تخيم على العراق أجواء مشحونة بالقلق والحذر من تقلبات الطقس السياسي، إثر انسحاب التيار الصدري من العملية السياسية.. وبينما لم تفيق بغاد من صدمة قرار الصدر المفاجئ، اجتمعت الرئاسات الثلاث، المتمثلة برئيس الجمهورية برهم صالح، ورئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، ورئيس مجلس القضاء الأعلى، فائق زيدان، وأكدت ضرورة الوصول لمعالجة حقيقية وواقعية للأزمة السياسية و اتفقوا على دعوة كافة القوى السياسية إلى لم الشمل ووحدة الصف للوصول الى معالجة حقيقة وواقعية للأزمة السياسية بما يضمن وحدة العراق ومصالحه على كافة الأصعدة. هشاشة العملية السياسية ويؤكد سياسيون في بغداد، أن الأزمة الحقيقية، ترجغ إلى أن العملية السياسية غير مصممة لصد العواصف، وفي أحسن الحالات تعتمد على المصدّات الخارجية، في حين أنّ الشعب لا يمثل ضمانة لأحد بعد تكرار تجارب الفشل وانحدار الأوضاع نحو الحضيض بالرغم من التفاتات صغيرة لامتصاص نقمة هنا أو هناك. ويرى المحلل السياسي العراقي، فاتح عبد السلام، رئيس تحرير الطبعة الدولية لصحيفة الزمان العراقية، أن المشهد العالم يكشف عن هشاشة العملية السياسية وتفاهة التخريجات والتبريرات التي ظنَّ السياسيون إنهم خدعوا الشعب بها، وقد كان مغلوباً على أمره تحت الاحتلال الأمريكي سنوات، وفي جيب النفوذ الإقليمي سنوات، وبيد تنظيم داعش سنوات. وأصبحت التساؤلات الحائرة في العراق عن تداعيات انسحاب الكتلة الصدرية البرلمانية، وهل سيؤدي ذلك إلى حل البرلمان العراقي، أم مولد «حكومة مبتسرة» مثل خروج الطِّفل من بطن أمّه قبل استكمال فترة الحمل؟! خيار حل البرلمان العراقي ومن جانبه يؤكد رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، أن خيار حل المجلس لم يطرح حتى الآن.. وقال الحلبوسي: هناك تأثير سياسي لاستقالة الكتلة الصدرية التي حققت أعلى عدد مقاعد في مجلس النواب العراقي، موضحا أن وجود الكتلة الصدرية في العملية السياسية مهم، ولكن الكتلة الصدرية بقيادة السيد مقتدى الصدر ارتأت أن تكون أول المضحين بترك خيارات تشكيل الحكومة والمشاركة في مجلس النواب العراقي. وأضاف: إن الإجراءات القانونية بعد استقالة نواب الكتلة الصدرية ستمضي بحسب قانون الانتخابات وبحسب آليات العمل النيابي، والإجراءات الدستورية ستمضي فيما لو اكتمل عدد أعضاء مجلس النواب وتعويض المقاعد الشاغرة، وزوال الانسداد السياسي. وعن حل البرلمان والانتخابات المبكرة، قال الحلبوسي: إن هذا الخيار هو خيار دستوري، والانتخابات السابقة كانت مبكرة وجرت بحل البرلمان، لكن حتى الآن لم يُطرح هذا الخيار.. مؤكدا «السعي إلى تشكيل حكومة تتحمل القوى السياسية مسؤولية مخرجاتها وأدائها، ويكون تقييمها أمام الشعب». البلاد نحو المجهول ومن جهة اخرى، يؤكد عضو ائتلاف النصر عقيل الرديني، أن استقالة أعضاء الكتلة الصدرية من عضوية البرلمان، تصعّب الأوضاع السياسية، وتوجّه البلاد نحو المجهول.. وأضاف الرديني: إن الوضع الراهن ينبئ بالكثير من التوترات السياسية، مع وجود عدة خيارات متاحة، فيما إذا كان سيستقيل باقي اعضاء مجلس النواب ويتم التوجه لانتخابات مبكرة جديدة، أو انه ستشكل الحكومة من القوى السياسية الباقية بعد تعويض غياب اعضاء التيار الصدري وسدّ الفراغ في المجلس بالمرشحين الذين هم (أكثر الخاسرين) ضمن الدائرة الانتخابية الواحدة، وهذا احتمال وارد. وتابع الرديني: لم يعرف موقف الكتلة الصدرية، هل انهم سيقبلون بهذا الإجراء أو أنهم سيخرجون في تظاهرات احتجاجية؟. حل البرلمان ليس سهلا وقال عضو ائتلاف النصر عقيل الرديني، في تصريحات صحفية، إن حلّ البرلمان ليس سهلاً، هنالك عقبات ومشاكل قانونية تعترض المسألة، أهمها موافقة الكتل السياسية المتبقية مثل الاتحاد الوطني الكردستاني وتحالف السيادة وغيرها من القوى بحلّ أنفسها والاستقالة من البرلمان، والباب القانوني الثاني، والذي يتجسد في قيام رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي بتقديم طلب لرئيس الجمهورية برهم صالح بحلّ البرلمان، وموافقة الأخير على الطلب غير وارد، كون الكاظمي يرأس حكومة تصريف أعمال وهو يفتقد الصلاحية للقيام بهذه الخطوة، لذلك فمن الصعب إجراء ذلك من الناحية القانونية. وأضاف: قيام اعضاء الكتلة الصدرية بالاستقالة خطوة صعبة جداً، حيث تعطّل البرلمان، مع عدم جهوزية مفوضية الانتخابات لإجراء انتخابات جديدة، ما يوجه البلاد نحو المجهول، وهذا غير مقبول. حكومة ميتة !! ويرى محللون ومراقبون في بغداد، أن أي حكومة بلا موافقة مقتدى الصدر «ستولد ميتة»، وقال المحلل السياسي العراقي عصام الفيلي، إن السؤال المطروح الآن هو ما إذا كانت الأحزاب السياسية ستكون قادرة على تشكيل حكومة مع وجود الصدر في المعارضة.. في حين يرجح آخرون أن يؤدي هذا الانسحاب الجماعي غير المسبوق لأعضاء كتلة الصدر من البرلمان للمرة الأولى منذ 2005 إلى تظاهرات لاحقة وواسعة في الشارع.. وعلى غرار ما فعل سابقا بتحريك الشارع، قد تشهد البلاد تظاهرات واسعة، إذا ما شكلت حكومة «بلا رضى الصدر». خيارات مرة تواجه الشارع العراقي أمام تلك الخيارات المرة، يجد العرقيون أنفسهم في نفس المأزق الذي انطلق بعيد الانتخابات في العاشر من أكتوبر/ تشرين أول الماضي (2021) ولا يزال مستمرًا حتى الساعة، بلا حكومة أو رئيس جديد، فيما تضغط الأزمة الاقتصادية والمعيشية عليهم. يذكر أن الصدر حاز خلال الانتخابات على 73 مقعدًا نيابيًا من أصل 329 في البرلمان، ما عد في حينه ضربة لخصومه الشيعة المدعومين من إيران الذين فقدوا حوالي ثلثي مقاعدهم ورفضوا النتائج..
مشاركة :