عشق البحر والتميز وحب السفر.. كلها أسباب دفعت بسمة حمد الهاشمي إلى اختيار مستقبلها البحري، فهي خريجة بكالوريوس ملاحة بحرية في العام 2014، من كلية عمان البحرية الدولية، وتعمل اليوم برتبة ضابط ثالث على سفينة ضخمة مخصصة لنقل الكيماويات، وقبلها أبحرت أيضا على متن ناقلة نفط عملاقة. تعد بسمة الشابة العمانية الوحيدة التي اختارت هذا المجال واستمرت به.. تملك روحاً تعشق البحر وتشتاق له عندما تكون على اليابسة تقول: كيف لا أعشق البحر وأنا أرى كل هذا الشواطئ الخلابة تمتد على طول الجغرافيا العمانية.. عشق نما منذ أن كنت طفلة أستمع لقصص البحارة العمانيين ومغامراتهم في عرض البحر منذ سنوات طوال. بدأت بسمة (25 سنة) عملها كضابط ثالث على متن سفينة تجارية تبحر بين سواحل مسقط وصحار، وكانت مهماتها الملاحة البحرية والتحكم باتجاه السفينة، والإشراف على عمليات الشحن والتفريغ في الميناء و معدات السلامة، وذلك بعد أن بدأت تدريبها في شركة عمان للنقل البحري في مارس 2012، على متن أنواع مختلفة من السفن، وأتمت بنجاح سنة كاملة في البحر هي مدة التدريب التي كانت حافلة بالكثير من الحكايات. واليوم تعمل على ناقلة كبيرة للمواد الكيميائية وتتنقل بين الموانئ العربية والأجنبية حاملة معها الكثير من الأحلام والأمنيات. صعوبات عديدة العمل في عرض البحر لا بد وأنه يحمل الكثير من الصعوبات، خاصة وأن بسمة هي الفتاة الوحيدة على ظهر السفينة، ولكن هذا، بحسب بسمة، لم يشكل عائقاً أمامها. تقول: كل شخص على متن السفينة مشغول بنفسه وبعمله، لذلك لا أشعر بأنني فتاة غريبة بين طاقم من البحارة الرجال، فالجميع متعاون، ويتعاملون معي كضابط وليس كفتاة. وتضيف بسمة: العمل في عرض البحر ليس صعباً كما يتخيل البعض، فالسفينة تحتوي على كل وسائل الراحة والتسلية، وعموماً بعد عمل دقيق وصعب ومتواصل لمدة عشر ساعات، لا يكون أمامي الكثير من الوقت للتفكير بالضجر، ويكون كل ما أريد الحصول عليه هو القليل من الراحة.. بالطبع أفتقد أهلي وعائلتي، ولكنني على تواصل دائم معهم، وربما تكون بعض الجوانب السلبية لعملي هو أن أكون بعيدة في لحظات عائلية معينة، مما يفقدني حضور الكثير من المناسبات العائلية والاجتماعية. تتحدث بسمة عن أن البحر علمها الكثير فقبله كانت خجولة وانطوائية، ومنه تعلمت القوة والجرأة واكتسبت شخصية قيادية، تقول: مجال البحر ممتع لكنه شاق، فطبيعة العمل تحتاج إلى مجهود ودقة كبيرين، وتحتم علي التواصل مع عدد كبير من الناس، وهذا ما أكسبني خبرات جديدة انعكست كلها على شخصيتي، ونقلتني من فتاة انطوائية خجولة، إلى ضابط إبحار، أتميز بشخصية قيادية. وعن الرحلة المفضلة لديها تقول: كل الرحلات مميزة ففي كل ميناء تجربة جديدة وخبرات إضافية ومناظر ممتعة أستمتع بها. عمل شيق تصف بسمة عملها في البحر بأنه مغامرة متجددة فمن الاستمتاع بكل شروق وغروب في عرض البحر، إلى الخوف وقصص القراصنة، إلى مواجهة الطقس السيئ، إلى استكشاف الموانئ المختلفة، والتعرف الى جنسيات متعددة، وكلها مغامرات عاشتها وهي تتنقل بين الموانئ المختلفة من اليابان إلى مصر والسودان واليمن و كينيا والهند وجزر الباهاما، وإلى كندا وبريطانيا وسنغافورة، وغيرها الكثير.. رحلات عديدة كان أطولها رحلة أبحرت من بريطانيا إلى سنغافورة، حيث استغرقت 45 يوماً في عرض البحر، في حين تعد رحلتها بين ينبع السعودية وعدن اليمنية من أكثر الرحلات التي حملت القلق، لكونها منطقة تعج بالقراصنة. الكثير من الشوكولاتة تعود بسمة من الموانئ التي تحملها بكثير من التذكارات لأفراد عائلتها، ولكن ما الذي تحمله في حقيبتها وهي ذاهبة للإبحار في عرض البحر؟ تقول: أحمل معي حقيبة كاملة مليئة بالحلويات وقطع الشوكولاتة، التي أدمن عليها، كما آخذ معي عدداً من الكتب الأدبية، فأنا مدمنة على القراءة في أوقات راحتي، وغالباً ما أشتري المزيد من الكتب في كل ميناء نرسو فيه، كما أنني أحمل في حقيبتي كاميرا لأنني أعشق التصوير، وأحرص على التقاط صور المناظر الرائعة التي تبدو كلوحات فنية مميزة، فليس هناك أجمل من منظر شروق وغروب الشمس في عرض البحر، وأريد أن تكون لدي مجموعة من الصور التذكارية الجميلة، التي أستطيع مستقبلاً أن أعرضها على أولادي وأفخر بها، وأجعلهم يفتخرون بي وبعملي. تحدٍ تشجع بسمة الشابات العمانيات على خوض مجال الإبحار والتميز به، ولكنها تنصح بأن تكون من تختاره عاشقة للبحر مستعدة لمواجهة المصاعب، وأن تتحلى بالصبر والدقة والحماس بشكل يمكنها من النجاح، تقول: منذ اختياري مجال الإبحار للتخصص فيه، قررت خوض هذا التحدي بكل طاقاتي، وأن أثبت لنفسي ولكل الشابات العمانيات، أننا كما نجحنا في مجالات مختلفة، فإننا سننجح أيضا في مجال الإبحار مهما كانت الصعوبات. وتتحدث بسمة عن خططها المستقبلية فتقول بداية أستعد ويملؤني الحماس للإبحار قريباً على متن السفينة الجديدة كلياً مسقط سيضفر، التي ستكون تجربة جديدة ومميزة لي، وهي أيضاً تحد لقدرتي على النجاح، حيث ينتظرنا الكثير من العمل، وأطمح لأن أصبح رئيس ضباط قريباً، متسلحة باجتهادي ودعم ومساندة عائلتي لي.
مشاركة :