كتاب يستحضر ماضي سلطنة عمان بلوحات طفولية

  • 6/16/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تستحضر صفحات وفصول كتاب “إضاءات على إسهامات العُمانيين الاجتماعية والعلمية والفكرية”، للباحث والكاتب سعود بن علي الحارثي، الكثير من مظاهر الثقافة والحضارة والتراث العماني. ويتناول الكتاب العديد من الموضوعات والعناوين ذات الصلة بالماضي، مثل القرية العمانية، والتراث، والهندسة المعمارية التراثية، والمخطوطات والرسائل، والآداب والفنون والصناعات التقليدية، والأودية، والأفلاج، والعماني وعلاقته بالنخلة، والمساجد ودور العبادة وحلقات العلم، و”العمانيون ربابنة البحار”، و”نماذج لشخصيات لمواقف وشخصيات من التاريخ”. تاريخ عمان الكتاب يرصد المنجزات التي شهدتها سلطنة عمان على المستويات الثقافية والعلمية والفكرية عبر الحقب التاريخية يتناول الحارثي موضوع الشخصية العمانية وتمسكها بالقيم، وتحملها للمسؤوليات، وما تتمتع به من تسامح، وغير ذلك من موضوعات. ويُسلط في كتابه، الصادر عن دار مؤسسة لبان للنشر، الضوء على الكثير من الصفحات المضيئة في تاريخ السلطنة، ويتوقف عند المنجزات التي شهدتها على المستويات الثقافية والعلمية والفكرية والاجتماعية عبر الحقب التاريخية المتعاقبة. كما يبرز الكتاب الإسهامات الاجتماعية والعلمية والفكرية للعمانيين، محاولا استحضار أمجاد الماضي الراسخة، والمنجزات المعاصرة التي يشهدها المجتمع العماني. وفي تقديمه للكتاب، قال الكاتب والأديب العماني حمود بن سالم السيابي إن صفحات الكتاب تنقل أصوات المآذن والقباب والمنابر والمحاريب بداية من مسجد مازن بن غضوبة في سمائل إلى افتتاح مسجد في الجزيرة الخضراء. ويشير السيابي إلى أن “المؤلف يدخلنا عبر سطور كتابه لمدرسة القرآن لنتهجى معه البسملة، ونمشي في دروب الحارات لنردد التويمينة في اليوم الختامي مع الصغار”. ويخلص إلى أن الكتاب أشبه بمتحف حسي مكتوب يحوي بين جنباته تراثا استطاع الكاتب أن ينقل ما أدركه وأحسه وشاهده بنفسه من أجداده وآبائه الذين عايشهم في مراحل حياته، ونقل أنماط تلك الحياة في حقبة زمنية لن يستطيع أحد وصفها في صيغة كتاب إلا من تربى بين جنباتها. ويؤكد في مشهد آخر أن القيم الأبوية للسبلة تتكرر بنفس الأبوة في قصور السلاطين في الماضي فينقل المؤلف ما سجله الدكتور هلال الحجري من انطباعات الكابتن جورج كيبل الذي التقى سعيد بن سلطان في قصره بمسقط عام 1834 وما لمسه من بساطة أبوية بين الحاكم والمحكوم، وهي ذات انطباعات الرحالة البريطاني مالكولم وهو ينقل روح هذه المجالس التي يرتادها الكل من أعيان وبسطاء إذ تكفل لهم قيم هذه المجالس حق المثول بين يدي الأب الحاكم. ولأن النخلة عطر المكان وشخصيته فقد سمقت في صفحات الكتاب بحنين عبدالرحمن الداخل وهو يرى نخلة في رصافة الأندلس فأبكته غربتها وغربته. ويكشف الكاتب والأديب العماني في تقديمه أحد المشاهد عن بانوراما التبسيل كموسم ومهرجان وفرح، حيث يزور المؤلف المزارع ليعيش طقوس الطناء ويرصد ذلك بدقة في مؤلفه. وهكذا وبعيدا عن لغة الأرقام والتقارير، يغوص مؤلف الكتاب في تاريخ عمان، ليبرز الماضي بكل أبعاده السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، مقدما فصول كتابه في لغة إنسانية مفعمة بالعاطفة، والشوق لصور الماضي الجميل التي رسمها بقلمه فأجاد في وصفها، وأبدع في صياغتها لتكون بمثابة لوحات نسجت بالكلمات بدلا من الريشة والألوان، عائدا بالقراء إلى عوالم الطفولة والزمن الجميل الذي بقيت ملامحه محفورة في الذاكرة. إضاءات للأجيال Thumbnail يؤكد الكاتب سعيد بن سليمان الكندي في مقاربته للكتاب على أن الحارثي قد حافظ على أسلوبه الكتابي في موضوعاته كافة، وقد قارب في بعض الأحيان اتخاذ السرد القصصي أو ما يشبهه؛ لأن الكتاب في حد ذاته ماض إلى الجدية في الطرح كأسلوب وصفي تقريري، بعيدا عن القص، ولم يقارب ذلك إلا لدفق عاطفي أولجه إلى ذلك؛ لأغراض متطلبة لبعض المحتوى الذي يتلاءم مع ذلك الطرح. وعلينا هنا أن نشير إلى عنوان “وفاء“؛ وهو العنوان النموذج الذي يقاس عليه هذا الأسلوب، وهو العنوان الشارد الذي شذ عن القاعدة. ويشدد على ضرورة أن تتطلع الأجيال الحالية واللاحقة على مثل هذا المؤلف، أو ما شابهه فتعيد غرس قيم الأصالة وتربطها ضرورة بالمعاصرة، لأن مكتسبات العصر يجب ألا تجحد، فإن فقدت الأجيال مثل هذه القيم فقد فقدت الكثير، وما لا يدرك كله لا يترك جله. ويرى المؤلف سعود بن علي الحارثي أن الذاكرة هي الحافظة لإبداعات الأمم، وإنجازاتها وتحولاتها ومكتسباتها المتراكمة والمحتشدة تفاصيلها عبر التاريخ، لتقدم إضاءات تنير للأجيال طريق المستقبل وتحفز على المزيد من الإبداع والعمل والإنتاج والابتكار. ويلفت الحارثي عبر فصول وصفحات كتابه إلى أهمية الماضي بالنسبة إلى “أمة صنعت لها أمجادا راسخة، كما هو حال العمانيين، وتفوقت على غيرها في أزمنة متواصلة وكان لها حضورها العالمي الطاغي، وإسهاماتها المتعددة في الكثير من المجالات الإنسانية، لتخلق عالما خصبا بالأبعاد الجمالية للفن المعماري، والثراء الثقافي الهائل بما يختزنه من إبداع متعدد الأشكال متنوع الأغراض، شكّل حياة متكاملة البناء تتوفر فيها كل احتياجات الإنسان ومقومات رفاهيته ورخائه ومتطلبات أمنه واستقراره”. يُذكر أن سعود بن على الحارثي، مؤلف كتاب “إضاءات على إسهامات العُمانيين الاجتماعية والعلمية والفكرية”، هو كاتب وباحث عماني، له قرابة تسعة مؤلفات، ويكتب زاوية دائمة بصحيفتي الوطن العمانية، ولسيل القطرية، وقد أسهم في تأسيس مجلة الشورى بسلطنة عمان، إبان عمله كنائب للأمين العام المساعد للجلسات والدعم البرلماني بمجلس الشورى العماني.

مشاركة :