تبدو ولاية نيفادا لأول وهلة وكأنها المكان الذي يرسم مستقبل السيارات الكهربائية، ففي شهر يونيو الماضي، طلعت شركة «تيسلا» المتخصصة بإنتاج السيارات الرياضية الخارقة، بمفاجأة تكنولوجية كبرى عندما أعلنت عن بناء مركّب لصناعة البطاريات المتخصصة بدفع السيارات الكهربائية بتكلفة إجمالية تصل إلى 5 مليارات دولار، ويوم الأربعاء قبل الماضي، أعلنت شركة صينية تأسست حديثاً تحت اسم «مستقبل فاراداي» Faraday Future (نسبة إلى عالم الكهرباء والمغناطيسية الإنجليزي الشهير مايكل فاراداي)، عن أنها اختارت إحدى ضواحي مدينة لاس فيجاس الأميركية لإقامة مصنع للسيارات الكهربائية بتكلفة إجمالية تصل إلى مليار دولار، وتأمل «فاراداي» بأن تصبح عام 2017 منافساً قوياً للطراز «موديل إس» Model S، وهو اسم السيارة الكهربائية بالغة التطور التي تنتجها شركة «تسلا» بالفعل. إلا أن المثير للدهشة في هذا التطور هو أن الإنجازات الحقيقية لتطوير السيارات الكهربائية تتحقق في الصين لأن السماء المكفهرّة بسحب الغازات الصناعية الملوثة للجو، وكثرة الشركات الصينية التي تأسست حديثاً، انطوت على ظروف مثالية للتركيز على تطوير هذه السيارات الصديقة للبيئة، ويكمن الدليل على هذا التوجّه القوي في الأرقام الإحصائية، ووفقاً لبيانات صدرت الأسبوع قبل الماضي عن «الرابطة الصينية لصنّاع السيارات» CAAM، فلقد اقتربت مبيعات السيارات الكهربائية في الصين من تجاوز أرقام مبيعاتها في الولايات المتحدة لأول مرة على الإطلاق، وحقق المعدل السنوي لرواجها هناك زيادة سنوية بلغت 290 بالمئة حتى وصل إلى 171145 سيارة، ومن المنتظر أن يرتفع هذا الرقم إلى 220 ألفاً هذا العام مقابل 180 ألفاً من المنتظر بيعها في السوق الأميركية خلال العام ذاته، فما العوامل التي شجعت على حدوث هذه الطفرة الصينية في صناعة السيارات الكهربائية؟ مثلما هي الحال بالنسبة لكل ما تنتجه الصين، فإن «التكلفة» تبقى العامل الأساسي للحكم على الأمور، ولنأخذ على سبيل المثال مصنع «زيندايانج» Xindayang للسيارات الكهربائية الذي تأسس قبل 14 عاماً، والذي اندمج مؤخراً مع شركة «جيلي» Geely، وهي أضخم مجموعة وطنية صينية لصناعة السيارات، وتمتلك حقوق صناعة علامة «فولفو» السويدية، فلقد أطلقت «زيندايانج» مؤخراً سيارة كهربائية جديدة تحت اسم (دي2) D2، المصممة بشكل خاص لخدمة سكان الضواحي والأرياف الذين اعتادوا أن يقودوا سياراتهم لمسافات قصيرة. وربما لا تنطوي هذه السيارة الجديدة على مستوى عالٍ من رفاهية الركوب، إلا أنها أكثر تطوراً من طرازها السابق (دي1) الذي أطلق لأول مرة عام 2013، وقالت مصادر الشركة في وصفها لها: «إنها تبدو وكأنها سيارة ملعب جولف، بل إنها أكثر منها فخامة»، وعلى الرغم من هذا التوصيف الصيني المبهر للطراز (دي2) فإن مجلة «فوربس» الأسبوعية واسعة الانتشار وصفتها بأنها أشبه بـ(عنكبوتة مجهَدة) عندما تحاول تحقيق تسارعها المتواضع من 0 إلى 30 كيلومتراً في الساعة في 10 ثوانٍ، حتى أنها تبدو أشبه بالسلحفاة. ولعل الميزة الكبرى التي تتفوق فيها (دي2) هي ثمنها المنخفض الذي يبلغ 10 آلاف دولار (36700 درهم) بالمقارنة مع «تيسلا موديل إس» الأميركية التي يبلغ ثمنها 70 ألف دولار (257 ألف درهم)، وهذه الميزة بحد ذاتها، سوف تسمح لشركة «زيندايانج» ببيع 32 ألف سيارة هذا العام، وهو رقم قريب من ذلك الذي حققته «تسلا موديل إس»، والذي بلغ 33157 سيارة خلال الربع الثالث من العام الجاري. وفي تعقيبه على هذا التفاوت في الأسعار، قال أحد المسؤولين الماليين في شركة «زيندايانج» من خلال حوار مع مجلة «فوربس»: «لا شك أن الشخص الذي يمكنه أن يصنع سيارة كهربائية ثمنها 100 ألف دولار لا يمكنه أن يغيّر العالم»، وكان هذا المسؤول الصيني يردّ على «إيلون موسك» مؤسس شركة «تسلا» الذي سبق له أن أصدر تصريحاً ينطوي على التحدي قال فيه: «إن الشخص الذي يمكنه إنتاج سيارة كهربائية يبلغ ثمنها 10 آلاف دولار، لا بد له أن يغيّر العالم». *آدم مينتر* *محلل اقتصادي أميركي مقيم في شنغهاي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
مشاركة :