نظّم بيت الشعر في الشارقة مساء أمس الأول أمسية شعرية احتفالاً باليوم العالمي للّغة العربية ، اشترك فيها عدد من الشعراء هم خلود المعلا من الإمارات، وبشرى عبد الله من الإمارات، والدكتور محمد عبد الكريم الشحي من سلطنة عُمان، ومحمد البياسي من سوريا، ومحمد أبو شرارة من السعودية، وأدارتها الشاعرة ساجدة الموسوي، وذلك بحضور محمد عبد الله البريكي مدير بيت الشعر. قالت الموسوي في تقديمها للأمسية: اللغة العربية لغة اختارها الله تعالى لوحيه إلى نبيه ،صلى الله عليه وسلم، فأصبحت بذلك تحتل مكانة مميزة في قلوب العرب والمسلمين، فهي لغة مقدسة وباقية إلى الأزل، وكما عوّدنا على نهجه الوطني والقومي والإنساني في التفاعل مع جميع الأحداث والمستجدات الثقافية على جميع الصعد، يقيم بيت الشعر في شارقة العز هذه الاحتفالية لينير بقناديله المتوهجة دروب الفكر والعقل والوجدان. افتتحت الأمسية بقراءات للشاعرة خلود المعلا، تميزت بكونها مقطوعات قصيرة سريعة على شكل ومضات، ترسلها لترك انطباع أو دلالة ما، وركزت في مقطوعاتها على معاني الحب كسمة إنسانية ينبغي أن يتحلى بها الإنسان وينظر من خلالها إلى الكون، كما عبرت عن الإحساس بتغير الزمن وتفرق الأصحاب وما يتركه في النفس من حسرة وانتظار، وفي نص بعنوان قفص تعبر عن المفارقة التي يعيشها الإنسان بين حب الانعتاق والحرية والتخلص من كل القيود، وبين إكراهات الواقع البشري.. تقول: أدورُ مثل عصفورة زينة تعبرني النهارات أقف بمحاذاة التمني ينفتح الباب وأنا بلا جناحيْن بدوره قرأ الشاعر محمد البياسي مجموعة قصائد راوحت بين الشأن الوطني والقومي والرثاء، وهو شاعر مطبوع لا ترهقه العبارة، ويمتلك قدرة جميلة على وضع اللفظة موضعَها المناسب، وفي الموضوع القومي تغنى بأمجاد العرب وتاريخهم، وما تركوه في الدنيا من إرث ساطع، وأنهم مهما تكالب عليهم الأعداء، فسينهضون من جديد ويستعيدون تلك الأمجاد، وفي موضوع الرثاء، وقرأ في رثاء زوجته نصاً عبر فيه عن الفجيعة بالفقد، والإحساس بالوحدة، يقول من قصيدة بعنوان ما نفعه: كم شقَّ فيه الحزن جُبّاً فلم أرفأ له جرحاً ولم أرقعِ لم يَعِ حتى اليوم ما قد جرى لا لوم لا تثريب إذ لم يَعِ مثلكِ قلبي مات لكنه ما مات عن حبك إذ ما نُعي أما الشاعر محمد أبو شرارة فقرأ قصائد تدور حول الشكوى من الواقع والتألم من الصراعات التي تمزق جسم الأمة العربية شرقاً وغرباً، ومن فقدان السلم والتراحم، كما قرأ قصائد في الغزل منها قصيدة راقصة الجاز التي اهتم فيها بصناعة الصورة بتجميعها من مشاهد عدة، تؤول في النهاية لمعنى واحد ناظم للمقطوعة، فجاءت بديعة رقيقة على قدر معنى الشفوف الذي يصنعه للمحبوبة: تجيئينَ لا تحتويكِ اللّغى أشَفَّ من الحلُمِ المُبْتغى تطلين من شرفة النّهوندِ من ضحكة الطفل لما نَغا بعينيكِ من وشوشاتِ الربيعِ ما أنطق الكرمةَ الببَّغا وما وشوش الطفل أغنية لدميته بين(دادا) و(غا) الشاعر د. محمد عبد الكريم الشحي بدا متمكناً من مفردته، طويل النفس، موغلاً في الرمزية، يحشد في أبياته الكثير من الصور التي راوحت بين الشفافية الجميلة والغموض المستغلق، يقول في قصيدة مقام الظلّ: أقول للظلِّ - ظلّي - فلتكن شجرا سيحرس النبعَ من ظنّ اللغاتِ ثرى وكن نشيداً قديماً كلما ارتفعت به الحناجر سالتْ في الشموعِ قرى وقل لأول من أعطاكَ قافيةً وكان يسألُ عنك اللهَ هل كَبُرا رميتَ عودكَ في الصحراء منكسراً وما دريتَ بأن الماء فيه جرى واختتمت الأمسية بقراءات للشاعرة بشرى عبد الله غنت فيها للحرية والانعتاق، واستمطرت هواء الخلاص من سجن الروح، واستشرفت ضوء الغد البهي، تقول من نصها بابُ الروح: هنالك في الروح/ بابان/ نافذتان/ وشمس لها رغبة / في البكاء/ وصمتٌ يلوّح/ للشمس/ ألّا بكاءَ / سيروي الحنين/ فلا تفتحوا الباب / خلّوا الهواء/ يمارس طقس التجلّي/ دعوا الشمسَ تلبسُ خلخالها / وتراقص ضوء الحقيقة / حين تكسّر في الظلّ/ حين تعود/ إلى العتمة المشتهاة.
مشاركة :