نحن والعالم ودروس الأزمة الأوكرانية

  • 6/16/2022
  • 01:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

تصوَّر‭ ‬كثيرون‭ ‬أنه‭ ‬مع‭ ‬سرعة‭ ‬التطورات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬منذ‭ ‬العقدين‭ ‬الأخيرين‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬العشرين،‭ ‬مع‭ ‬القفزات‭ ‬الهائلة‭ ‬في‭ ‬إنتاج‭ ‬المعرفة‭ ‬وترجمتها‭ ‬في‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬المعلوماتية‭ ‬والاتصالات،‭ ‬أن‭ ‬الماضي‭ ‬لن‭ ‬يعود‭ ‬له‭ ‬تأثير‭ ‬في‭ ‬حركة‭ ‬المجتمعات‭ ‬في‭ ‬الحاضر،‭ ‬وأن‭ ‬التاريخ‭ ‬سيفقد‭ ‬أهميته‭ ‬في‭ ‬تشكيل‭ ‬مستقبل‭ ‬الأمم‭. ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬يضرب‭ ‬الصراع‭ ‬الجاري‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬والمواقف‭ ‬الحادة‭ ‬التي‭ ‬اتخذتها‭ ‬منه‭ ‬دول‭ ‬حلف‭ ‬الأطلنطي،‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وبريطانيا،‭ ‬الدليل‭ ‬على‭ ‬خطأ‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الاعتقاد‭. ‬فلا‭ ‬يمكن‭ ‬فهم‭ ‬هذه‭ ‬المواقف‭ ‬إلا‭ ‬بالعودة‭ ‬إلى‭ ‬الذاكرة‭ ‬التاريخية‭ ‬لهذه‭ ‬المجتمعات،‭ ‬ما‭ ‬يقفز‭ ‬منها‭ ‬إلى‭ ‬أذهان‭ ‬قادتها‭ ‬ومواطنيها،‭ ‬وكذلك‭ ‬ما‭ ‬يغفلون‭ ‬عنه‭. ‬فذاكرة‭ ‬البشر‭ ‬جميعا‭ ‬عن‭ ‬الماضي‭ ‬هي‭ ‬ذاكرة‭ ‬انتقائية،‭ ‬يتخير‭ ‬وعيهم‭ ‬منها‭ ‬بعض‭ ‬الأحداث،‭ ‬وينحي‭ ‬جانبا‭ ‬آخر،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬ففهم‭ ‬سلوكهم‭ ‬يقتضي‭ ‬وضع‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬جرى‭ ‬في‭ ‬الماضي‭ ‬في‭ ‬حسبان‭ ‬المراقب‭ ‬الدؤوب،‭ ‬فربما‭ ‬يكون‭ ‬فيما‭ ‬غفلوا‭ ‬عنه‭ ‬أفضل‭ ‬مرشد‭ ‬لهدايتهم‭ ‬إلى‭ ‬الطريق‭ ‬الصحيح‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬أزماتهم‭ ‬الراهنة‭.‬ الذاكرة‭ ‬الغربية لا‭ ‬شك‭ ‬مثلا‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬تتذكر‭ ‬جيدا‭ ‬ما‭ ‬جرى‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬القليلة‭ ‬التي‭ ‬سبقت‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية،‭ ‬وكيف‭ ‬تساهلت‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬خطر‭ ‬النزعات‭ ‬التوسعية‭ ‬لألمانيا‭ ‬النازية،‭ ‬وكيف‭ ‬تصور‭ ‬نيفين‭ ‬تشامبرلين‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬البريطاني‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬أن‭ ‬سكوته‭ ‬عن‭ ‬ضم‭ ‬هتلر‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬النمسا‭ ‬وبعد‭ ‬ذلك‭ ‬إقليم‭ ‬السوديت‭ ‬في‭ ‬تشيكوسلوفاكيا‭ ‬سوف‭ ‬يشبع‭ ‬طموحاته،‭ ‬وأنه‭ ‬سيكتفي‭ ‬بذلك،‭ ‬أو‭ ‬أنه‭ ‬سيوجه‭ ‬قواته‭ ‬إلى‭ ‬شرق‭ ‬القارة‭ ‬الأوروبية‭ ‬ويلتهم‭ ‬الأقاليم‭ ‬التي‭ ‬سكنها‭ ‬السلافيون‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتهم‭ ‬الروس،‭ ‬تلك‭ ‬الأقاليم‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬هتلر‭ ‬يعتبرها‭ ‬المجال‭ ‬الحيوي‭ ‬لألمانيا‭. ‬وثبت‭ ‬خطأ‭ ‬هذه‭ ‬التصورات،‭ ‬عندما‭ ‬بدأت‭ ‬القوات‭ ‬الألمانية‭ ‬زحفها‭ ‬نحو‭ ‬إقليم‭ ‬دانزج‭ ‬ذي‭ ‬الأغلبية‭ ‬المتحدثة‭ ‬بالألمانية‭ ‬والذي‭ ‬كان‭ ‬جزءا‭ ‬حينئذ‭ ‬من‭ ‬بولندا،‭ ‬وكان‭ ‬بداية‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية،‭ ‬فسقطت‭ ‬حكومة‭ ‬تشامبرلين‭ ‬في‭ ‬بريطانيا،‭ ‬وحل‭ ‬محله‭ ‬وانستون‭ ‬تشرشل‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬لديه‭ ‬أي‭ ‬وهم‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬حدود‭ ‬طموحات‭ ‬القائد‭ ‬الألماني‭.‬ ولكن‭ ‬يسقط‭ ‬من‭ ‬الذاكرة‭ ‬الغربية‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬فعله‭ ‬هتلر‭ ‬هو‭ ‬رد‭ ‬فعل‭ ‬لمشاعر‭ ‬الذل‭ ‬والإهانة‭ ‬التي‭ ‬شعر‭ ‬بها‭ ‬قسم‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الألمان‭ ‬إزاء‭ ‬تسويات‭ ‬فرساي‭ ‬في‭ ‬1919‭ ‬التي‭ ‬انتهت‭ ‬بها‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الأولى،‭ ‬وأن‭ ‬اقتطاع‭ ‬مساحات‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬أراضي‭ ‬الإمبراطورية‭ ‬الألمانية‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬إقليما‭ ‬السوديت‭ ‬ودانزج‭ ‬ولكن‭ ‬كذلك‭ ‬إقليما‭ ‬الألزاس‭ ‬واللورين‭ ‬اللذان‭ ‬أصبحا‭ ‬من‭ ‬نصيب‭ ‬فرنسا،‭ ‬مثلا‭ ‬13‭%‬‭ ‬من‭ ‬مساحة‭ ‬ألمانيا،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬التعويضات‭ ‬وإلحاق‭ ‬ذنب‭ ‬اشتعال‭ ‬الحرب‭ ‬بها‭. ‬ربما‭ ‬ألهب‭ ‬هتلر‭ ‬مشاعر‭ ‬الألمان‭ ‬بالحديث‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬التسويات‭ ‬المهينة‭ ‬لهم،‭ ‬ولكن‭ ‬الرغبة‭ ‬في‭ ‬تصحيح‭ ‬هذه‭ ‬الأوضاع‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظره‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬عبرت‭ ‬عن‭ ‬نفسها‭ ‬مبكرا‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬الانقلاب‭ ‬الفاشلة‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬وصدر‭ ‬لها‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬قادة‭ ‬الإمبراطورية‭ ‬الألمانية‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الحرب،‭ ‬وهو‭ ‬الجنرال‭ ‬إريك‭ ‬دودندورف‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬الرئيس‭ ‬الفخري‭ ‬لذلك‭ ‬الحدث‭ ‬في‭ ‬ميونيخ‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬1922‭ ‬والذي‭ ‬عرف‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬بانقلاب‭ ‬حانة‭ ‬البيرة‭.‬ سقطت‭ ‬من‭ ‬الذاكرة‭ ‬الغربية‭ ‬آثار‭ ‬هذه‭ ‬التسوية‭ ‬في‭ ‬نمو‭ ‬النزعة‭ ‬الانتقامية‭ ‬لدى‭ ‬قطاع‭ ‬مهم‭ ‬من‭ ‬النخبة‭ ‬والشعب‭ ‬في‭ ‬ألمانيا‭.