انضمام فنلندا والسويد إلى حلف الأطلسي والحسابات الإقليمية

  • 6/10/2022
  • 01:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

تستمر‭ ‬الحرب‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬توسع‭ ‬رقعة‭ ‬السيطرة‭ ‬الروسية‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬وتصاعد‭ ‬موجة‭ ‬العقوبات‭ ‬على‭ ‬روسيا،‭ ‬واستخدام‭ ‬روسيا‭ ‬أسلحتها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬لمواجهتها،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تحذيرات‭ ‬مراقبين‭ ‬بأن‭ ‬استمرار‭ ‬الحرب‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يجر‭ ‬مخاطر‭ ‬كبيرة‭ ‬على‭ ‬الاستقرار‭ ‬الأوروبي‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬والعالم‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭.‬ استثمرت‭ ‬أمريكا‭ ‬وحدها‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬حوالي‭ ‬53‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬المساهمات‭ ‬الغربية‭ ‬الأخرى،‭ ‬كمساعدات‭ ‬تضمن‭ ‬بقاء‭ ‬أوكرانيا‭ ‬صامدة‭.‬ ‭ ‬ويسعى‭ ‬الغرب‭ ‬بشكل‭ ‬صريح‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬هزيمة‭ ‬لروسيا‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬تضمن‭ ‬لهم‭ ‬عدم‭ ‬السماح‭ ‬لروسيا‭ ‬بتهديد‭ ‬السلم‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬مستقبلاً‭.‬ لا‭ ‬يمكن‭ ‬اعتبار‭ ‬أن‭ ‬الطلبين‭ ‬اللذين‭ ‬تقدمت‭ ‬بهما‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬فنلندا‭ ‬والسويد‭ ‬لحلف‭ ‬شمال‭ ‬الأطلسي‭ ‬‮«‬الناتو‮»‬‭ ‬للانضمام‭ ‬إليه‭ ‬في‭ ‬الثامن‭ ‬عشر‭ ‬من‭ ‬الشهر‭ ‬الماضي‭ ‬يخرج‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬النسق‭ ‬وتلك‭ ‬المساعي‭. ‬ ويشكل‭ ‬انضمام‭ ‬فنلندا‭ ‬والسويد‭ ‬إلى‭ ‬الحلف‭ ‬العسكري،‭ ‬إن‭ ‬وافقت‭ ‬تركيا‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الانضمام،‭ ‬مزيداً‭ ‬من‭ ‬التعقيدات‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬الأزمة‭ ‬العسكرية‭ ‬الأوروبية،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكشف‭ ‬أيضاً‭ ‬مدى‭ ‬وحدود‭ ‬التعاون‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬بين‭ ‬روسيا‭ ‬وتركيا‭.‬ ‭ ‬وليس‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬ينضم‭ ‬البلدان‭ ‬إلى‭ ‬الحلف‭ ‬خلال‭ ‬قمته‭ ‬القادمة‭ ‬نهاية‭ ‬الشهر‭ ‬الجاري،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الشروط‭ ‬التي‭ ‬تضعها‭ ‬تركيا‭ ‬حالياً‭ ‬لتحقق‭ ‬مكاسب‭ ‬سياسية‭ ‬وعسكرية‭ ‬مهمة‭ ‬لها،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬لها‭ ‬سوابق‭ ‬في‭ ‬استخدامها‭ ‬الفيتو‭ ‬المعطل‭ ‬لقرارات‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭ ‬من‭ ‬قبل،‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬تحقيق‭ ‬مصالحها‭.