خسائر السندات الأميركية مستمرة حتى بلوغ العوائد 4%

  • 6/18/2022
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

مازال الوقت مبكراً حتى نبلغ نهاية أسوأ أزمة في سوق السندات الأميركية منذ نصف قرن على الأقل. واصلت سندات الخزانة خسائرها بنهاية الأسبوع، وقفز العائد على السندات أجل 30 عاماً إلى أعلى مستوى منذ ثمانية أعوام تقريباً، ما أدى إلى زيادة انحدار منحنى العائد– في إشارة إلى توقع المستثمرين استقبال قفزات أخرى في معدل التضخم. يأتي ذلك بعد ساعات من محاولة رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول تخفيف الصدمة الناتجة عن إقرار أكبر زيادة في أسعار الفائدة منذ عام 1994 بقوله إنه لا يتوقع أن يصبح تحرك الفائدة بهذا الحجم هو القاعدة. تشير بعض الدلائل إلى أن السوق لم تجابه التحدي الأعظم بعد. فقد قال باول إن الوقت مازال مبكراً لإعلان الانتصار على التضخم الذي حلّق إلى أعلى مستوى منذ أربعة عقود– أو حتى أن نشهد دليلاّ وافراّ على تباطؤ الاقتصاد بقدر يكفي لاحتوائه. ورفع صناع السياسة النقدية أيضاً توقعاتهم بشأن ما سينتهي إليه سعر الفائدة المعياري لدى الاحتياطي الفيدرالي في العام القادم إلى متوسط يبلغ 3.8% مقارنة مع 2.8% سابقاً. وتنبأ خمسة منهم أن يتجاوز سعر الفائدة 4%. سيؤدي هذا المسار بصورة شبه مؤكدة إلى زيادة خسائر سندات الخزانة التي بلغت فعلا أسوأ مستوى لها منذ أوائل سبعينيات القرن الماضي على الأقل، وإلى استنفار خطوة أخرى إلى أعلى في أسعار الفائدة. فقد اتجه عائدا سندات الخزانة أجل عامين وأجل 10 أعوام –حالياً حول 3.2% و 3.4% على الترتيب– إلى بلوغ الذروة تماشياً مع سعر الفائدة المعياري للاحتياطي الفيدرالي، ما جعل المستثمرين يستهدفون اختبار نسبة 4% باعتبارها العلامة التالية. الأولوية لمواجهة التضخم قال بيتر إي، مدير أوراق الدخل الثابت قصيرة الأجل ورئيس بحوث الائتمان في شركة "نورثرن تراست أسيت مانجمنت" لإدارة الأصول (Northern Trust Asset Management): "واضح تماماً أن الاحتياطي الفيدرالي سيفعل كل ما يتطلّبه تخفيض مستوى التضخم بقوة وأن سعر الفائدة الأساسي سوف يقترب من مستوى 4% وربما يتجاوز إلى أعلى من ذلك. إن الاحتياطي الفيدرالي ماض في مسار رفع أسعار الفائدة، ورغم أن باول حاول استبعاد رفع الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس أخرى في الشهر القادم، فقد قال إن معدلاتها مازالت منخفضة للغاية". قادت سندات الخزانة من الآجال الطويلة خسائر السوق يوم الخميس، في حين خفضت عوائد السندات أجل عامين بعض الزيادة التي حققتها في قفزة سابقة ووصلت إلى 20 نقطة أساس، بعد أن سلّطت أرقام سوق الإسكان الضعيفة الأضواء على مدى تأثير ارتفاع أسعار الفائدة في إبطاء سوق العقارات. تخلّص المستثمرون أيضاً ممّا بحوزتهم من سندات أوروبية بعد رفع مفاجئ لأسعار الفائدة في سويسرا، ما وضع عائد سندات ألمانيا أجل 5 أعوام على طريق تسجيل أعلى قفزة له منذ عام 2011. وفي نفس الوقت، واصلت أسعار ديون المملكة المتحدة تدهورها بعد أن رفع "بنك إنجلترا" سعر الفائدة مثلما كان متوقعاً وألمح إلى زيادتها بنسب أعلى مستقبلاً. تقلبات قصوى يقول كثير من المستثمرين إن عوائد سندات الخزانة أجل 10 سنوات، في ظل هذه