‬ ولذلك‭ ‬تعامل‭ ‬الغرب‭ ‬مع‭ ‬سقوط‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬وحلف‭ ‬وارسو‭ ‬بنفس‭ ‬الاستهانة‭. ‬طبعا‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬من‭ ‬الواقعي‭ ‬أن‭ ‬يتصور‭ ‬القادة‭ ‬الروس‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬ستفي‭ ‬بالوعد‭ ‬الذي‭ ‬قطعه‭ ‬في‭ ‬موسكو‭ ‬في‭ ‬فبراير‭ ‬1990‭ ‬جيمس‭ ‬بيكر‭ ‬ــوزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكي‭ ‬ــ‭ ‬لميخائيل‭ ‬جورباتشوف‭ ‬ــ‭ ‬آخر‭ ‬رئيس‭ ‬للاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬ــ‭ ‬بأن‭ ‬حلف‭ ‬الأطلنطي‭ ‬لن‭ ‬ينتهز‭ ‬فرصة‭ ‬سقوط‭ ‬حائط‭ ‬برلين‭ ‬وتوحيد‭ ‬ألمانيا‭ ‬لمد‭ ‬نفوذه‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬حلف‭ ‬وارسو‭ ‬سابقا‭ ‬في‭ ‬شرق‭ ‬أوروبا‭ ‬والتي‭ ‬يقع‭ ‬بعضها‭ ‬على‭ ‬حدود‭ ‬روسيا‭ ‬ذاتها‭.‬ لم‭ ‬يتصور‭ ‬قادة‭ ‬الأطلنطي‭ ‬وخصوصا‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وبريطانيا‭ ‬أن‭ ‬توسع‭ ‬حلف‭ ‬الأطلنطي‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النحو‭ ‬والذي‭ ‬ضم‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬حلف‭ ‬وارسو‭ ‬السابقة‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬ثلاث‭ ‬جمهوريات‭ ‬في‭ ‬إقليم‭ ‬البلطيق‭ ‬كانت‭ ‬ضمن‭ ‬جمهوريات‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬السابق،‭ ‬بل‭ ‬وأن‭ ‬عدم‭ ‬رفضها‭ ‬علنا‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬المبدأ‭ ‬انضمام‭ ‬أوكرانيا‭ ‬عضوا‭ ‬جديدا‭ ‬في‭ ‬الحلف‭ ‬سيثير‭ ‬غضب‭ ‬روسيا‭ ‬وخصوصا‭ ‬وهي‭ ‬تقع‭ ‬على‭ ‬حدود‭ ‬روسيا‭ ‬وكانت‭ ‬سابقا‭ ‬إحدى‭ ‬الجمهوريات‭ ‬السوفيتية،‭ ‬وتربطها‭ ‬بالروس‭ ‬روابط‭ ‬تاريخية‭ ‬وثقافية‭ ‬مهمة‭ ‬لكون‭ ‬شعبها‭ ‬مع‭ ‬الروس‭ ‬من‭ ‬ذوى‭ ‬الأصول‭ ‬السلافية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬أساس‭ ‬تكوين‭ ‬روسيا‭ ‬كدولة‭ ‬منذ‭ ‬عهود‭ ‬طويلة،‭ ‬بل‭ ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬سببا‭ ‬في‭ ‬صراع‭ ‬جديد‭ ‬معها‭.‬ ذاكرة‭ ‬الرئيس‭ ‬بوتين التعامل‭ ‬الانتقائي‭ ‬مع‭ ‬التاريخ‭ ‬هو‭ ‬سمة‭ ‬لرؤية‭ ‬الرئيس‭ ‬بوتين‭. ‬هو‭ ‬يتذكر‭ ‬جيدا‭ ‬الإمبراطورية‭ ‬القيصرية‭ ‬والتي‭ ‬ضمت‭ ‬شعوبا‭ ‬كثيرة‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬وآسيا،‭ ‬وقد‭ ‬خرجت‭ ‬كلها‭ ‬عن‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬في‭ ‬1991‭ ‬وأصبحت‭ ‬ــ‭ ‬مثل‭ ‬أوكرانياــ‭ ‬دولا‭ ‬مستقلة،‭ ‬ويعتبر‭ ‬بوتين‭ ‬سقوط‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النحو‭ ‬أخطر‭ ‬الأحداث‭ ‬الجيو‭ ‬سياسية‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭. ‬ويشير‭ ‬المراقبون‭ ‬أنه‭ ‬يحلم‭ ‬باستعادة‭ ‬النفوذ‭ ‬الروسي‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬الأقاليم،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬منها‭ ‬من‭ ‬جمهوريات‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي،‭ ‬بل‭ ‬يطمع،‭ ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬المطلب‭ ‬الروسي‭ ‬الرسمي،‭ ‬في‭ ‬انسحاب‭ ‬حلف‭ ‬الأطلنطي‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬سابقا‭ ‬من‭ ‬أعضاء‭ ‬حلف‭ ‬وارسو‭ ‬وبعضها‭ ‬على‭ ‬حدود‭ ‬روسيا،‭ ‬وشكلت‭ ‬منطقة‭ ‬نفوذ‭ ‬للاتحاد‭ ‬السوفيتي‭. ‬بل‭ ‬هو‭ ‬لا‭ ‬يعترف‭ ‬بأن‭ ‬بعض‭ ‬البشر‭ ‬الذين‭ ‬يعيشون‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬يستحقون‭ ‬أن‭ ‬يكونوا‭ ‬دولا‭. ‬أوكرانيا‭ ‬في‭ ‬رأيه‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬دولة‭ ‬قبل‭ ‬الثورة‭ ‬البلشفية‭ ‬التي‭ ‬أتت‭ ‬بالشيوعيين‭ ‬إلى‭ ‬حكم‭ ‬أقاليم‭ ‬روسيا‭ ‬القيصرية‭ ‬سابقا،‭ ‬وإنما‭ ‬كانت‭ ‬منحة‭ ‬من‭ ‬لينين‭ ‬قائد‭ ‬تلك‭ ‬الثورة،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬بوتين‭ ‬كان‭ ‬عضوا‭ ‬فاعلا‭ ‬في‭ ‬جهاز‭ ‬المخابرات‭ ‬السوفيتي‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الحكم‭ ‬الشيوعي،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬يرى‭ ‬أن‭ ‬استئصال‭ ‬الشيوعية‭ ‬يقتضى‭ ‬أيضا‭ ‬إلغاء‭ ‬تراثها،‭ ‬ومنه‭ ‬وجود‭ ‬بولندا‭ ‬كدولة‭.‬ يغفل‭ ‬الرئيس‭ ‬الروسي‭ ‬أن‭ ‬السبب‭ ‬الرئيسي‭ ‬المباشر‭ ‬لسقوط‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬كان‭ ‬هو‭ ‬الفشل‭ ‬في‭ ‬تحويل‭ ‬ما‭ ‬قام‭ ‬به‭ ‬لينين‭ ‬وما‭ ‬نص‭ ‬عليه‭ ‬الدستور‭ ‬السوفيتي‭ ‬في‭ ‬1936‭ ‬من‭ ‬منح‭ ‬الاستقلال‭ ‬الذاتي‭ ‬للقوميات‭ ‬المختلفة‭ ‬التي‭ ‬تشكل‭ ‬منها‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬السابق‭ ‬إلى‭ ‬واقع‭. ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬النظرية‭ ‬المحضة‭ ‬اعترف‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬بالتعدد‭ ‬الثقافي‭ ‬داخل‭ ‬حدوده‭ ‬وأضفى‭ ‬عليه‭ ‬طابعا‭ ‬سياسيا‭ ‬بأن‭ ‬جعل‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي‭ ‬حقا‭ ‬لكل‭ ‬القوميات‭ ‬أيا‭ ‬كان‭ ‬حجمها؛‭ ‬تتمتع‭ ‬باستخدام‭ ‬لغتها‭ ‬والتعبير‭ ‬عن‭ ‬ثقافتها‭. ‬بل‭ ‬اعترف‭ ‬بأن‭ ‬للقوميات‭ ‬الكبرى‭ ‬فيه‭ ‬حق‭ ‬المطالبة‭ ‬بتقرير‭ ‬المصير،‭ ‬ولذلك‭ ‬كان‭ ‬اسمه‭ ‬الرسمي‭ ‬هو‭ ‬اتحاد‭ ‬الجمهوريات‭ ‬الاشتراكية‭ ‬السوفيتية،‭ ‬وكانت‭ ‬القوميات‭ ‬الكبرى‭ ‬فيه‭ ‬هي‭ ‬وحداته‭ ‬الأساسية‭. ‬فهذه‭ ‬القوميات‭ ‬الخمس‭ ‬عشرة‭ ‬هي‭ ‬الجمهوريات‭ ‬الاتحادية‭ ‬التي‭ ‬تكون‭ ‬منها،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬اثنتين‭ ‬منها‭ ‬كانتا‭ ‬أعضاء‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬وهي‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬أوكرانيا‭ ‬وبيلا‭ ‬روس‭ ‬اللتين‭ ‬احتفظتا‭ ‬بتمثيل‭ ‬مستقل‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬ذاته،‭ ‬ولذلك‭ ‬كان‭ ‬للاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬مع‭ ‬هاتين‭ ‬الجمهوريتين‭ ‬ثلاثة‭ ‬أصوات‭ ‬بثلاثة‭ ‬مقاعد‭ ‬في‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭. ‬وكان‭ ‬رئيس‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬الجمهوريات‭ ‬الخمس‭ ‬عشرة‭ ‬ينتمي‭ ‬إلى‭ ‬القومية‭ ‬السائدة‭ ‬فيها،‭ ‬وكانت‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الجمهوريات‭ ‬تستخدم‭ ‬لغتها‭ ‬القومية‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬اللغة‭ ‬الروسية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬رابطا‭ ‬مشتركا‭ ‬في‭ ‬التواصل‭ ‬بينها‭. ‬وفضلا‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬فبعض‭ ‬أبناء‭ ‬هذه‭ ‬الجمهوريات‭ ‬وصل‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬أقوى‭ ‬شخصية‭ ‬في‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي؛‭ ‬فستالين‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬جورجيا،‭ ‬وخروشوف‭ ‬الذي‭ ‬تلاه‭ ‬أمينا‭ ‬عاما‭ ‬للحزب‭ ‬الشيوعي‭ ‬السوفيتي‭ ‬هو‭ ‬أصلا‭ ‬فلاح‭ ‬من‭ ‬أوكرانيا‭.‬ بل‭ ‬إن‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي‭ ‬امتد‭ ‬إلى‭ ‬داخل‭ ‬الجمهوريات‭ ‬الاتحادية،‭ ‬فعندما‭ ‬تتكون‭ ‬بعضها‭ ‬من‭ ‬قوميات‭ ‬أصغر‭ ‬يصبح‭ ‬لهذه‭ ‬القوميات‭ ‬أن‭ ‬تتمتع‭ ‬بوضع‭ ‬الجمهوريات‭ ‬ذات‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي،‭ ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬الجمهوريات‭ ‬العشرين‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الوضع،‭ ‬كانت‭ ‬ست‭ ‬عشرة‭ ‬منها‭ ‬تقع‭ ‬في‭ ‬جمهورية‭ ‬روسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬ذاتها،‭ ‬واثنتان‭ ‬في‭ ‬جورجيا،‭ ‬وواحدة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬أذربيجان‭ ‬وأوزبكستان،‭ ‬وحتى‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬وجود‭ ‬قوميات‭ ‬أصغر‭ ‬فمن‭ ‬حقها‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لها‭ ‬إقليم‭ ‬مستقل،‭ ‬وكان‭ ‬هناك‭ ‬ثمانية‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الأقاليم‭ ‬ذات‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي‭ ‬وتسمى‭ ‬أوبلاست‭ ‬في‭ ‬جمهورية‭ ‬روسيا‭ ‬الاتحادية،‭ ‬وكان‭ ‬منها‭ ‬إقليم‭ ‬مستقل‭ ‬لليهود‭ ‬عرف‭ ‬باسم‭ ‬يفريسكايا‭ ‬أو‭ ‬بيروبيدجان‭.‬ ولكن‭ ‬كان‭ ‬يحد‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الجمهوريات‭ ‬يحكمها‭ ‬حزب‭ ‬واحد‭ ‬هو‭ ‬الحزب‭ ‬الشيوعي‭ ‬السوفيتي،‭ ‬ولها‭ ‬جميعها‭ ‬نفس‭ ‬الجيش،‭ ‬وتخضع‭ ‬لنظام‭ ‬قضائي‭ ‬مركزي،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬جهاز‭ ‬التخطيط‭ ‬المركزي‭ (‬جوسبلان‭) ‬يضع‭ ‬الخطة‭ ‬لها‭ ‬كلها،‭ ‬ميزانية‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬كانت‭ ‬واحدة‭. ‬وفضلا‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬القائد‭ ‬الثاني‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬جمهورية‭ ‬ينتمي‭ ‬إلى‭ ‬قومية‭ ‬غير‭ ‬القومية‭ ‬ذات‭ ‬الأغلبية،‭ ‬ولجأت‭ ‬الحكومة‭ ‬الاتحادية‭ ‬في‭ ‬موسكو‭ ‬إلى‭ ‬تشجيع‭ ‬انتقال‭ ‬السكان،‭ ‬قهرا‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان،‭ ‬وتسهيلا‭ ‬للتصنيع‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬ثانية،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬أصبح‭ ‬أغلبية‭ ‬السكان‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬مدن‭ ‬الجمهوريات‭ ‬الأخرى‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬قوميتها،‭ ‬وكان‭ ‬ذلك‭ ‬الوضع‭ ‬صارخا‭ ‬في‭ ‬جمهوريات‭ ‬البلطيق‭ ‬صغيرة‭ ‬الحجم،‭ ‬فكانت‭ ‬نسبة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬مدنها‭ ‬من‭ ‬الروس‭ ‬تحديدا،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬ولد‭ ‬مشاعر‭ ‬ضغينة‭ ‬بين‭ ‬مواطنيها‭ ‬الأصليين‭. ‬وعندما‭ ‬أتاحت‭ ‬السياسات‭ ‬الإصلاحية‭ ‬المعروفة‭ ‬باسم‭ ‬سياسات‭ ‬إعادة‭ ‬البناء‭ ‬تحت‭ ‬حكم‭ ‬جورباتشوف،‭ ‬الذي‭ ‬تولى‭ ‬منصب‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للحزب‭ ‬الشيوعي‭ ‬السوفيتي‭ ‬ثم‭ ‬رئيس‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬من‭ ‬1985ــ1991،‭ ‬قدرا‭ ‬من‭ ‬حرية‭ ‬التعبير‭ ‬ثم‭ ‬التنافس‭ ‬في‭ ‬الانتخابات،‭ ‬انتهز‭ ‬قادة‭ ‬بعض‭ ‬هذه‭ ‬الجمهوريات‭ ‬الفرصة‭ ‬للمطالبة‭ ‬بالاستقلال‭ ‬عن‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي،‭ ‬وكانت‭ ‬البداية‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬جمهوريات‭ ‬البلطيق‭ ‬الثلاث‭ ‬وهي‭ ‬إستونيا‭ ‬ولاتفيا‭ ‬وليتوانيا‭ ‬في‭ ‬أغسطس‭ ‬1991،‭ ‬وأعقبها‭ ‬كل‭ ‬رؤساء‭ ‬ما‭ ‬بقى‭ ‬من‭ ‬جمهوريات‭ ‬الاتحاد‭ ‬باستثناء‭ ‬جورجيا‭ ‬بإعلان‭ ‬خروجهم‭ ‬عنه‭ ‬في‭ ‬19‭ ‬ديسمبر‭ ‬1991،‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬انتهائه‭ ‬رسميا‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬بأسبوع‭. ‬صحيح‭ ‬أن‭ ‬سقوط‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬نتيجة‭ ‬ثورة‭ ‬شعبية،‭ ‬ولا‭ ‬حتى‭ ‬رغبة‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬معظم‭ ‬هذه‭ ‬الجمهوريات‭ ‬في‭ ‬فك‭ ‬عرى‭ ‬الرابطة‭ ‬الاتحادية،‭ ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬المؤكد‭ ‬أن‭ ‬قادة‭ ‬الجمهوريات‭ ‬السوفيتية‭ ‬استغلوا‭ ‬رغبة‭ ‬المواطنين‭ ‬في‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬التحرر‭ ‬من‭ ‬سيطرة‭ ‬موسكو‭ ‬في‭ ‬الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬الاستقلال‭ ‬عن‭ ‬الاتحاد‭. ‬فهل‭ ‬يتصور‭ ‬الرئيس‭ ‬بوتين‭ ‬أن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المشاعر‭ ‬القومية‭ ‬ستخمد‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬فرض‭ ‬السيطرة‭ ‬الروسية‭ ‬بقوة‭ ‬السلاح‭ ‬على‭ ‬جمهوريات‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬السابق،‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬جورجيا‭ ‬ثم‭ ‬أوكرانيا؟‭ ‬وهل‭ ‬يرضى‭ ‬مواطنو‭ ‬أوكرانيا‭ ‬أن‭ ‬يوصفوا‭ ‬بأن‭ ‬ليس‭ ‬لهم‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬الاستقلال‭ ‬عن‭ ‬روسيا؟