انتهت أخيراً مدة الانتظار التي سبقت قرار رفع أسعار الفائدة الأمريكية والذي أعلن عنه في ديسمبر/كانون الأول وهو أول خطوة نحو التضييق المالي منذ تسع سنوات. فقد ارتفعت أسعار الفائدة الفيدرالية بواقع 25 نقطة أساس لتبلغ مستوى 25 إلى 50 نقطة أساس، ما يضع الأسواق في مواجهة مجموعة جديدة من التساؤلات عن مدى سرعة مجلس الاحتياط برفع الأسعار، ومدى تأثير هذا الارتفاع في الاقتصاد الأمريكي والنظام النقدي والسلع والعملات. وسرعان ما رفعت دول مجلس التعاون الخليجي من أسعار الفائدة الأساسية كالكويت والإمارات والبحرين والسعودية بعد مجلس الاحتياط الفيدرالي وذلك بواقع 25 نقطة أساس. يتوقع المحللون تحسناً ضئيلاً في أداء الاقتصادات خلال معظم العام 2016 محققة تحسّناً طفيفاً عن العامين 2014 و2015 حينما بلغ النمو العالمي 3.2٪ في المتوسط. ويتوقع صندوق النقد الدولي بلوغ نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي مستوى مقبولاً نوعاً ما عند 3.6٪ لاسيما مع تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني الذي قد يؤدي إلى خفض التوقعات إلى مستويات العامين 2014-2015. وفيما يخص الاقتصادات الكبيرة فمن المتوقع أن يسجل اقتصاد أمريكا نمواً بواقع 2.8٪ ومنطقة اليورو بواقع 1.6٪ واليابان بواقع 1.0٪ والصين بواقع 6.3٪ والأسواق الناشئة بواقع 4.5٪. ونرى أن اقتصاد أمريكا والأسواق الناشئة أكثر عرضة لخفض التوقعات. ووفقاً لهذا السيناريو فتتوقع الأسواق أن يقوم مجلس الاحتياط الفيدرالي برفع أسعار الفائدة إلى هدف 75 أو 100 نقطة أساس بحلول شهر ديسمبر/كانون الأول من العام 2016، بينما يشير المجلس إلى رفع الأسعار بقدر 150 نقطة أساس والذي يعد مستوى مبالغا فيه وقد تتغير التوقعات حوله للعام 2016 مع ظهور البيانات ومع مرور الوقت. وقد فاجأ البنك المركزي الأوروبي الأسواق حينما خفض أسعار الفائدة على الودائع فقط وأطال مدة برنامج التيسير الكمي من سبتمبر 2016 إلى مارس/آذار 2017. ولكنه لم يتماش مع توقعات الأسواق والتي رجحت قيامه بزيادة المبلغ الشهري الذي يقوم البنك بشرائه من الأوراق المالية (القيمة الحالية 60 مليار يورو). اليورو والدولار وقد تراجع سعر اليورو أمام الدولار الأمريكي بصورة ملحوظة وسريعة في ديسمبر/كانون الأول على خلفية إعلان البنك المركزي الأوروبي ،ليصل التراجع إلى ما يقارب 5٪. وقد أعادت الأسواق النظر بالتقديرات السابقة التي رجحت توسع التباعد بين سياسية البنك المركزي الأوروبي ومجلس الاحتياط الفيدرالي والتي أدت إلى المزيد من الانتعاش في سعر الدولار في الفترة الأخيرة. وقد تدعم تلك التوقعات التي ترجح التريث في انتعاش الدولار التراجع الأخير في أسعار النفط والتي قد تتسبب بإضعاف التضخم وإبقاء أسعار الفائدة الحقيقية أعلى في منطقة اليورو. ومع تقلص الفجوة بين سياسة البنك المركزي الأوروبي ومجلس الاحتياط، فقد قام المحللون بمراجعة توقعاتهم بشأن الدولار. وعلى عكس التوقعات والآمال أيضاً أبقت أوبك سقف إنتاجها عند 30 مليون برميل يومياً دون تغيير في اجتماعها خلال شهر ديسمبر (إذ يقف الإنتاج حالياً عند 31.5 مليون برميل يومياً) مع