كانت ليلة الثلاثاء الماضي صعبة ومقلقة للغاية بالنسبة لغاريث ساوثغيت ولاعبيه بعد الخسارة الثقيلة للمنتخب الإنجليزي أمام نظيره المجري برباعية نظيفة، وتعرض ساوثغيت لانتقادات لاذعة من الرأي العام الغاضب بشدة. لقد جاء المنتخب الإنجليزي إلى ملعب «مولينو» وهو يتطلع إلى إنهاء هذا الموسم السخيف والمرهق من دوري الأمم الأوروبية بالفوز على المجر، من أجل استعادة الشعور بالانتصارات والزخم، لكنه وجد 90 دقيقة من الألم والمعاناة والشعور السيئ بأن كل شيء لا يسير على ما يرام. وعندما نزل ساوثغيت إلى أرض الملعب فور نهاية المباراة، تعرض لصافرات وصيحات الاستهجان من قبل الجماهير الغاضبة. وكانت هناك صيحات من الغضب الحقيقي ضد المدير الفني، الذي يعد بكل المقاييس أنجح مدير فني للمنتخب الإنجليزي في العصر الحديث، كما أنه يعمل بجدية كبيرة، ونجح في قيادة المنتخب الإنجليزي ببراعة في البطولات والمحافل الكروية الكبرى. لكن من الواضح للجميع أن مشجعي إنجلترا لا يحبون ساوثغيت، وينتظرون أي هفوة أو سقوط من أجل شن هجوم شديد عليه. فحتى من دون أن يتعرض لأي هزيمة، ورغم أنه لم يكن يحقق شيئاً سوى النجاح في كل مهمة يخوضها، فإنه دائماً ما كان يوصف بالفاشل. وحتى عندما يقود المنتخب الإنجليزي لتحقيق الفوز بشكل شبه مستمر، وإحراز الأهداف بغزارة، والاستمتاع بلحظات ذهبية واستثنائية، يتم تصوير ساوثغيت على أنه مخادع ويتم التقليل من حجم الإنجازات التي يحققها. حسناً، لقد حصل الجمهور على ما يريده الآن، بعد أن أصبح هناك أخيراً مبرر للهجوم على ساوثغيت، وأصبحت هناك جريمة فعلية لتوجيه الاتهام إلى المذنب! كان من الممكن تقبل الهزيمة برباعية نظيفة أمام المجر لو كان المنتخب الإنجليزي قدم أداء جيداً وواجه سوء حظ في تلك المباراة، لكن الحقيقة أن المنتخب الإنجليزي ظهر بشكل سيئ ومهلهل للغاية في نهاية رحلة مدتها 11 يوماً جاءت النتائج خلالها كالتالي: لعب المنتخب الإنجليزي أربع مباريات، خسر اثنتين منها وتعادل في اثنتين، ولم يسجل سوى هدف وحيد (عن طريق هاري كين من ركلة جزاء). ويجب التأكيد على أن جميع الفرق وجميع الكيانات الرياضية هي عمل مشترك للإرادة والروح الجماعية والرغبة في القيام بهذا العمل. وخلال الشوط الثاني من مباراة المجر، لم يكن المنتخب الإنجليزي موجوداً داخل الملعب بكل بساطة، فلم تكن هناك مقاومة ولا تماسك ولا شعور بالذات، بل وصل الأمر إلى أن أصبح كوميديا في بعض الأحيان. وعندما أحرزت المجر الهدف الثالث عن طريق زسولت ناغي، الذي وضع الكرة في الزاوية السفلية للشباك الإنجليزية، قوبل الأمر بهدوء غريب من جانب الجماهير المجرية الموجودة في المدرجات، بينما قوبل من جانب باقي الجماهير الإنجليزية بالاستهجان والإساءة والغضب الشديد، وكانت تلك الجماهير تعتقد أن الأمر لا يمكن أن يكون أسوأ من ذلك. لكن بعد دقيقتين فقط أصبح الأمر أكثر سوءاً بالفعل، بعدما أصبح المنتخب الإنجليزي يلعب بعشرة لاعبين فقط بعد حصول جون ستونز على البطاقة الحمراء بعد تدخله بالمرفق على أحد لاعبي المنتخب المجري. كان هناك اعتقاد بأن الأمور قد وصلت إلى القاع في تلك اللحظة، حيث كانت النتيجة تشير إلى تقدم المنتخب المجري بثلاثية نظيفة قبل نهاية اللقاء بست دقائق، لكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، حيث قرر ساوثغيت إخراج بوكايو ساكا وإشراك هاري ماغواير بدلاً منه، لتزداد مشاعر الغضب بين الجماهير الإنجليزية. لقد لعبت إنجلترا بطريقة 4 - 3 - 3، في ظل الاعتماد على لاعب واحد فقط كمحور ارتكاز في وسط الملعب، وكانت التشكيلة الإنجليزية تضم عدداً من اللاعبين الشباب الرائعين. لقد بدأوا المباراة بشكل جيد، لكن المجر تقدمت سريعاً وتحكمت في زمام الأمور نتيجة الأخطاء الدفاعية القاتلة من جانب المنتخب الإنجليزي. وبعد مرور 23 دقيقة، كانت هناك بالفعل صيحات وصرخات وزئير وغضب من الجماهير الإنجليزية بسبب اللعب السلبي لإنجلترا وعدم القدرة على اختراق دفاعات المجر أو التحكم في منتصف الملعب. لكن إنجلترا واجهت نوعاً جديداً من المشاكل في مثل هذه المباريات، وهو الشعور بالإرهاق عند امتلاك الكرة وعدم قدرة لاعبي خط الوسط على الانطلاق للأمام بمجرد الحصول على الكرة، وبالتالي فهناك شعور بأنهم يلعبون دائماً بطريقة خاطئة. قام ساوثغيت ببعض التغييرات بين الشوطين، وغير طريقة اللعب إلى 3 - 5 - 2، لكن الأمور زادت سوءاً. لقد ظهر المنتخب الإنجليزي بشكل سيئ ومهلهل ومفكك في بعض الأحيان، وبالتالي يتعين عليه أن يتعلم الدروس والعبر مما حدث في تلك المباراة.
مشاركة :