يقدِّر الجميع الأعباء الكبيرة لوزارة النقل والخدمات اللوجستية؛ فهي ذات علاقة بجميع أطياف المجتمع، التي تأخذ في أولويات أهدافها تطوير وتحسين المدن والقرى كافة المنتشرة في أرجاء الوطن بمساحته الواسعة وتضاريسه المتنوعة. بوصفي مواطنًا أنقل بعض ما يمور في خلد أهالي مدينة الباحة التي تقع على قمم جبال السراة على ارتفاع 2500 متر عن سطح البحر؛ فطبيعتها الجبلية تأخذ جانبين: الأول البُعد الجمالي والسياحي بوفرة الغطاء النباتي، واعتدال المناخ صيفًا؛ وهو ما يؤهلها لأن تكون واحدة من أهم مواقع الجذب السياحي المتميزة في وطننا الغالي. أما الجانب الآخر الذي يعرفه المهندسون ومنفذو المشاريع فهو يتمثل في طبوغرافية المدينة، التي تزيد من تكاليف المشاريع؛ ما يتطلب النظر لهذا الجانب عند تحديد مقدار الميزانية المخصصة لمنطقة الباحة. والطبوغرافية الجبلية لمدينة الباحة هي التي شكلتها بوضعها الراهن؛ فانتشرت المباني فوق سفوح وقمم الجبال؛ لذا يمكن القول إن الإنسان لا يستطيع أن يتحكم في مسار التشكيل التخطيطي لمدينة الباحة ما لم يكن للطبوغرافية تأثير في ذلك. وأعطي وصفًا سريعًا عن المدينة بأنه يخترقها طريقان رئيسيان، هما طريق الملك عبدالعزيز الرابط بين الطائف وأبها، وطريق الملك فهد من مطار الملك سعود متجهًا غربًا نحو الطريق الساحلي. ومن هذين المحورين تتفرع طرق فرعية، تخدم أحياء وقرى المدينة. ومع تزايد السكان والاحتياج إلى مساكن لجأ الكثيرون من الأهالي إلى ممتلكاتهم من المدرجات الزراعية التي بناها إنسان الباحة منذ آلاف السنين؛ لتكون سلة غذاء مهمة على مدى القرون الماضية. وكذلك انتشار العمران على حساب الغطاء النباتي الأخضر الذي تتميز به منطقة الباحة، بمعنى أن التهديد البشرى للمدرجات بصفتها سلة غذاء وللغطاء النباتي واردٌ ما لم يكن هناك حلول عاجلة ومناسبة. وهنا يطيب لي أن أضع على طاولة معالي وزير النقل هذا المقترح؛ إذ توجد أرض خام في شرق المدينة على طريق المطار، تخلو من الغطاء النباتي، وهي أسهل في عمليات التسوية مقارنة بموقع المدينة الحالي، مع الحفاظ على التكوين الطبوغرافي بإنشاء مدينة جديدة، تتواءم مع روح العصر، وتنسجم مع رؤية 2030، وتحقق طموحات الأهالي وأمانيهم؛ وبهذا تستطيع الوزارة الحفاظ على القيمة الزراعية المتمثلة في المدرجات الزراعية التي يصعب إعادتها عندما تمتد يد العمران إليها وتنتشر المباني الأسمنتية، ويصعب أيضًا توفير الغطاء النباتي الأخضر من أشجار العرعر التي تحتاج إلى عشرات السنين حتى تتشكل كوضعها الراهن. هذا المطلب الذي يشغل أذهان الكثير من الأهالي أضعه أمام الوزارة، والأمل الذي يحدوهم ويأملون تحقيقه. ونحن على يقين بأنها الأكثر حرصًا والأشد اهتمامًا.. متمنيًا أن يجد المقترح الدراسة من المختصين، وخصوصًا أن ولاة الأمر -حفظهم الله- يولون المواطن جُل اهتمامهم وعنايتهم، وليس صعبًا أن نرى مدينة الباحة الجديدة عما قريب؛ فكل ما تحتاج إليه فقط هو تهيئة المكان المقترح بكل الاحتياجات الأساسية من كهرباء وماء وصرف صحي وشوارع وخدمات أخرى صحية وتعليمية وأمنية.
مشاركة :