سان بطرسبرغ 18 يونيو 2022 (شينخوا) ربما يكون أحد أهم الدروس المستفادة من السنوات العصيبة الماضية هو أنه لا يمكن لأي بلد أو فرد البقاء على خط الحظ إلى الأبد. وفي وقت تلوح فيه التحديات في الأفق بشكل كبير ويؤدي التعاون المتهالك إلى تآكل الزخم العالمي للانتعاش، يؤكد القادة السياسيون ومجتمعات الأعمال مجددا على التزامهم بالتعددية الحقيقية والعولمة الاقتصادية ومجتمع ذي مستقبل مشترك خلال فعاليات الدورة الـ25 من منتدى سان بطرسبرغ الاقتصادي الدولي الجارية حاليا. لقد أصبحت آلام الركود التضخمي حادة وواسعة النطاق وربما مزمنة. ففي الولايات المتحدة، ارتفعت أسعار البنزين إلى مستويات قياسية خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضية. ورفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة القياسي بمقدار 75 نقطة أساس، وهي أعلى زيادة في سعر الفائدة منذ عام 1994. ولا تزال أزمة تكاليف المعيشة مستعرة في جميع أنحاء أوروبا. ووراء هبوط الأسهم وتراجع ثقة المستهلك وضعف فرص العمل والآثار غير المباشرة المقلقة، تكافح أسرة تلو الأخرى لتغطية نفقاتها، وتبذل الحكومات كل ما في وسعها لإنقاذ اقتصاداتها من الركود. وتزيد هذه الصور القاتمة من غموض الآفاق الاقتصادية العالمية لعام 2022، وتضع ضغوطا على مساعي المجتمع الدولي لتنفيذ خطة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لعام 2030. التضامن هو ما يحتاجه العالم بحق في هذه اللحظة. وينبغي للبشرية أن تتصرف باستجابات منسقة واستباقية وليس باستجابات متنافسة ومجزأة لتجنب الأزمات وتجاوز الاضطرابات واستعادة النمو العالمي. وإن المبادرات والاتفاقات التي تنفذ بجدية هي وحدها القادرة على إنعاش الاقتصادات المتعثرة وإصلاح عالم مجزأ من أجل تحقيق الرخاء المشترك. لهذا السبب نحن بحاجة إلى تعزيز الشراكات التنموية وإقامة قدر أكبر من التآزر من خلال إجراءات ملموسة، وخاصة "الربط الناعم" بين سياسات التنمية فضلا عن القواعد والمعايير الدولية، وذلك كما دعا الرئيس الصيني شي جين بينغ في الجلسة الكاملة للمنتدى عبر دائرة الفيديو. لا يستطيع العالم ببساطة أن يتحمل انهيارا للتعاون أو أن يرى بلدانا تعمل لتحقيق أهداف متعارضة وتقلص برامج تعاونها إلى وعود جوفاء، أو مجرد أفعال ذات مواقف سياسية. ولذلك، من الضرورة بمكان أن يكونوا حذرين بشكل خاص من الانضمام إلى أي استراتيجية تقوم على تنشيط الاقتصاد العالمي مع عزل بلدان معينة. وعند القيام بذلك، حث الرئيس شي الدول على أن ترفض بشكل مشترك محاولات فك الارتباط وتعطيل الإمدادات وفرض عقوبات أحادية الجانب وضغوط قصوى، داعيا إلى بذل جهود لإزالة الحواجز التجارية وتحقيق الاستقرار في السلاسل الصناعية وسلاسل التوريد العالمية. وفي عالم تمثل فيه التعددية القطبية اتجاها، لا يمكن لأي بلد أن يمارس نفوذا مطلقا على الآخرين. فالبلدان، مهما كانت أحجامها، ليست قطع شطرنج في منافسة جيوسياسية، بل شركاء يقفون على قدم المساواة ويرتبطون ببعضهم البعض تماما مشكلين الشبكة العالمية من "السلام" و"التنمية". وتؤثر هاتان القوتان اللتان تعززان بعضهما البعض على تحقيق مستقبل مستدام. فالنمو القوي والشامل للجميع يمثل عامل استقرار للسلام، والبيئة السلمية في الداخل والخارج تغذي النمو. ولترجمة مبادرة التنمية العالمية التي طرحتها إلى فوائد ملموسة للنمو، ستمضي الصين قدما في التنمية عالية الجودة والانفتاح عالي المستوى، وستتعاون بعزم مع جميع البلدان الأخرى لاستكشاف آفاق التنمية وتقاسم فرص النمو. إن جميع البلدان في قارب واحد. ولكي يظل القارب طافيا، نحن بحاجة إلى تنحية الخلافات جانبا واتباع نهج تعاوني لمواجهة التحديات العالمية.
مشاركة :