‬ والسؤال‭ ‬الذي‭ ‬يطرحه‭ ‬هذا‭ ‬المقال‭ ‬هو‭ ‬هل‭ ‬هي‭ ‬مصالح‭ ‬تركيا‭ ‬فقط‭ ‬أم‭ ‬علاقاتها‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬مع‭ ‬روسيا‭ ‬أيضاً،‭ ‬من‭ ‬يقف‭ ‬وراء‭ ‬موقفها‭ ‬الرافض‭ ‬لانضمام‭ ‬فنلندا‭ ‬والسويد‭ ‬إلى‭ ‬حلف‭ ‬الناتو؟‭ ‬ قررت‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬فنلندا‭ ‬والسويد‭ ‬طي‭ ‬صفحة‭ ‬الماضي‭ ‬والتراجع‭ ‬عن‭ ‬تبني‭ ‬سياسة‭ ‬عدم‭ ‬الانحياز‭ ‬العسكري،‭ ‬الذي‭ ‬حكم‭ ‬سلوك‭ ‬البلدين‭ ‬منذ‭ ‬عقود‭ ‬طويلة،‭ ‬بعد‭ ‬قرارهما‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭.‬ عملت‭ ‬فنلندا‭ ‬بسياسة‭ ‬عدم‭ ‬الانحياز‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬75‭ ‬عاماً،‭ ‬بعدما‭ ‬التزمت‭ ‬بذلك‭ ‬للاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬عام‭ ‬1948‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يضمها‭ ‬إلى‭ ‬أراضيه،‭ ‬بينما‭ ‬امتدت‭ ‬سياسة‭ ‬السويد‭ ‬بالعمل‭ ‬بتلك‭ ‬السياسة‭ ‬منذ‭ ‬القرن‭ ‬التاسع‭ ‬عشر،‭ ‬حيث‭ ‬لم‭ ‬يخض‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬أي‭ ‬حرب‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1814،‭ ‬والتزم‭ ‬رسمياً‭ ‬بسياسة‭ ‬الحياد‭ ‬مع‭ ‬نهاية‭ ‬حروب‭ ‬نابليون،‭ ‬ولم‭ ‬يشارك‭ ‬في‭ ‬الحربين‭ ‬العالميتين‭ ‬في‭ ‬النصف‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭.‬ وخصص‭ ‬البلدان‭ ‬ميزانية‭ ‬عسكرية‭ ‬كبيرة،‭ ‬خلال‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬موقعهما‭ ‬خارج‭ ‬التحالفين‭ ‬الشرقي‭ ‬والغربي،‭ ‬انخفضت‭ ‬بشكل‭ ‬ملحوظ‭ ‬بعد‭ ‬انهيار‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭. ‬ ولم‭ ‬يكن‭ ‬البلدان‭ ‬بعيدين‭ ‬عن‭ ‬السياسة‭ ‬الغربية‭ ‬بعد‭ ‬انهيار‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي،‭ ‬فأبرما‭ ‬منذ‭ ‬تسعينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬اتفاقيات‭ ‬شراكة‭ ‬مع‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬وشاركا‭ ‬في‭ ‬مهمات‭ ‬الحلف‭ ‬في‭ ‬البلقان‭ ‬وأفغانستان‭ ‬والعراق،‭ ‬كما‭ ‬شاركت‭ ‬السويد‭ ‬مؤخراً‭ ‬في‭ ‬مهمة‭ ‬في‭ ‬مالي‭ ‬أيضاً،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الحرب‭ ‬الأوكرانية‭ ‬الروسية‭ ‬الأخيرة‭ ‬شكلت‭ ‬الانعطافة‭ ‬الحادة‭ ‬في‭ ‬قرار‭ ‬البلدين‭ ‬نحو‭ ‬الغرب‭.‬ وكانت‭ ‬ميزانية‭ ‬البلدين‭ ‬العسكرية‭ ‬قد‭ ‬عاودت‭ ‬ارتفاعها‭ ‬بعد‭ ‬توجه‭ ‬روسيا‭ ‬إلى‭ ‬ضم‭ ‬شبه‭ ‬جزيرة‭ ‬القرم‭ ‬عام‭ ‬2014،‭ ‬كما‭ ‬ارتفعت‭ ‬نسبة‭ ‬التأييد‭ ‬الشعبي‭ ‬في‭ ‬شوارع‭ ‬البلدين‭ ‬للانضمام‭ ‬إلى‭ ‬حلف‭ ‬الناتو،‭ ‬في‭ ‬أعقاب‭ ‬التدخل‭ ‬العسكري‭ ‬الروسي‭ ‬الأخير‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭.