كثيرا ما ألمح خلطا في الأوراق، مثلما فجأة قرأت على أكثر من مطبوعة وموقع في سطر واحد عودة عادل إمام ومحمد صبحى للسينما، عادل تغيب قبل أكثر 12 عاما، آخر إطلالة (ألزهايمر)، وكان من المفترض أن يُكمل مشواره بفيلم (فرقة ناجى عطالله)، وبسبب معوقات إنتاجية تقرر تحويله إلى مسلسل تليفزيوني، ومن بعدها غير البوصلة صوب الشاشة الصغيرة. صبحى تجاوز 30 عاما من الغياب، آخر إطلالة (بطل من الصعيد)، فيلم تبخر سريعا من الذاكرة، يتم تصنيفه (مقاولات). عادل إمام، السينما هي موطنه الأصلي، نجم استثنائي، بل هو استثناء الاستثناء، مع نجاح جماهيري غير مسبوق في المسرح والتليفزيون والإذاعة، ليصبح هو الأول رقميا في العالم العربي. محمد صبحى على المسرح في النصف قرن الأخير هو أيضا استثناء الاستثناء، لا يوجد فنان ظل 50 عاما بكل تلك الحميمية وهذا الحضور، المرحلة الذهبية تجدها في تلك الثنائية التي جمعته مع لينين الرملي، كاتب أيضا استثنائي، صبحى لا يزال يواصل العطاء، في زمن الكل فيه توارى، ولم تعد هناك مسارح قطاع خاص، وقف صبحى رافعا الشعلة صامدا في خندقه بمدينة سنبل على الطريق الصحراوي، ليقدم رسالة أخرى وهى عدالة التوزيع الجغرافي، كما أنه أصدر قرارا، قبل نحو أسبوع، بتوجيه الدعوة المجانية يوميا لـ30 ممن لا يملكون القدرة الشرائية، ليقدم درسا بليغا لفنان المسرح ودوره الاجتماعي، كانت فاطمة رشدي تفعلها في العشرينيات، وتقدم يوما مجانيا للطلبة، ولهذا أطلقوا عليها (صديقة الطلبة)، أتمنى أن تفكر مسارح الدولة في تقديم فكرة موازية. كثيرا ما يواجه صبحى بهذا السؤال: أين أنت منذ التسعينيات من السينما؟ وتأتى الإجابة ابتعدت عن السينما لأنها مقاولات، العبارة الصحيحة التي لم ينطق بها، لأن ما يعرض على السينما مقاولات، مؤكد أن الأفلام التي قدمها نجوم تلك المرحلة عادل ومحمود ونور وأحمد، وغيرهم، لم تكن مقاولات. الرهان على صبحى سينمائيا كان في البداية ملفتا ومغايرا، مثلا على بدرخان (الكرنك) وحسن الإمام (بالوالدين إحسانا) ومحمد راضي (أبناء الصمت)، وغيرها، بل كان يعتذر عن أفلام مهمة مثل (الراقصة والطبال)، للمخرج أشرف فهمى، فأسند دوره إلى أحمد زكى، كما أنه قدم أفلاما حققت أرقاما في الشباك (أنكل زيزو حبيبي) و(العبقري خمسة). مع الزمن خفت الحضور أمام الكاميرا السينمائية، هناك معادلة خاصة بين الوسيط الذى يتألق فيه الفنان و(الجينات) الإبداعية التي وهبها الله له، ولم تتوفر تلك الكيميائية بين صبحى والسينما، مثلما لم تتوفر مثلا بين سمير غانم والسينما، غانم هو ملك الارتجال الأول وبلا منافس على المسرح العربي. عادل، كما يؤكد شقيقه عصام الإمام، بصدد التجهيز لفيلم (الواد وأبوه)، بينما صبحى (المعادلة صفر)، تأليف أميرة الرفاعي وإخراج أمينة مصطفى. هل لا يزال الجمهور على الموجة محافظا على نفس درجة الاشتياق؟، عادل رصيده الجماهيري عصى على التكرار، يقدم فيلما عائليا، يشاركه البطولة محمد وإخراج رامي، يجب الأخذ في الاعتبار أن 12 عاما فارقا تعنى جيلا جديدا، بمذاق وأبجدية مختلفة، صبحى موقفه أشد خطورة لأننا نتحدث عن فارق ثلاثة أجيال. لا يمكن مصادرة حق النجمين الكبيرين، والحكم قطعا بعد المشاهدة، مع يقيني أننا بصدد حالتين مختلفتين تماما!!. [email protected] المقال: نقلًا عن (المصري اليوم).
مشاركة :