تصب نتائج الاستثمارات الإيجابية في صالح المستثمرين الذين يبدون جرأة أكبر في تحمل المخاطر مع فقدان الأصول الآمنة بريقها بعد أن اتسعت الفجوة بين العائد على الأصول عالية درجة المخاطر والأصول التي تصنف ملاذات استثمارية آمنة. ثقافة تراكمية وترتكز هذه الرؤية إلى ثقافة تراكمية عمرها عقود، ترسم معالم العائد على الاستثمار ضمن معادلات التذبذب والضمانات التي تقوم عليها تقديرات المحللين لما يجري في أسواق العالم، وأداء اقتصاداته منذ عشرين عاماً. وقد صمدت تلك الفرضيات لبعض الوقت، وتوافقت توقعاتهم غالباً حول اتجاهات العائد بين عامي 2004 و2014، مع النتائج التي أحرزتها المؤسسات الاستثمارية المتوازنة. وفيما يخص توقعات المحللين لعام 2016، أعتقد أن الفارق بينه وبين عام 2015 سيكون ضئيلاً. وأرى أن معدلات التضخم سوف تبقى في الحدود الدنيا، كما أن معدلات النمو الاقتصادي سوف تبقى عرضة لضغوط القوى الاقتصادية المتناقضة على المسرح العالمي، ولن يتجاوز معدل نمو الاقتصادات المتطورة نسبة 1.75% خلال السنوات العشر المقبلة. تحفيز مالي وفي الوقت الذي تخرج تلك الاقتصادات من عباءة التحفيز المالي التي تسببت في تحقيق معدلات النمو الضعيفة، تشهد الاقتصادات الناشئة مرحلة تحول من الاعتماد على طفرة الديون الرخيصة إلى الاعتماد علىمواردها الذاتية. ومثل هذه التناقضات الصارخة لا بد أن تخلق فجوة بين معدلات النمو للفريقين خلال السنوات القليلة المقبلة، مما يعني أن سياسات البنوك المركزية سوف تشهد مزيداً من التباين لم تعرفه خلال العشرين سنة الماضية. وحيال هذا التراجع في تنسيق السياسات المالية، ترتفع رهانات المستثمرين على تحقيق عوائد أعلى وتنهي عصر الضغوط على العائدات الذي كانت تتسبب به مستويات النمو الضعيفة في الاقتصاد العالمي على أسواق الأسهم. ورغم التحسن الطفيف في تلك العائدات هذا العام لا أزال أعتقد بإمكانية تحقيق متوسط عوائد على الاستثمارات المتوازنة تصل إلى 6% خلال السنوات العشر إلى الخمس عشرة المقبلة. العائدات النقدية أما على صعيد استثمارات الدخل الثابت، فسوف تتعرض العائدات النقدية إلى متاعب في سعيها لتجاوز معدلات التضخم في ظل سياسات البنوك المركزية الموجهة الهادفة إلى تحفيز الاقتصاد التي تبقى على مستويات العائد الحقيقي في حدها الأدنى، بينما يضطر المستثمرون في سندات الخزانة الأمريكية للانتظار طويلاً للحصول على بعض النقد على استثماراتهم فيها.ولنتكون الصورة أفضل كثيراً في الاستثمار في السندات الحكومية البريطانية، وسندات دول منطقة اليورو. وفي ظل هذه الصورة القاتمة يبدو الاستثمار في أوراق الدين عالية مستويات العائد في أحسن صوره. أما الاستثمار في ديون الأسواق الناشئة فسوف ينطوي على تحقيق بعض القيمة خاصة مع إعادة التوازن لاقتصاداتها وإفلاتها منالانزلاق في مخاطر تفاقم الديون. معدلات نمو هشة ولا تزال العائدات على الاستثمار في أسواق الأسهم العالمية مخيبة للآمال، نظراً للضغوط التي تفرضها معدلات النمو الهشة في أرباح الشركات والتضخم الذي تعاني منه أسعار الأسهم. ويستثنى من ذلك الأسهم الأمريكية بسبب انحسار موجة تضخم قيم الأصول. ولا بد من التأكيد هنا على استمرار موجة إعادة شراء الأسهم التي اجتاحت الشركات في ظل تدني تكاليف القروض، بهدف التغطية على معدلات النمو الضعيف في أرباحها، حيث توزع الشركات الأرباح على المساهمين لتعويم نسبة العائد على السهم. أما الأسهم اليابانية فتبقى عصية على التنبؤات بانتظار ما تسفر عنه محاولات الشركات الحثيثة لتنفيذ إصلاحات في حوكمتها وبانتظار تنفيذ المرحلة الثالثة من نظرية أبينوميكس التي اعتمدها رئيس الوزراء منذ توليه مهام منصبه. تباين الظروف المحيطة وليس من السهل تعميم الحكم نفسه على كل الأسواق الناشئة، نظراً للتباين في الظروف المحيطة بكل منها. إلا أن متوسط العائد على أسهم المجموعة الأكبر منها التي تضم ثماني دول قد يصل إلى 9% بشروط العملة المحلية. وهذا يعكس نسبة نمو أعلى مقارنة مع اقتصادات الدول المتقدمة. والعبرة المستخلصة هنا أنه في الوقت الذي تبقى البيئة العامة للعائدات دون تغيير، يشهد عامل الارتباط بين المخاطر والعائد تغيراً جذرياً. فالعائد على الاستثمار في الأصول عالية المخاطر سوف يتحسن مقارنة مع الاستثمار في الأصول الآمنة الذي سوف يتراجع. ويمكن للمستثمرين الذين يرغبون مواجهة التقلبات السوقية تقليص تعرضهم للأصول ذات درجة الحساسية العليا لأسعار الفائدة، ورفع حيازاتهم من الأسهم وأوراق الدين، وأوعية الاستثمار البديلة.
مشاركة :