مرتضى بن محمد الجمالاني ** mjialjamalani@gmail.com تسهم شركات التأمين وإعادة التأمين بشكل عام بدور مهم جدًا تجاه حملة الوثائق والمجتمع والاقتصاد الوطني، والتحكم في النظام المالي النقدي باسم "العوائد غير المرئية". والتأمين كنظام ومبدأ، قديم في البشرية، دعت إليه جميع الرسالات السماوية وحقيقته: "تعاون منظم تنظيمًا دقيقًا بين عدد كبير من الناس معرضين جمعيًا لخطر واحد، حتى إذا تحقق الخطر بالنسبة إلى بعضهم، تعاون الجميع في مواجهته، بتضحية قليلة يبذلها كل منهم، يتلافون بها أضرارًا جسيمة تحيق بمن نزل الخطر به منهم". وفي ظل النمو المتسارع الذي يشهده قطاع التأمين في المنطقة وفي الدول العالم بشكل عام وفي بلادنا الحبيبة سلطنة عمان بشكل خاص، من حيث الكم والكيف، يتطلب الأمر منا مواكبة التطوارات لإيجاد السبل والطرق لبناء البنية الآساسية لهذه الصناعة؛ لتوفير الحماية للمجتمع والاقتصاد الوطني، ومراجعة النظام المالي والنقدي، والاحتفاظ بأقساط التأمين وتخفيض التدفق النقدي الى الخارج، وتدريب الكوادر الوطنية؛ بما ينعكس إيجابيًا على نظام ايرادات غير نفطية والناتج المحلي (العوائد غير المرئية). ومن الأهداف الرئيسية لتأسيس أي شركة تأمين أو إعادة تأمين وطنية، توفير خدمات الاستثمار (الادخار والتوفير)، والحماية التأمينية، وتقليص استيراد خدمات التأمين، وإعادة التأمين من الخارج، والاعتماد على شركات محلية وإقليمية، وذلك نظرًا لاختلاف الطبيعة الجغرافية للمنطقة وللتقليل من تصدير الأموال "التدفق النقدي" إلى الخارج، وفي نفس الوقت تصدير خدمات إعادة التأمين إلى الخارج من خلال عمليات التأمين إعادة التأمين وتنويع المخاطر جغرافيًا لكسب أو استيراد الأموال "العملة النقدية"، وتحقيق عوائد مالية غير مرئية، إضافة إلى استثمار الأموال، والمساهمة في بناء الوطن وخلق فرص العمل؛ مما ينعكس على الأداء وارباح الشركات. وتؤكد الرؤية السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان المفدى -أيده الله- وكذلك تصريحات المسؤولين عن إدارة الاقتصاد الوطني، ضرورة تنويع مصادر الدخل وتهئية البلاد لمرحلة ما بعد النفط؛ ليكون الدخل الناتج عن القطاع الصناعي والقيمة المحلية المضافة لقطاع التأمين بديلًا عن الدخل الذي يوفره قطاع النفط حاليًا. إن طبيعة المتغيرات الجيوسياسية والأحوال المناخية والصحية والاقتصادية في العالم عامة وفي السلطنة خاصة، تحتم علينا أن نتعامل ونتفاعل معها، وأن ندرك أن ربط سياستنا الاقتصادية الداخلية بالسياسات الاقتصادية الدولية أصبح أمرًا مفروضًا علينا، وأن سياسة الإصلاح الاقتصادي التى يسير عليها العديد من الدول العالم ستساهم حتمًا في إعادة النظر في التشريعات المتعلقة بالاستثمار في قطاع التأمين. كما إن القصور التشريعي الذي يشوب بعض النظم العربية عامة، والسلطنة خاصة، ساهم مساهمة كبيرة في خروج أقساط التأمين والاستثمارات إلى الأسواق الدولية، مما أنعش اقتصاديات بعض الدول الأجنبية. ولذا يجب تنويع مصادر الدخل والاحتفاظ بأقساط التأمين داخل البلاد والحد من تسربها للخارج، وإيقاف هجرة الأموال الناجمة عن نشاطات هذا القطاع المهم والحيوي، بحيث لا تبقى شركات التأمين المحلية تعمل فقط كوكلاء لشركات التأمين العالمية ومعيدي التأمين. وموضوع خدمات التأمين وسداد مطالبات وتعويضات المتضضرين من أصحاب حملة الوثائق وشركات التأمين ومعيدي التأمين فيما بينهم وأطراف أخرى في الوطن العربي (الدول النامية) بشكل عام، وبلادنا الحبيبة سلطنة عمان بشكل خاص، ودور الحكومات والجهات الإشرافية والرقابية، أصبح أحد العناصر الرئيسية في تنمية وتطوير أداء الاقتصاد الوطني وتنمية الحياة الاجتماعية وتحقيق الرؤية الاقتصادية. والعنصر البشري يعد أهم ركيزة في قطاع التأمين، وقد اجتمع التقنيون والمحاسبون والمكتتبون والاكتواريون وغيرهم، في مؤتمر الاتحاد العام العربي للتأمين الذي عقد بالجزائر، ونظموا لقاءات هدفت إلى تعزيز علاقة شركات التأمين بالمعيدين والعملاء، مع التأكيد على أهمية بناء الثقة بين جميع الأطراف، بما يضمن نجاح العمل. ودار الحديث في المؤتمر حول مدى تفعيل القوانين والتشريعات، وتبادل الأدوار، والشراكة بين قطاع المال، والتأمين والقطاعات الحكومية؛ لتحقيق الرؤية والاستراتجية الوطنية لصالح جميع الأطراف ومناقشة الفرص والتحديات، وهذا ما تتطلع إليه الشعوب العربية من خلال المؤسسات المعنية. ** خبير تأمين، زميل معهد تشاترد للتأمين بالمملكة المتحدة
مشاركة :