‭ ‬هذه‭ ‬الاعتبارات‭ ‬يبدو‭ ‬أنها‭ ‬سقطت‭ ‬من‭ ‬الذاكرة‭ ‬الانتقائية‭ ‬للرئيس‭ ‬الروسي‭.‬ ما‭ ‬الذي‭ ‬تحتفظ‭ ‬به‭ ‬ذاكرة‭ ‬دول‭ ‬الجنوب؟ إذا‭ ‬كانت‭ ‬الذاكرة‭ ‬الانتقائية‭ ‬لدول‭ ‬حلف‭ ‬الأطلنطي‭ ‬قد‭ ‬أسقطت‭ ‬أثر‭ ‬التسويات‭ ‬الدولية‭ ‬بعد‭ ‬هزيمة‭ ‬خصومها‭ ‬في‭ ‬توليد‭ ‬النزعات‭ ‬الانتقامية‭ ‬في‭ ‬نفوس‭ ‬المهزومين‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬سببا‭ ‬في‭ ‬توتر‭ ‬بين‭ ‬الفريقين‭ ‬انتهى‭ ‬بحرب‭ ‬مدمرة‭ ‬عانى‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬منها،‭ ‬وإذا‭ ‬كانت‭ ‬الذاكرة‭ ‬الانتقائية‭ ‬للرئيس‭ ‬الروسي‭ ‬جعلته‭ ‬يغفل‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬المشاعر‭ ‬القومية‭ ‬كانت‭ ‬وراء‭ ‬انهيار‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬الذي‭ ‬اعتبره‭ ‬أكبر‭ ‬كارثة‭ ‬جيو‭ ‬سياسية‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬العشرين،‭ ‬ويتصور‭ ‬أن‭ ‬السلام‭ ‬على‭ ‬حدود‭ ‬روسيا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتحقق‭ ‬بتجاهل‭ ‬المشاعر‭ ‬القومية‭ ‬لمواطني‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬يسعى‭ ‬إلى‭ ‬مد‭ ‬السيطرة‭ ‬الروسية‭ ‬عليها،‭ ‬فماذا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يظل‭ ‬حيا‭ ‬في‭ ‬ذاكرة‭ ‬شعوب‭ ‬الجنوب؟ التصويت‭ ‬في‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬كشف‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬جنوب‭ ‬العالم‭ ‬ومعها‭ ‬الصين‭ ‬قد‭ ‬أدركت‭ ‬أن‭ ‬المقاطعة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬للاتحاد‭ ‬الروسي‭ ‬ليست‭ ‬في‭ ‬مصلحتها،‭ ‬وأن‭ ‬الأفضل‭ ‬لها،‭ ‬حتى‭ ‬وهي‭ ‬لا‭ ‬توافق‭ ‬على‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬تشنها‭ ‬روسيا‭ ‬على‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬أن‭ ‬تنأى‭ ‬بنفسها‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الصراع،‭ ‬وأن‭ ‬تلتزم‭ ‬الحياد‭ ‬فيه‭. ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬ومعها‭ ‬الصين‭ ‬تمثل‭ ‬أغلبية‭ ‬سكان‭ ‬العالم،‭ ‬فمنها‭ ‬الهند‭ ‬وباكستان‭ ‬وبنجلادش‭ ‬وإندونيسيا‭ ‬وتركيا‭ ‬في‭ ‬آسيا،‭ ‬والبرازيل‭ ‬والمكسيك‭ ‬والأرجنتين‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬اللاتينية،‭ ‬ومصر‭ ‬في‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬ومعها‭ ‬السعودية‭ ‬والإمارات‭. ‬موقف‭ ‬الحياد‭ ‬الإيجابي‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬ذاكرة‭ ‬دول‭ ‬الجنوب،‭ ‬وهو‭ ‬الذي‭ ‬يمكنها‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تصبح‭ ‬طرفا‭ ‬فاعلا‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬متعدد‭ ‬الأقطاب‭ ‬الذي‭ ‬تشكل‭ ‬بالفعل‭.‬ { أستاذ‭ ‬العلوم‭ ‬ السياسية‭ ‬بجامعة‭ ‬القاهرة

مشاركة :