القاهرة تبدأ جولة ترويجية جديدة لجذب الاستثمار الأجنبي القاهرة- يخوض رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي بمرافقة صندوق مصر السيادي حملة مكبرة للترويج لبيع حصص من الشركات المملوكة للدولة الفترة الحالية، كمنفذ لتدفق الدولارات على البلاد. وتشكل الخطوة أحد المطالب الرئيسية لصندوق النقد الدولي للمضي قدما في تنفيذ برنامج الإصلاح الهيكلي، وهي المرحلة الثانية من الخطة. وعرضت الحكومة خططها لتعزيز مشاركة القطاع الخاص واستثماراته على عدد من أكبر مديري الأصول في العالم، منها شركات فيديليتي إنفستمنتس، وبرودنشال فايننشالز، وكابيتال غروب، وباركليز، بهدف تسهيل بيع حصص منها لتقليص دور الدولة في الاقتصاد. وحددت القاهرة مجموعة واسعة من الأصول الحكومية التي ستطرحها لمستثمري القطاع الخاص ضمن خطة للانسحاب الكامل من قطاعات اقتصادية محددة في الوقت الذي تسعى فيه لجذب استثمارات بقيمة 40 مليار دولار في السنوات الأربع المقبلة. ويشمل القطاع الخاص المستثمرين المحليين والأجانب، ويتطلب تحقيق المستهدف من تلك الاستثمارات، والذي يتوزع بنحو 10 مليارات دولار سنويا، ويلعب الصندوق السيادي الدور الأكبر في الترويج للشركات والأصول المستهدف بيعها. وتشهد الفترة الراهنة إجراءات تأسيس صندوق الطروحات العامة، الذي ينبثق من الصندوق السيادي، ويضم الشركات المملوكة للدولة المزمع بيعها. ومن المتوقع أن يصل رأسماله المبدئي إلى 4 مليارات دولار، وسيرتفع إلى 6 مليارات في مرحلة لاحقة حسب الكيانات التي تنضم إليه، بهدف تسريع عمليات الاكتتاب والتقييم العادل للشركات. ونظرا للتذبذب الحاصل في الأحوال الاقتصادية على مستوى العالم وحالة الارتباك التي تشهدها أسواق المال قد تلجأ القاهرة إلى بيع حصص من شركاتها لصناديق عالمية، خاصة أو سيادية، بصورة مغلقة بعيدا عن الطرح العام أو الخاص بالبورصة. ومن المنتظر أن تشهد المرحلة الراهنة بدء بيع بعض الأصول المملوكة لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية، ومشروعات تخص الطاقة المتجددة، لكن الحصص التي ستُطرح للبيع أقلية وليست أغلبية أي قد تتراوح بين 10 إلى 15 في المئة. ولا توجد أمام الحكومة وسيلة أخرى لجذب التدفقات الدولارية بخلاف بيع بعض الأصول لأن الاقتصاد لم يعد يتحمل الاعتماد على القروض بشكل دائم من صندوق النقد أو ببيع السندات بالأسواق العالمية، والتي تسببت في تفاقم الديون الخارجية، والتي يتحمل عواقبها الوخيمة المواطن البسيط. وتسببت الديون الخارجية في تقليص الاحتياطي النقدي الأجنبي، حسبما أعلن البنك المركزي، إذ انخفض إلى 35.5 مليار دولار نهاية مايو الماضي مقارنة بنحو 37.1 مليار دولار في الشهر السابق. وجاء التراجع على خلفية الدور المنوط أن يقوم به المركزي لسداد المدفوعات المرتبطة بالديون الخارجية المستحقة خلال مايو، وقدرت بنحو ملياري دولار، منها استحقاق كوبونات لسندات حكومية صادرة عن وزارة المالية، ومستحقات لصندوق النقد والتزامات أخرى. وتعد الخطوة الرامية إلى بيع أصول وشركات الدولة إحدى النتائج المترتبة على تدخل صندوق النقد في النواحي الاقتصادية عبر تنفيذ برنامج