السوق التي بلغت حدوداً قصوى في عدم استقرارها، قد ترتفع إلى مستويات لم نشهدها منذ عام 2010. ورغم إعلان جيروم باول أن البنك المركزي يصر "إصراراً مطلقاً" على أن تظل توقعات معدل التضخم مربوطة إلى مستوى 2%، فقد ارتفع مؤشر في سوق السندات على اتجاه معدل التضخم المتوقع بعد خمس سنوات بنحو 5 نقاط أساس إلى 3.03% يوم الأربعاء الماضي. قال تشارلز كاري، العضو المنتدب ومدير محافظ أول لأوراق الدخل الثابت الأميركية في شركة "إكسبونانس" (Xponance)، التي تدير أصولاً بقيمة 15 مليار دولار تقريباً: "إن عائداً بنسبة 4% على سندات الخزانة أجل 10 سنوات هو عائد لم يخرج عن الحدود المعقولة. ستشهد عوائد السندات حركة وتوقفاً على امتداد الفترة حتى يصل بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى ذلك المعدل الأساسي، الذي يبلغ من الارتفاع في رأينا نحو 3 إلى 4% بالنظر إلى معدل التضخم". اعتمد عصر العوائد شديدة التدني الذي انتهى الآن نهاية مفاجئة على سنوات من التحفيز النقدي من قبل البنوك المركزية مع بوادر الأزمة المالية في عام 2008، وهي الفترة التي لم يواجه فيها صُنّاع السياسة النقدية ضغوطاً بسبب هدوء نسبي مستمر في معدل التضخم. غير أن هذه الدينامية تنتقل إلى الناحية العكسية بشكل صارخ عالمياً، مع صعود أسعار المستهلك وتخفيض البنوك المركزية قيمة محافظها الهائلة من السندات التي تراكمت بسبب ضخ هذه البنوك سيولة نقدية في النظام المالي عبر ما يُسمّى بسياسة التيسير الكمي. آخر استثناء كبير من ذلك هو بنك اليابان ويواجه تحدياً من المتعاملين حتى يرفع الحد الأعلى الذي يفرضه على عوائد السندات. نقطة الذروة لم يضف قرار بنك اليابان هذا الأسبوع بالحفاظ على أسعار الفائدة المنخفضة، إلى الرياح المعاكسة التي تواجه أسواق سندات الخزانة الأميركية، في ضوء أنها استفادت فعلاً من تدفق المستثمرين الأجانب مع انخفاض العوائد دون مستوى الصفر في الأسواق الخارجية. غير أن المستثمرين اليابانيين كانوا يبيعون محافظهم من السندات الأجنبية في أغلب أوقات العام الجاري، وهو اتجاه قد يتسارع إذا سمح بنك اليابان بارتفاع العوائد. قال جورج غونكالفز، رئيس إستراتيجية الاقتصاد الكلي للولايات المتحدة لدى شركة "إم يو إف جي" (MUFG)، إن زيادة الحد الأعلى للعوائد عندبنك اليابان من 0.25% إلى 0.5% ربما تتسبب في "ارتفاع العائد 50 نقطة أساس" على سندات الخزانة الأميركية أجل 10 سنوات رغم أنه أوضح أن أي تحرك من هذا النوع قد يوفر فرصة للشراء. رغم ذلك، تعتمد نقطة الذروة في عوائد سندات الخزانة في النهاية على اتجاه الاقتصاد وما إذا كان الاحتياطي الفيدرالي قادراً على تخفيض معدل التضخم. ورغم أن هذا العوائد تحركت إلى أعلى في العام الحالي، فإن الفجوة بين المعدلات قصيرة وطويلة الأجل تقلّصت أو أنها انعكست بين فترة وأخرى، في إشارة إلى توقع أن تتسبب زيادة أسعار الفائدة في تباطؤ النمو الاقتصادي أو أن تحدث ركوداً اقتصادياً قريباً في العام القادم. قال كاري من شركة "أكسبونانس": "تستطيع أن ترى عند نقطة معينة أن معدلات الفائدة تتجه إلى أن ترتفع كثيراً قبل أن يسيطر الاحتياطي الفيدرالي على هذا التضخم حتى نبلغ انعكاس منحنى العائد إذ يتسبب في ركود الاقتصاد بنهاية المطاف".

مشاركة :