قطعت إمارة أبوظبي شوطا مهما نحو تعزيز ركائز الابتكار في إنتاج المحاصيل الزراعية عبر احتضانها لمشروع واعد بهدف تعزيز الأمن الغذائي ليس في الإمارة فحسب، بل وفي دولة الإمارات عموما. وفي أحدث خطوة في هذا الاتجاه، وقعت مدينة مصدر، الوجهة الرائدة في مجال الابتكار، ومجمع البحث والتطوير بأبوظبي، الثلاثاء، مذكرة تفاهم مع شركة دانا، منصة بناء المشاريع والاستثمار التي تتخذ من أبوظبي مقرا لها، لتطوير موقع تجريبي لاختبار مشاريع التكنولوجيا الزراعية. واعتمدت الإمارة الخليجية الثرية خلال السنوات القليلة الماضية حوافز سخية لجذب شركات التكنولوجيا الزراعية العالمية لتحويل التحديات الراهنة إلى فرص واعدة تحقق منافع اقتصادية في المديين المتوسط والطويل. أحمد باقحوم: لطالما كان البحث والتطوير محفزين للمشاريع المبتكرة ويتوقع أن تسهم هذه الشراكة في استدامة التكنولوجيا الزراعية، ودعم جهود الإمارات لتحقيق الأهداف الرئيسية المتعلقة بالاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي 2051. وبموجب الاتفاقية، ستقوم مدينة مصدر وشركة دانا، اللتان تدعمان الشركات الناشئة التي تديرها نساء في قطاعات التكنولوجيا الزراعية والطاقة والمياه والاقتصاد الدائري، بإنشاء أول موقع تجريبي في أبوظبي ضمن مدينة مصدر. وسيختبر الموقع التجريبي جدوى مشاريع التكنولوجيا الزراعية في المراحل المبكرة التي يمكن تطويرها وتجريبها على مستوى الإمارة. وسيركز الموقع على الشركات الناشئة المحلية والإقليمية إذ سيتم توفير حلول تتراوح بين مرحلتي التطوير ما قبل التأسيس والسلسلة الأولى عند الانتهاء. وتسعى الإمارات لتحقيق اكتفائها الذاتي من الغذاء والتقليل من الاعتماد على الاستيراد، من خلال تشجيع المزارعين ودعمهم على تبني الزراعة الذكية، التي يمكن أن تحوّل الصحراء القاحلة إلى بساتين تنتج الخضار والبقول والفواكه وحتى الحليب والسمك. ونسبت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية إلى أحمد باقحوم، المدير التنفيذي بالإنابة لمدينة مصدر “لطالما كان البحث والتطوير محفزين لإنشاء المشاريع المبتكرة ودافعين لتشكيل نواتها الأساسية والمساهمة بإحداث تغيير إيجابي يشمل مختلف القطاعات والمجتمع”. وأكد أن التعاون مع شركة دانا يمثل خطوة أخرى تعكس التزام مدينة مصدر بدعم الشركات الناشئة. وكانت حكومة أبوظبي قد وافقت في مارس 2019 على حزمة حوافز استثمارية بقيمة مليار درهم (272 مليون دولار) لدعم مشاريع التكنولوجيا الزراعية. وباعتبارها مجمع البحث والتطوير المعتمد الوحيد في أبوظبي، فإن مدينة مصدر ستضمن استمرار هذه النتائج حيث تلعب دورا رئيسيا في تشكيل مستقبل الصناعات المستدامة. وسيتم ذلك من خلال احتضان الشركات الناشئة ودعم مشاريعها خلال انتقالها من مرحلة الأفكار الإبداعية إلى مرحلة العمل الفعلي وصولاً إلى المجالات المخصصة لهذه المشاريع. وأوضح باقحوم أن الموقع التجريبي الذي يتم إنشاؤه بموجب الشراكة سيكون مركزا لتعزيز التكنولوجيا الزراعية، حيث يتم تعزيز مبادرات الابتكار التي تقودها النساء، بما يساهم في دعم جهود الاستدامة وتحقيق النجاح على المدى الطويل. زادا حاج: هدفنا اختبار جدوى المنتج وإمكانية توفيره وحدود تكلفته ويراهن المسؤولون على مساهمة