الإصلاح الذي تنتهجه القاهرة منذ 2016 واشترط تحرير سعر الصرف ورفع الدعم بكل أشكاله، مقابل الحصول على قروض لم تعد كافية. مجدالدين المنزلاوي: محاولة لمنع انفلات سعر صرف العملات في البلاد ولم تظهر لهذا البرنامج آثار اقتصادية إيجابية ولن تظهر، ولو لا تدخل البنك المركزي أخيرا بمنع تلقي دولارات من المستوردين مقابل الموافقة على الاستيراد لعادت السوق الموازية للدولار، والتي كانت أحد أسباب تحرير تعويم الجنيه. ولا يعد الهدف الأساسي لصندوق النقد الدولي الإصلاح فقط، لكن تخليص البلدان النامية من الهيمنة على شركاتها وتحويلها إلى قبضة الصناديق والمستثمرين الأجانب. وأكد مجدالدين المنزلاوي رئيس لجنة الصناعة بجمعية رجال الأعمال المصريين أن مصر تسعى لجذب التدفقات الدولارية لمنع انفلات سعر صرف الجنيه والمحافظة على القوة الشرائية للعملة. وقال إن “ضخ الاستثمارات الأجنبية هو تمويل يدر عائدا، إذ يمكن توجيهه للاستثمار ومن ثم يؤول بالنفع على أفراد المجتمع في مراحل لاحقة”. وأضاف “الاستثمار في الأصول المصرية جاذب على الأجل الطويل لأن قيمتها تراجعت مع ارتفاع معدلات التضخم، كما أن الاستثمارات الكبرى التي ضختها البلاد في البنية التحتية تبشر بتحقيق العوائد للمشترين مستقبلا حال الاستثمار في الشركات المصرية” ويطالب الخبراء الحكومة بأن توازن بين احتياجاتها من السلع وما يتدفق إليها من العملة الصعبة بدلا من الاستغناء وبيع أصول ضخمة بأسعار زهيدة، فضغوط صندوق النقد الدولي تُجبرها على التخارج من الشركات بداعي تمكين القطاع الخاص. وأكد مصطفى إبراهيم نائب رئيس مجلس الأعمال المصري – الصيني أن الوقت الحالي غير مناسب للترويج لجذب الاستثمارات الأجنبية لشراء حصص بالأصول المصرية. وبرر ذلك كون هذه الفترة تستعد فيها الأسواق الأميركية لرفع سعر الفائدة مجددا وتتبعها بلدان أوروبا ودول العالم، ما يعزز استثمار تلك الصناديق في الدولار أو السندات الأميركية. وأوضح إبراهيم أن الحكومة لم تروج لمشروعاتها قبل الأزمات الراهنة، كما يحدث في الوقت الراهن، وستدفع الخطة الحالية إلى بيع الشركات بثمن بخس. واستبعد قدرة الحكومة على تنفيذ خططها ببيع أصول بنحو 10 مليارات في العام الواحد، بسبب تراجع قيمة الأصول. الاحتياطي النقدي الأجنبي انخفض إلى 35.5 مليار دولار نهاية مايو الماضي مقارنة بنحو 37.1 مليار دولار في الشهر السابق وتسعى القاهرة لتكرار سيناريو استحواذ الشركة القابضة (أي.دي.كيو) أحد الصناديق السيادية لحكومة أبوظبي، على حصص في 5 شركات مصرية في صفقة بلغت قيمتها نحو 1.9 مليار دولار خلال أبريل الماضي. وتم تنفيذ تلك الصفقات على البنك التجاري الدولي وفوري للتكنولوجيا وشركة مصر لإنتاج الأسمدة موبكو وأبوقير للأسمدة والإسكندرية لتداول الحاويات، حيث باعت الحكومة حصصها في الأولى والثانية وجزءا من ملكيتها في الشركات الأخرى. ولم تتوقف التدفقات الدولارية الواردة إلى مصر من مصادرها الأساسية، مثل السياحة وتحويلات العاملين بالخارج والصادرات وقناة السويس، لكن سداد الديون وأقساطها وارتفاع الواردات من الأسباب التي تدفع إلى اللهث وراء الحصول على الدولار.
مشاركة :