الذكاء الاصطناعي يحوم حول صناعة الأدوية

  • 6/10/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تطوير دواء ضد حمى الضنك بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي؟ هذا ليس من ضروب الخيال العلمي، بل مشروع أطلقته أخيرا منظمة أوروبية غير حكومية، في مؤشر جديد إلى موقع هذه التكنولوجيا في المجالات العلاجية في عالمنا اليوم. فقد أطلقت منظمة “مبادرة لعلاجات الأمراض المهملة” الأهلية الساعية لتوفير علاجات لمثل تلك الأمراض، شراكة مع شركة “بينيفولنت إيه.آي” البريطانية التي تعمل على تطوير جزيئات جديدة باستخدام الذكاء الاصطناعي. وهذه ليست المحاولة الأولى لـ”بينيفولنت إيه.آي” في هذا المجال؛ فكانت قد سلطت الضوء بشكل خاص خلال الجائحة على الدور الذي يمكن أن يلعبه جزيء يحمل اسم “باريسيتينيب” طوره مختبر “إلي ليلي” لمرض آخر، في علاج مرضى كوفيد – 19. دلالات التغيير لا يوجد فنيو مختبرات بل أجهزة كمبيوتر لتحليل بيانات صحية بسرعة لا يستطيع أي عقل بشري الوصول إليها قد يُخيّل للبعض أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي باتت مستهلكة في مجالات كثيرة، لكن في قطاع الأدوية، يبدو أن التغيير يتخطى الطابع الشكلي. ففي بداية 2020 طورت شركة “إكزيستنسيا” الناشئة الاسكتلندية، مع المختبر الصيدلاني الياباني “سوميتومو دانيبون” أول جزيء مصنوع بالذكاء الاصطناعي للاستخدام في التجارب السريرية. ويقول مدير الشؤون العلمية لاتحاد شركات الأدوية توماس بوريل “إنه ليس أمرا استشرافيا: الذكاء الاصطناعي هو مقاربة منهجية لمعالجة البيانات، ويمكن استخدامه في عدة مراحل من عملية تطوير صناعة الأدوية”. وتكفي زيارة مقر الشركة الفرنسية الناشئة “إيكتوس” التي تأسست عام 2016، لفهم دلالات تغيير العصر. فهنا، لا توجد مجاهر أو أجهزة بيولوجية، ولا يوجد فنيو مختبرات يرتدون معاطف بيضاء، لكن أجهزة الكمبيوتر موجودة بكثرة وتُستخدم لتحليل الكثير من البيانات الصحية بسرعة لا يستطيع أي عقل بشري الوصول إليها. ويوضح يان غاستون ماتيه رئيس الشركة الناشئة التي شارك في تأسيسها في عام 2016، أن “الفكرة تكمن في استغلال البيانات الموجودة للحصول على جزيئات جديدة ومثيرة للاهتمام، وبسرعة أكبر”. لهذا، استخدم الفريق قاعدة بيانات عالمية تحتوي على بيانات من 100 مليون جزيء. وانطلاقا من هنا “دربنا نموذجا يولّد تلقائيا جزيئات جديدة، ويحدد تلك التي ستكون نشطة في أهداف بيولوجية ذات أهمية”، كما يصور ماتيه. كما أنشأت “إيكتوس” منصة للبحث عن الجزيئات باستخدام الذكاء الاصطناعي، توفرها لشركات الأدوية بموجب اشتراكات. تحديات كبيرة Thumbnail تعمل “أكيميا”، وهي شركة ناشئة أخرى تم إنشاؤها عام 2019، على تطوير منصة اكتشاف للأدوية باستخدام الفيزياء الإحصائية المستوحاة من الكم. ويؤكد مؤسس الشركة الباحث ماكسيميليان ليفيسك “نحن نستخدم ذكاء اصطناعيا يقال إنه تخليقي”، مضيفا “نحن نخترع جزيئات تلتصق بهدف بيولوجي محدد مسؤول عن مرض ما. تتم تغذية الذكاء الاصطناعي بالفيزياء: نحتاج فقط إلى معرفة الطبيعة الفيزيائية للجزيء والهدف لحساب تقاربهما”. وإذا كانت الشركات الناشئة في المقدمة، فإن المختبرات الكبرى تبحث بشكل متزايد في المسألة وتكرّس موارد كبيرة لها. فقد وقّعت شركة “بريستول مايرز سكويب” الأميركية العملاقة اتفاقية مع “إكزيستنسيا” العام الماضي، يمكن أن تدفع بموجبها للثانية أكثر من مليار دولار. وتشارك مجموعات التكنولوجيا العملاقة أيضا في هذه المساعي، ففي عام 2019 أعلن المختبر السويسري “نوفارتيس” وشركة “مايكروسوفت” العملاقة عن تعاونهما في هذا الموضوع. لكن هل سيشكل ذلك نهاية عمل الصيدلي في مختبره؟ هناك تحديات كبيرة في هذا الإطار، بما يشمل الوصول إلى البيانات القابلة للاستغلال، من دون أن ننسى الحاجة إلى إيجاد متخصصين مستقبليين في البيانات، يكونون خبراء في قضايا الذكاء الاصطناعي وعلم العقاقير. هناك أيضا جانب تنظيمي مهم، وفق توماس بوريل الذي يقول “على سبيل المثال، نستخدم الذكاء الاصطناعي لإنشاء ذراع افتراضية للمرضى أثناء تجر بة سريرية، ولكن لكي يتم قبول هذا الدواء، يجب أن تدرك الأنظمة التنظيمية قيمة الخوارزمية”.

مشاركة :