‬ ورغم‭ ‬اعتبار‭ ‬فلاديمير‭ ‬بوتين‭ ‬أن‭ ‬انضمام‭ ‬فنلندا‭ ‬والسويد‭ ‬لا‭ ‬يشكل‭ ‬تهديداً‭ ‬مباشراً‭ ‬لروسيا،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬اعتبر‭ ‬أن‭ ‬روسيا‭ ‬سترد‭ ‬على‭ ‬عمليات‭ ‬الانتشار‭ ‬العسكري‭ ‬لحلف‭ ‬الناتو‭ ‬على‭ ‬حدودها‭.‬ وجاء‭ ‬الحديث‭ ‬في‭ ‬روسيا‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬توسيع‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬العسكرية‭ ‬لحلف‭ ‬الناتو‭ ‬في‭ ‬هذين‭ ‬البلدين‭ ‬سيستدعي‭ ‬إمكانية‭ ‬حدوث‭ ‬رد‭ ‬عسكري‭ ‬تقني،‭ ‬والذي‭ ‬يأتي‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬تفعيل‭ ‬جبهة‭ ‬الردع‭ ‬الروسية‭ ‬الغربية،‭ ‬لمواجهة‭ ‬هذا‭ ‬التحول‭ ‬العسكري‭ ‬المفترض،‭ ‬وكذلك‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬نشر‭ ‬صواريخ‭ ‬نووية‭ ‬روسية‭ ‬في‭ ‬بحر‭ ‬البلطيق‭.‬ ويفعل‭ ‬دخول‭ ‬فنلندا‭ ‬والسويد‭ ‬إلى‭ ‬حلف‭ ‬الناتو،‭ ‬العمل‭ ‬بالمادة‭ ‬الخامسة‭ ‬من‭ ‬ميثاق‭ ‬الحلف،‭ ‬والتي‭ ‬تعتبر‭ ‬أن‭ ‬أي‭ ‬هجوم‭ ‬على‭ ‬أحد‭ ‬أعضاء‭ ‬الحلف‭ ‬هجوم‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬الأعضاء،‭ ‬ما‭ ‬يتطلب‭ ‬تفعيل‭ ‬نظام‭ ‬الأمن‭ ‬الجماعي‭ ‬لردع‭ ‬المعتدي‭.‬ كما‭ ‬يفترض‭ ‬دخول‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬فنلندا‭ ‬والسويد‭ ‬إلى‭ ‬الحلف‭ ‬إمكانية‭ ‬زرع‭ ‬قواعد‭ ‬عسكرية‭ ‬في‭ ‬هذين‭ ‬البلدين،‭ ‬واقتراب‭ ‬القوة‭ ‬العسكرية‭ ‬للحلف‭ ‬من‭ ‬الحدود‭ ‬الغربية‭ ‬لروسيا،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يفسر‭ ‬تحذيرات‭ ‬روسيا‭ ‬للبلدين‭ ‬بأنهما‭ ‬سيكونان‭ ‬على‭ ‬خط‭ ‬جبهة‭ ‬الناتو‭.‬ بانضمام‭ ‬فنلندا‭ ‬والسويد‭ ‬إلى‭ ‬حلف‭ ‬الناتو،‭ ‬سيصبح‭ ‬على‭ ‬حدود‭ ‬روسيا‭ ‬سبع‭ ‬دول‭ ‬من‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬خمس،‭ ‬وتتشارك‭ ‬الحدود‭ ‬حاليا‭ ‬مع‭ ‬روسيا‭ ‬خمس‭ ‬دول‭ ‬أعضاء‭ ‬في‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭ ‬هي‭: ‬استونيا‭ ‬ولاتفيا‭ ‬وليتوانيا‭ ‬وبولندا‭ ‬والنرويج‭ ‬بحوالي‭ ‬1200‭ ‬كيلومتر‭.‬ وستتضاعف‭ ‬مساحة‭ ‬هذه‭ ‬الحدود‭ ‬بانضمام‭ ‬فنلندا،‭ ‬التي‭ ‬تتشارك‭ ‬وحدها‭ ‬مع‭ ‬روسيا‭ ‬بحوالي‭ ‬1300‭ ‬كيلومتر،‭ ‬بينما‭ ‬سيؤدي‭ ‬انضمام‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬فنلندا‭ ‬والسويد‭ ‬إلى‭ ‬سيطرة‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭ ‬على‭ ‬بحر‭ ‬البلطيق،‭ ‬باستثناء‭ ‬منطقة‭ ‬المياه‭ ‬الروسية‭ ‬المحيطة‭ ‬بمنطقة‭ ‬سان‭ ‬بطرسبرغ،‭ ‬حيث‭ ‬تمتلك‭ ‬روسيا‭ ‬أسطولاً‭ ‬بحرياً‭ ‬كبيراً‭ ‬فيها‭.