عراقيل أمام الجولة الثالثة لاجتماعات اللجنة الدستورية الليبية

  • 6/12/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تواجه الجولة الثالثة من اجتماعات اللجنة الدستورية الليبية بالقاهرة الأحد عراقيل تقلل من فرص استمرار التفاؤل الذي ساد عقب ختام الجولة الماضية، لأن الأجواء السياسية والأمنية التي ستعقد فيها تبدو أشد قتامة، وما حدث من توافق بين وفدي البرلمان والمجلس الأعلى للدولة قد لا يتكرر في الجولة الجديدة. وأجرت المستشارة السياسية للأمين العام للأمم المتحدة ستيفاني ويليامز سلسلة من اللقاءات في الأيام الماضية مع مسؤولين في الداخل والخارج لتجسير الفجوة بين القوى المتصارعة وتوفير المناخ المناسب لالتئام الجولة الأخيرة للجنة الدستورية في القاهرة. وبحثت ويليامز مع رئيس مجلس الدولة خالد المشري خطط هذه الجولة التي قالت إنها ستعقد خلال الفترة من الثاني عشر إلى التاسع عشر يونيو لوضع الإطار اللازم لإجراء الانتخابات، بعد أن كان من المحدد لها سلفا بدء انعقادها في الحادي عشر يونيو. وناقشت أيضا مع رئيس مجلس النواب عقيلة صالح مسألة توفير الأجواء التي توفر ظروفا مواتية لتجاوز ما تبقى من مواد لم يتم التوافق عليها وعددها 55 بندا. محمد السلاك: الصعوبة تكمن في إنزال التفاهمات على أرض الواقع وأحرزت اللجنة الدستورية تقدما في نظام عملها بالجولة الأولى التي عقدت منتصف أبريل الماضي، وألحقتها بجولة ثانية في الفترة من الخامس عشر إلى العشرين من مايو الماضي وقيل رسميا إنها أنجزت 70 في المئة من مهمتها وشُكلت لجنة لصياغة المواد التوافقية. وكشفت ويليامز أن عدد المواد التي لم يتم التوافق عليها “لا يتعدى أصابع اليد الواحدة”، والمشكلة أن هذه المواد التي تناقشها الجولة الثالثة في غاية الأهمية. وقال المحلل السياسي الليبي محمد السلاك لـ”العرب” إن اجتماعات اللجنة الدستورية انطلقت بصورة جيدة في جلستيها الأولى والثانية وتمكنت من التوافق على عدد كبير من مواد الدستور وتبقى بعض المواد التي تتسم بحساسية سياسية ترتبط بشروط الترشح للانتخابات ومواصفات رئيس الجمهورية واختصاصاته. وأضاف أن الجولة الجديدة ستركز على نقاط التوافق في مواد الدستور وتترك عملية إقراره بصورة دائمة للاستفتاء الشعبي عقب الانتخابات الرئاسية ووجود برلمان. وأشار إلى أن الصعوبة تتمثل في إنزال التفاهمات المتفق عليها على أرض الواقع، حيث تصطدم الخطوات الإيجابية بمصالح جماعات مسلحة وقوى إقليمية ودولية تعمل على تغذية الصراع بوسائل متعددة لتضمن استمراره. وعادت الجزائر للظهور في المشهد الليبي بصورة لافتة، حيث طالب وزير خارجيتها رمطان لعمامرة في بيان رسمي عقب اجتماع عقده مع ويليامز الخميس بـ”ضرورة تفادي تعدد المسارات والمبادرات التي يهدف البعض من خلالها إلى البحث عن أدوار إقليمية وهمية على حساب مصلحة الشعب الليبي، والتي لم تأت بأي نتيجة سوى التشويش على وساطة الأمم المتحدة”. وجاء كلام لعمامرة بعد وقت قصير من تأكيد الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون أن بلاده “مع الشرعية الدولية في ليبيا والممثلة في حكومة عبدالحميد الدبيبة، وأي تغيير لا بد أن يكون بانتخابات تفرز حكومة جديدة”. ويقول مراقبون إن موقف الجزائر يحمل تلميحا لكل من المغرب ومصر، والأول لا يستضيف اجتماعات ليبية ولا يجري حوارات ولا يتدخل مباشرة في التسوية السياسية حاليا، ولذلك يذهب المعنى الضمني إلى مصر، لأن دولة الجوار الثالثة المعنية بالأزمة وهي تونس استضافت اجتماعا الجمعة ضم وزراء الخارجية في الجزائر وليبيا وتونس، ما يؤكد أن تونس ليست مقصودة بكلام لعمامرة. ويشير المراقبون إلى أن مناكفات الجزائر السياسية مع مصر بدأت تأخذ شكلا ظاهرا من قبل بعض المسؤولين