وسط التوترات العالية بسبب حرب أوكرانيا وجهود واشنطن وحلفائها لهزيمة موسكو، قد تتحوّل سورية من جديد إلى ساحة مواجهة بين الولايات المتحدة وروسيا، مع تزايد المؤشرات على إمكانية وقوع صدام مباشر بين أكبر قوتين عسكريتين في العالم. واتهم مسؤولون عسكريون أميركيون القوات الروسية باتخاذ «خطوات استفزازية» في سورية، محذرين من أن سوء التقدير قد يتصاعد إلى صراع غير مقصود مع القوات الأميركية. وتحدث العسكريون الأميركيون عن نشر روسيا مقاتلتين من نوع «سو 34» في منطقة عمليات القوات الأميركية ضد تنظيم «داعش» شمال شرق سورية، وتحديداً في موقع كانت تلاحق فيه على صانع قنابل للتنظيم، وسحبتهما بعد توجه مقاتلات «إف 16» أميركية إلى المنطقة. وأكد مسؤول عسكري أميركي، لصحيفة «وول ستريت جورنال»، أن روسيا نفذت الأربعاء الماضي غارات جوية على قاعدة التنف الحدودية مع العراق والأردن، والتي تتخذها القوات الأميركية مقراً لمواجهة «داعش»، وتدرب فيها مجموعات سورية أبرزها «مغاوير الثورة». وبحسب المسؤول، أبلغت روسيا القيادة الأميركية بالغارات مسبقاً عبر قناة اتصال تم إطلاقها منذ سنوات، موضحاً أن طائرتين من نوع «سو 35» وطائرة أخرى من نوع «سو 24» ضربت موقعاً عسكرياً في التنف بعد البلاغ رداً على هجمات ضد القوات السورية. وأشارت «وول ستريت» إلى أن المسؤولين أعربوا عن قلقهم من الغارات، معتبرين أنها «تتحدى» مهمة القوات الأميركية في سورية و«تصعيد ملموس للاستفزاز». ورغم نفي المسؤولين وجود أي قوات أميركية بالقرب من المكان المستهدف وعدم وجود أي خسائر في صفوفها، فإنهم أشاروا إلى وقوع «حوادث» أخرى خلال الأسبوعين الأخيرين، دون الكشف عن تفاصيلها. وقال قائد القيادة الأميركية (سينتكوم)، الجنرال إيريك كوريلا: «نسعى لتجنب أي خطأ في الحسابات أو خطوات من شأنها أن تؤدي إلى نزاع غير ضروري، وهذا يبقى هدفنا»، مضيفاً: «ولكن تصرفات روسيا الأخيرة كانت استفزازية وتصعيدية». وأعلن فصيل جيش «مغاوير الثورة» المدعوم أميركياً عن تعرض أحد مواقعه في منطقة 55 على المثلث الحدودي لهجوم ثان بطائرات مسيّرة فجر الخميس الماضي. ورجّح المرصد السوري أن المسيّرة تابعة للميليشيات الإيرانية المتمركزة في منطقة العليانة على بعد 30 كلم من التنف، التي تضم 200 جندي أميركي من أصل 900 في سورية، مشيراً إلى أنها استهدفت «حوش مطرود». وفي إطار الخطوات التصعيدية، قال مسؤولون في قوات سورية الديمقراطية (قسد)، إنهم يرفضون محاولات روسيا دمجهم في الجيش السوري الحكومي. وكان مبعوث الرئيس الروسي ألكسندر لافرنتييف قال، إن هذه المساعي الروسية تأتي في إطار تسوية لقطع الطريق على هجوم تركي جديد داخل الاراضي السورية. وبينما عززت القوات الأميركية والتحالف الدولي انتشارها شمال شرق سورية، أشار لافرنتييف إلى أن «العملية التركية قد تدفع الأكراد نحو إقامة دولة ستكون لها عواقب بعيدة المدى»، محذراً من أنها قد تتسبب في مواجهة مباشرة مع الجيش السوري. وسبق أن دعا قائد «قسد» مظلوم عبدي الجيش السوري إلى استخدام أنظمة الدفاع الجوي لمواجهة تهديدات تركيا، مؤكداً أن قواته منفتحة على العمل معه للتصدي لها دون حاجة لإرسال قوات إضافية. من جهة أخرى، نقلت «وول ستريت جورنال» عن مسؤولين أميركيين، أن إسرائيل تنسق سراً مع الولايات المتحدة ضرباتها الجوية في سورية، مؤكدين أن الجيش الأميركي وافق على أغلبيتها ويساعد الإسرائيليين في تحديد الأهداف. وأشاروا إلى أن حلفاء الولايات المتحدة يواجهون في سورية ساحة مزدحمة بجماعات مسلحة مدعومة من إيران.
مشاركة :