وجود احتمالية ارتفاع الإنتاج مستقبلاً مع رفع إنتاج إيران. وقد أدى ذلك إلى تزعزع أسعار النفط إلى أقل مستوياتها منذ تسع سنوات. وفرض تراجع أسعار النفط سابقاً ضغوطاته على نشاط الأسهم وليس فقط في اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي الحساسة. وبل واجهت أيضاً الأسهم في الاقتصادات المتقدمة ضغوطا من أسهم القطاع النفطي وأيضاً من المخاوف أن تراجع أسعار قد تعكس تباطؤاً في النمو الاقتصادي. التوظيف في أمريكا وتؤكد البيانات الأخيرة الخاصة بالاقتصادات المتقدمة السيناريو أعلاه. فقد ارتفع التوظيف في أمريكا بواقع 211 ألف وظيفة في نوفمبر وثبت معدل البطالة عند 5.0٪ وارتفعت الأجور والرواتب إلى ما يقارب 2.0٪ على أساس سنوي. كما تشير أيضاً مبيعات التجزئة ومبيعات السيارات والمنازل إلى قوة الاقتصاد الأمريكي وارتفاعه إلى أكثر من 2.0٪ في العام 2016 ،وذلك وفق ما يراه مجلس الاحتياط الفيدرالي ،حيث إن الوقت قد حان لرفع أسعار الفائدة على المدى القصير إلى أعلى من مستوى الصفر الذي وُضع في العام 2009. وستساهم تحركات البنك المركزي الأوروبي البسيطة في دعم قررا مجلس الاحتياط الفيدرالي برفع أسعار الفائدة تماشياً مع تباطؤ انتعاش الدولار مؤخراً. دول الخليج فيما يخص اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي، نتوقع أن يصمد نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال العام 2016 تماشياً مع استمرار الحكومات بالالتزام بوتيرة الإنفاق على الرغم من القيام ببعض التعديلات عليه. إذ ستكون التعديلات تدريجية ، وذلك لأن صناع القرار يتطلعون للحفاظ على مرونة واستدامة النمو. ومن المتوقع أن يصل النمو غير النفطي إلى 4-4.5٪ في المنطقة. وكلما استمرت أسعار النفط على مستوياتها المتدنية عند أقل من 40 دولارا للبرميل، ازدادت الضغوط على الحكومات للقيام بالإصلاحات والتحكم بالميزانيات. وتظل كل من الكويت وقطر الاقتصادات الأقوى من ناحية المالية العامة وقدرتهما على التأني في طرح التعديلات. ولكن من المحتمل أن تبدأ جميع دول مجلس التعاون الخليجي بإصدار أدوات الدين السيادية لتمويل العجز في الميزانيات للمرة الأولى منذ سنوات لمعظم تلك الدول. وقد تساهم هذه الخطوة في تطوير أسواقها ذات الدخل الواحد (الأولية والثانوية)، كما من المتوقع أن يتسارع إصدار أدوات الدين الخاص تماشياً مع رفع البنوك والشركات من رؤوس الأموال. ثبات اقتصاد اليورو شهد اقتصاد منطقة اليورو ثباتاً مسجلاً ارتفاع غير متوقع لا يتجاوز 1.5٪ من الناتج المحلي الإجمالي دون وجود أي أثر يذكر على النمو من الهجمات الإرهابية الأخيرة حتى الآن. وقد تمت مراجعة بيانات الاقتصاد الصيني ورفع النمو للربع الثالث من العام 2015 إلى زيادة بواقع 1.0٪ على أساس ربع سنوي. إذ بلغ نمو الاقتصاد الصيني 6.9٪ خلال الربع الثالث من العام 2015 متراجعاً من 7.0٪ الربع السابق. ولكن يرى العديد أن وتيرة النمو الحقيقي أقل من ذلك. وتم إدخال عملة الرينمنبي إلى سلة صندوق النقد الدولي للعملات بوزن 10.9٪ اعتباراً من أكتوبر من العام 2016 ما أضاف قيمة ومصداقية للعملة الصينية.
مشاركة :