عن دبلوماسيتها عكس ما هو معلوم حول وجود تقارب بين المؤسستين العسكريتين في البلدين كبح جماح الخلاف حول الأزمة الليبية. ◙ ستيفاني ويليامز أجرت لقاءات في الأيام الماضية مع مسؤولين في الداخل والخارج لتجسير الفجوة بين القوى المتصارعة وألمحت تصريحات جزائرية جاءت قبيل انطلاق الجولة الأخيرة من اجتماعات اللجنة الدستورية إلى شكوك في نوايا القاهرة السياسية، ربما تضع بعض العراقيل في طريق الرغبة المصرية في أن تكون هذه الجولة حاسمة في المسار الدستوري. وإذا صدقت المعلومات المتداولة حول تنسيق الجزائر مع فنزويلا لإجراء مصالحة بين تركيا وقائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر فهذا يعني أن علاقة مصر مع أحد أعمدتها ورجلها القوي بشرق ليبيا يمكن أن تتأثر سلبا وتفقد ورقة كانت تستخدمها للضغط على بعض القوى لأجل الحصول على تنازلات تسهم في الاستقرار. وتدخل اللجنة الدستورية المشكلة من 24 عضوا في مجلسي النواب والأعلى للدولة اجتماعاتها في القاهرة وأحد مكوناتها تعصف به مشكلات جديدة، حيث فشل المجلس الأعلى للدولة الاثنين الماضي في عقد جلسة عامة للمرة الخامسة على التوالي بسبب مقاطعة أعضائه الداعمين لحكومة فتحي باشاغا المعينة من مجلس النواب. ويعكس الإصرار على هذه الخطوة عمق التباينات الداخلية التي تعصف بمجلس الدولة وتقلل من حالة التماسك التي بدا عليها وحاول عدم التفريط فيها الفترة الماضية، بما يرخي بظلال قاتمة على اجتماعات اللجنة الدستورية في القاهرة. وأكد أعضاء المجلس الداعمون لباشاغا استمرار مقاطعة الجلسات، وطالبوا بـ”إعادة النظر في طريقة إدارة مجلس الدولة، والابتعاد عن الزج به في حسابات فئوية ضيقة، وخدمة مجموعات بعينها بعيدا عن المصالح الوطنية العليا”. وتقاطعت الخلافات الداخلية مع اجتماعات اللجنة الدستورية من زاوية ضغط عدد كبير من الأعضاء على خالد المشري لإظهار دعمه الواضح للمسار الدستوري والتوافق مع لجنة البرلمان في اجتماعات القاهرة. ويدعم نحو 75 عضوا بالمجلس الأعلى للدولة رئيس الحكومة المكلف من البرلمان وخارطة الطريق التي أعلنها، مقابل 54 عضوا أعلنوا دعمهم لبقاء الدبيبة على رأس الحكومة إلى حين إجراء الانتخابات. وأقر البرلمان الليبي في العاشر من فبراير الماضي إعلانًا دستورياً يتضمن 11 نقطة، أهمها تشكيل لجنة من 24 عضوًا من الخبراء والمختصين ممثلين بالتساوي للأقاليم، تم اختيارهم من مجلسي النواب والدولة مناصفة لمراجعة المواد محل الخلاف في مشروع الدستور الذي أعدته الهيئة التأسيسية وإدخال التعديلات الممكنة. الجولة الثالثة من اجتماعات اللجنة الدستورية الليبية بالقاهرة تواجه عراقيل تقلل من فرص استمرار التفاؤل الذي ساد عقب ختام الجولة الماضية وتأتي المخاوف من عدم قدرة اللجنة الدستورية على التوصل إلى توافق نهائي حول المواد الخلافية، وحتى إذا تمكنت من إنجاز المهمة فقد تظهر مشكلة في صعوبة التصديق عليه عمليا والحصول على موافقة القوى المؤثرة في الداخل والخارج. ومع انتهاء خارطة الطريق المعتمدة من قبل ملتقى الحوار السياسي برعاية الأمم المتحدة في الثاني والعشرين يونيو الجاري، من غير المتوقع أن يرضخ الدبيبة ويقبل بتسليم السلطة إلى باشاغا أو ترك البلاد بلا سلطة تنفيذية، ولعل التصعيد العسكري الذي حدث في طرابلس بين ميليشيات تابعة للدبيبة وأخرى موالية لباشاغا مساء الجمعة يشير إلى صعوبة الموقف. وطرح البعض حلا يقوم على تشكيل حكومة توافقية ثالثة بديلة لحكومتي الدبيبة وباشاغا تتولى الإشراف على الانتخابات المقبلة، ما يعني المزيد من الوقت لفك الاشتباك بينهما ثم التوصل إلى صيغة تضمن القبول بحكومة ثالثة، بما يضرب دور مجلسي النواب والدولة، ويدخل المسار الدستوري في دوامة جديدة.

مشاركة :