المشروع التجريبي في دعم الابتكار على الصعيد المحلي وتوفير منصة من الجيل التالي للشركات الناشئة لاستعراض حلولها الزراعية والغذائية المحلية قبل دخولها إلى السوق. كما سيضمن أن يوفر للشركات في الإمارات ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا البنية التحتية والتوجيهات اللازمة للتغلب على تحديات الأمن الغذائي وندرة الموارد في المواقع الصحراوية. وستدعم هذه التجربة تحقيق العديد من الأولويات التي حددتها استراتيجية للأمن الغذائي في الإمارات بما في ذلك زيادة الإنتاج المحلي، وتمكين الإنتاج الغذائي المستدام من خلال توظيف التقنيات الحديثة، وتنويع مصادر الغذاء عبر تطوير الشراكات. وستتعاون دانا ومدينة مصدر لتحقيق الهدف من إنشاء الموقع التجريبي والمتمثل في توفير منصة رائدة ومحفزة للابتكار في مجال التقنيات الزراعية وتقديم حلول متطورة ونوعية. وسوف تعطى الأولوية للتركيز على الحلول الواعدة التي تنشأ عن الموقع والاستثمار فيها. وبموجب الشراكة، فقد بدأ التواصل مع مجموعة من الشركات الاستثمارية والجهات الحاضنة ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لتقديم خدماتها لمحفظة شركات المشروع، وذلك في ظل تنامي قطاع التكنولوجيا الزراعية. ومن المتوقع أن تنمو السوق الزراعية الإقليمية بمعدل نمو سنوي مركب بنسبة 5.7 في المئة حتى عام 2026. وقالت زادا حاج، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة دانا، “نشهد تنامي إمكانيات منظومة الابتكار في أبوظبي بشكل يومي، لكننا غالبا ما نفتقد إلى توفر خيار الاختبار العملي للحلول التقنية على أرض الواقع”. وبالنسبة إلى قطاع التكنولوجيا الزراعية، ترى حاج أن “الأمر أكثر من مجرد كتابة سطر برمجي جديد فنحن في حاجة إلى اختبار المنتج لمعرفة جدواه التجارية، وإمكانية توفيره، وحدود تكلفته في أسرع وقت ممكن”. وبدأت دانا، التي تأسست من قبل ثلاث سيدات، العمل منذ نحو سنتين كمنصة لدعم تطوير المشاريع والاستثمار في شركات ناشئة تقودها نساء في مجال استخدام التكنولوجيا في الأراضي الصحراوية. ومن خلال الاهتمام بدعم رائدات الأعمال، سيركز الموقع التجريبي الجديد على أهمية توفير الفرص لرائدات الأعمال الإماراتيات لتوسيع نطاق مشاريعهن، تماشياً مع الأجندة الوطنية لدولة الإمارات الهادفة إلى تمكين المرأة. Thumbnail وعند استكمال المشروع، سيضم الموقع 1700 متر مربع من البيوت الزجاجية، والمنازل الشبكية، وحقول الزراعة المفتوحة، ما يعني توفير خيارات متنوعة لإنتاج محاصيل مستدامة ضمن البيئة الصحراوية. كما سيركز الموقع التجريبي على تطوير حلول قادرة على مواجهة مشكلات شح المياه، والري، وتبريد البيوت الزجاجية، والتحديات المتعلقة بزراعة التربة وتجديدها، بالإضافة إلى اختبار مدى مرونة أصناف البذور الجديدة. ومع تلقي العديد من الطلبات من شركات ناشئة تتطلع إلى اختبار منتجاتها ضمن مدينة مصدر، فمن المقرر أن تبدأ أعمال الإنشاءات في المشروع في يوليو المقبل، على أن يدخل المشروع حيز التشغيل الكامل في الربع الرابع من هذا العام. وأطلقت أبوظبي في مارس 2016 أول منشأة في العالم لأبحاث الطاقة الحيوية المستدامة لزراعة الأراضي الصحراوية المروية بمياه البحر لإنتاج الغذاء ووقود الطائرات.