بدأ الاثنين الإضراب الذي أعلنت عنه جمعية القضاة التونسيين، حيث سيستمر لمدّة أسبوع رفضا لقرار الرئيس قيس سعيّد بعزل 57 قاضيا، وكذلك رفضا لقرار حل المجلس الأعلى للقضاء وتعيين مجلس مؤقت بمرسوم رئاسي. والسبت الماضي صوت أغلب الحاضرين في المجلس الوطني الطارئ لجمعية القضاة التونسيين بالموافقة على مبدأ الدخول في الإضراب في كافة المرافق القضائية، طيلة أسبوع قابل للتجديد. وقررت الجمعية الدخول في اعتصامات مفتوحة في كل مقرات الهياكل النقابية القضائية وعدم الترشح للمناصب القضائية لتعويض المعزولين، بالإضافة إلى عدم الترشح للمناصب في الهيئات الفرعية التابعة لهيئة الانتخابات. وقالت الجمعية إن الإضراب سيشمل القضاء العدلي والمالي والإداري، لكن مع استثناءات تتعلق أساسا بالقضايا المتصلة بالإرهاب على مستوى النيابة العمومية وإصدار الأذون بالدفن. لكن الإضراب يواجه بانتقادات واسعة، حيث اعتبر نوعا من التضامن المهني الأعمى في مواجهة محاولات مؤسسة الرئاسة إصلاح القطاع الذي نخره الفساد، كما هو الحال مع قطاعات أخرى خلال العشرية التي توصف بالسوداء. وترى المعارضة وبعض الهياكل القضائية أن قرار عزل القضاة المتهمين "بالفساد والتواطؤ والتستر على متهمين في قضايا إرهاب وتعطيل العدالة"، فيه تجاوز للقوانين المعمول بها. وردا على الانتقادات، قالت وزارة العدل "إن 13 قاضيا من بين الـ57 ثبت تورطهم في تفخيخ مفاصل القضاء، ووقع توظيفهم في السنوات الأخيرة سياسيا للاستيلاء على محاضر أبحاث خطيرة متصلة بقضايا الاغتيالات والإرهاب وحتى الإجرام الاجتماعي، وتدليسها وإخفائها وعدم إضافتها لملفات القضايا الخاصة بها، والتفريط في محجوز وآلات جريمة والتخابر مع إرهابيين والتسبب في قتل أعوان حرس اخترقوا الجماعات الإرهابية، أي تورطوا في جرائم كبرى ترتقي إلى جنايات موجبة للإيقاف منذ مدة". وهنالك خلافات حادة بين القضاة أنفسهم، وهو ما أكده رئيس جمعية القضاة التونسيين أنس الحمايدي الذي أفاد بأن "الجمعية تمد يدها لكل القضاة باستثناء أولئك الخونة الذين غدروا بزملائهم". وقال يوسف بوزاخر، الرئيس السابق للمجلس الأعلى للقضاء التونسي المنحل، "ستتم مقاضاة قرارات الرئيس قيس سعيّد". وقد قرر سعيّد البدء في عملية إصلاح القضاء بعد الخامس والعشرين من يوليو الماضي، حيث قرر في السادس من فبراير الماضي حل المجلس الأعلى للقضاء، مؤكدا أن "المجلس أصبح من الماضي"، متهما إياه بالفساد وداعيا إلى ضرورة إصلاح المنظومة القضائية. ويرى مراقبون أن القضاء التونسي تعرض للاختراق من قبل الأحزاب والمنظمات بعد قرار وزير العدل الأسبق نورالدين البحيري عزل أكثر من ثمانين قاضيا بذرائع مختلفة، ما فتح المجال أمام الإسلاميين للسيطرة على القطاع لتحقيق مصالح حزبية.
مشاركة :