‬ هذه‭ ‬ليست‭ ‬المرة‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬فيها‭ ‬دولة‭ ‬عضو‭ ‬في‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭ ‬بتعطيل‭ ‬قبول‭ ‬عضو‭ ‬جديد‭ ‬فيه،‭ ‬وخصوصاً‭ ‬أن‭ ‬نظام‭ ‬الحلف‭ ‬يشترط‭ ‬موافقة‭ ‬الأعضاء‭ ‬الثلاثين‭ ‬بالإجماع،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬تركيا‭ ‬بشكل‭ ‬محدد‭ ‬قد‭ ‬استخدمت‭ ‬الفيتو‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مرة‭ ‬لتعطيل‭ ‬تمرير‭ ‬قرارات‭ ‬للحلف،‭ ‬وحققت‭ ‬مكاسب‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬تراجعها‭.‬ وترفض‭ ‬تركيا‭ ‬دعم‭ ‬قرار‭ ‬طلب‭ ‬العضوية‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬فنلندا‭ ‬والسويد‭ ‬في‭ ‬حلف‭ ‬الناتو،‭ ‬معتبرة‭ ‬أن‭ ‬منح‭ ‬فنلندا‭ ‬والسويد‭ ‬العضوية‭ ‬في‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭ ‬سيمنح‭ ‬البلدين‭ ‬قوة‭ ‬ومكانة‭ ‬أكبر‭ ‬مقارنة‭ ‬بها،‭ ‬حيث‭ ‬يرفض‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬انضمامها‭ ‬إليه‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة،‭ ‬وتستشهد‭ ‬تركيا‭ ‬بالضرر‭ ‬الذي‭ ‬وقع‭ ‬عليها‭ ‬بعدما‭ ‬وافقت‭ ‬على‭ ‬دخول‭ ‬اليونان‭ ‬للحلف،‭ ‬إذ‭ ‬يعتبر‭ ‬ذلك‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬غير‭ ‬صالحها‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬النفوذ‭ ‬السياسي‭ ‬والدبلوماسي‭ ‬لليونان‭ ‬وقبرص‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬على‭ ‬حسابها،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬صراعها‭ ‬معها‭ ‬على‭ ‬مصادر‭ ‬الطاقة‭ ‬في‭ ‬حوض‭ ‬البحر‭ ‬المتوسط‭.‬ وتتهم‭ ‬تركيا‭ ‬كلا‭ ‬من‭ ‬فنلندا‭ ‬والسويد‭ ‬بأنهما‭ ‬تدعمان‭ ‬شخصيات‭ ‬معارضة‭ ‬تنتمي‭ ‬إلى‭ ‬حزب‭ ‬العمال‭ ‬الكردستاني،‭ ‬والذي‭ ‬تصنفه‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬بـ«الإرهاب‮»‬،‭ ‬ويخوض‭ ‬تمرداً‭ ‬مسلحاً‭ ‬ضد‭ ‬تركيا‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1984،‭ ‬كما‭ ‬أنهما‭ ‬تدعمان‭ ‬أنصار‭ ‬رجل‭ ‬الدين‭ ‬التركي‭ ‬المعارض‭ ‬فتح‭ ‬الله‭ ‬غولن‭ ‬المقيم‭ ‬في‭ ‬المنفى‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬والذي‭ ‬تتهمه‭ ‬تركيا‭ ‬بالتخطيط‭ ‬لمحاولة‭ ‬الانقلاب‭ ‬الفاشلة‭ ‬عام‭ ‬2016،‭ ‬كما‭ ‬تتهم‭ ‬تركيا‭ ‬فنلندا‭ ‬والسويد‭ ‬بالتواصل‭ ‬ودعم‭ ‬حزب‭ ‬العمال‭ ‬الكردستاني‭ ‬ووحدات‭ ‬حماية‭ ‬دعم‭ ‬الشعب‭ ‬السوري‭.‬ وتطالب‭ ‬تركيا‭ ‬البلدين‭ ‬بإلغاء‭ ‬العقوبات‭ ‬العسكرية‭ ‬التي‭ ‬فرضتها‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2019،‭ ‬بعد‭ ‬هجومها‭ ‬على‭ ‬وحدات‭ ‬حماية‭ ‬الشعب‭ ‬الكردي‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬شرقي‭ ‬سورية،‭ ‬وهو‭ ‬الحظر‭ ‬الغربي‭ ‬الذي‭ ‬تراجعت‭ ‬عنه‭ ‬بريطانيا‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭.‬ وتطالب‭ ‬تركيا‭ ‬السويد‭ ‬بوقف‭ ‬دعمها‭ ‬وتحالفها‭ ‬مع‭ ‬وحدات‭ ‬حماية‭ ‬الشعب‭ ‬الكردي‭ ‬السوري،‭ ‬التي‭ ‬تتحالف‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬ودول‭ ‬غربية‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬ناحية،‭ ‬وتشتبك‭ ‬مع‭ ‬تركيا‭ ‬في‭ ‬سورية‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى‭.