبادرة الحكم الذاتي التي تطرحها الرباط لتسوية النزاع في إقليم الصحراء المغربية. واعتبر رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، في رسالة وجهها إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس في الرابع عشر من مارس، أن مبادرة الرباط للحكم الذاتي هي “الأكثر جدية” لتسوية النزاع بالإقليم. ويقترح المغرب حكما ذاتيا موسعا في إقليم الصحراء تحت سيادته، بينما تدعو بوليساريو إلى استفتاء لتقرير المصير، وهو طرح تدعمه الجزائر. وفي السابع من أبريل الماضي أعلن المغرب وإسبانيا في بيان مشترك، بعد زيارة سانشيز إلى الرباط استغرقت يومين بدعوة من الملك محمد السادس، الاتفاق على تفعيل أنشطة ملموسة في إطار خارطة طريق تشمل كل القضايا ذات الاهتمام المشترك. الاستعداد لمناقشة استكمال فتح معبري سبتة ومليلية الاستعداد لمناقشة استكمال فتح معبري سبتة ومليلية واعتبر سعيد الصديقي أستاذ العلاقات الدولية بجامعة “سيدي محمد بن عبدالله” المغربية (حكومية) أن “علاقات المغرب وإسبانيا إزاء عودة تدريجية إلى ما كان عليه الوضع في السابق مع أكثر ضمانات لعدم الانكسار”. وأضاف الصديقي “نتوقع أن تتحسن العلاقات أكثر بين البلدين، خاصة أننا إزاء مبادئ معلن عنها من أعلى سلطتين في البلدين”. وتابع “المبادئ المعلنة تشكل إطارا مهمّا لشراكة قوية بين البلدين، لكن استقرار العلاقات المغربية – الإسبانية يتوقف كثيرا على المشهد السياسي في إسبانيا”. وأضاف أن “هذه العلاقات يمكن أن تتعرض في المستقبل لبعض سوء الفهم إذا ترأس الحكومة الإسبانية حزب له مواقف يمكن أن تستفز المغرب خاصة في ما يتعلق بقضية الصحراء”. واستدرك قائلا “لكن هذه الصفحة الجديدة للعلاقات المغربية – الإسبانية تجعل البلدين قادرين على امتصاص أي سوء فهم ولن يكون بالحدة الذي كان في الأزمات السابقة”. رغم تحسن العلاقات بين البلدين لا تزال عدة إشكاليات مطروحة، مثل فرض تأشيرة إلى دخول سبتة ومليلية وقال نبيل الأندلسي نائب الرئيس السابق للجنة الخارجية والدفاع الوطني والمغاربة المقيمين بالخارج في مجلس المستشارين المغربي (الغرفة الثانية للبرلمان) إن “العلاقات المغربية – الإسبانية تبقى تاريخية وتوثقها المصالح الاستراتيجية المشتركة”. وأضاف “لذلك فإن فتح معبري سبتة ومليلية مؤشر على تجاوز الأزمة التي عصفت بعلاقات البلدين بعد استقبال مدريد زعيم بوليساريو”. وأردف “البلدان لديهما اليوم إطار مشترك لتمتين العلاقات الثنائية، خاصة وأنهما تجمعهما علاقات اقتصادية مهمة وتنسيق أمني على مستوى مكافحة الإرهاب والهجرة غير النظامية”. وأوضح أن “التطورات الحالية تكشف أننا إزاء صفحة جديدة في علاقات البلدين قادرة على الصمود في وجه أي سوء فهم”. ورغم تحسن العلاقات بين البلدين لا تزال عدة إشكاليات مطروحة، مثل فرض تأشيرة إلى دخول سبتة ومليلية، ومنع المغرب نهائيا “التهريب المعيشي” انطلاقا من المدينتين، الذي كان يشكل شريان اقتصادهما في السابق. وفي مايو الماضي أعلنت السلطات المغربية أن التهريب الذي كانت تعرفه حدود سبتة ومليلية “انتهى وأصبح غير مقبول وينتمي إلى عهد قد ولى بصفة نهائية”.
مشاركة :