‬ وتعتبر‭ ‬السويد‭ ‬ملاذاً‭ ‬للمنشقين‭ ‬الأتراك‭ ‬منذ‭ ‬ثمانينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬وتضع‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬مرتبة‭ ‬متقدمة‭ ‬في‭ ‬سياستها‭ ‬الخارجية،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬تعاطفاً‭ ‬سويدياً‭ ‬شعبياً‭ ‬مع‭ ‬قضايا‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬عموماً،‭ ‬ومع‭ ‬قضية‭ ‬الأكراد‭ ‬بشكل‭ ‬خاص،‭ ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬تقديم‭ ‬تنازلات‭ ‬ذات‭ ‬مغزى‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الملف‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬السويد‭ ‬وتركيا،‭ ‬وخصوصاً‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬اقتراب‭ ‬موعد‭ ‬الانتخابات‭ ‬في‭ ‬البلدين‭.‬ إن‭ ‬ذلك‭ ‬يفسر‭ ‬تصريحات‭ ‬تركيا‭ ‬التي‭ ‬تميل‭ ‬إلى‭ ‬إغلاق‭ ‬باب‭ ‬القبول‭ ‬في‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭ ‬المتوقف‭ ‬على‭ ‬قبولها‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬السويد،‭ ‬بينما‭ ‬تتركه‭ ‬موارباً‭ ‬أمام‭ ‬فنلندا‭.‬ ‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬حقائق‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬ذكرها‭ ‬قد‭ ‬تساعد‭ ‬في‭ ‬تفسير‭ ‬سياسات‭ ‬تركيا‭ ‬أيضاً‭ ‬تجاه‭ ‬قبول‭ ‬فنلندا‭ ‬والسويد‭ ‬في‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭. ‬فعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬محاولات‭ ‬أردوغان‭ ‬إظهار‭ ‬سياسة‭ ‬متوازنة‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية‭ ‬الحالية،‭ ‬فيعارض‭ ‬التدخل‭ ‬الروسي‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬بينما‭ ‬يرفض‭ ‬مجاراة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬في‭ ‬عقوباتها‭ ‬تجاه‭ ‬روسيا،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬العلاقات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬والتفاهمات‭ ‬اللافتة‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الجبهات‭ ‬المفتوحة‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المناطق،‭ ‬والتي‭ ‬بدأت‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2015،‭ ‬وشكلت‭ ‬ملاذاً‭ ‬لتركيا‭ ‬لمواجهة‭ ‬انحياز‭ ‬القوى‭ ‬الغربية‭ ‬بقيادة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬ضدها،‭ ‬وخصوصاً‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬العسكري،‭ ‬قد‭ ‬تجعلنا‭ ‬ننظر‭ ‬إلى‭ ‬رفض‭ ‬تركيا‭ ‬قبول‭ ‬فنلندا‭ ‬والسويد‭ ‬ضمن‭ ‬اعتبارات‭ ‬أخرى‭ ‬غير‭ ‬مجرد‭ ‬تحقيق‭ ‬مصالح‭ ‬تركيا‭ ‬فقط‭.‬ { كاتبة‭ ‬من‭ ‬فلسطين‭ ‬  

مشاركة :