أدت ولادة الإنترنت إلى نشوء أهم ثورة تقنية عرفها البشر، وهي شبكة الإنترنت التي كسرت الحواجز الجغرافية وجعلت الوصول إلى المعلومات أكثر سرعة وسهولة، وربطت بين المستخدمين بطرق لم يكن من الممكن تصورها في السابق، حتى وصل العالم إلى ثورة الإنترنت الجديدة والمعروفة بـWeb 3.0 وهو ما يمثل مستقبل شبكة الويب العالمية، خاصة بعد أن انتقلت السيطرة على شبكة الإنترنت العالمية والبيانات الشخصية للمستخدمين بشكل كامل تقريبا إلى أيدي عديد من الشركات الكبرى، لكن مع ظهور الجيل الجديد الذي يحمل مفهوما جديدا، وهو اللامركزية لشبكة الإنترنت، فإن الوضع في طريقه إلى التصحيح وجلب تغييرات شاملة. فبنظرة سريعة إلى أجيال الإنترنت المختلفة، بدأ الجيل الأول من الإنترنت في أواخر التسعينيات حيث كانت تعتمد على صفحات الويب الثابتة ولم يكن المستخدمون قادرين على التفاعل بنشاط مع بعضهم بعضا عبر الإنترنت الذي كان مقتصرا نوعا ما على صفحات الويب بتنسيق HTML التي تتكون أساسا من مقالات إخبارية أو محتوى غير تفاعلي، حتى ظهرت ثورة الإنترنت الثانية Web 2.0 التي كان من شأنها أن تسمح للأفراد بالمشاركة في شبكة ويب أكثر تفاعلية، وأدت إلى ولادة الشبكات الاجتماعية، وفي الوقت ذاته زيادة التركيز على المحتوى الذي ينشئه المستخدم، وإمكانية التشغيل البيني بين المواقع والتطبيقات. مع هذا الارتفاع، ولدت نماذج أعمال ونماذج أعمال جديدة من الشبكات الاجتماعية إلى تطبيقات الأجهزة المحمولة، حتى ظهرت على السطح أخيرا شبكات الجيل الثالث من الإنترنت Web 3.0. ومن حيث الاستثمارات وحجم سوق الـWeb 3.0، فقد وصل حجم السوق العالمية إلى 3.2 مليار دولار في 2021، ومن المتوقع أن يسجل معدل نمو سنوي مركب قدره 43.7 في المائة، التي تعد نسبة كبيرة جدا، تعكس مدى النمو الكبير للجيل الجديد من الويب، ووفقا لآخر تحليل أجرته Emergen Research، فإن هناك زيادة في الطلب على مزيد من التقنيات الموجهة نحو المستخدم والتفاعلية والمتقدمة والآمنة، وزيادة المبادرات من قبل الحكومات في مختلف الدول لتطوير تقنيات جديدة، مثل Web 3.0 لتمكين شفافية أفضل للمستخدمين هي بعض العوامل الرئيسة التي من المتوقع أن تدفع نمو سوق Web 3.0 العالمية إلى حد كبير خلال فترة التنبؤ الممتدة إلى 2030 وسيصل حجم السوق فيها إلى 81.5 مليار دولار، الذي يعكس الطلب المتزايد على تجربة المستخدم المحسنة وزيادة التقدم في الاتصال من العوامل التي تدفع نمو إيرادات سوق Web 3.0. ويعتمد Web 3.0 على تقنية سلسلة الكتل أو Blockchain التي عززت ظهور فكرة الإدارة اللامركزية والاقتصاد القائم على القطع الرمزية NFT، ويشير الخبراء إلى أن Web 3.0 سيزيد من الأمان والخصوصية وقابلية التوسع لمجالات أخرى ويحارب الهيمنة لكبرى شركات التقنية، ومن المتوقع أن يحدث Web 3.0 أو الإصدار الثالث من الإنترنت نقلة نوعية في طريقة التصفح، أو التفاعل على شبكات التواصل الاجتماعية، أو حتى التسوق والتجارة الإلكترونية، بينما حسن ويب 2.0 الاتصال والتفاعل عبر الإنترنت، سيركز Web 3.0 على تحسين التخصيص والملكية الجماعية ومشاركة المحتوى، ستستخدم النسخة المحدثة من الإنترنت سلسلة الكتل وستسمح بدعم الإنترنت من خلال شبكات لا مركزية. نتيجة لذلك، لن يحتاج مالكو مواقع الويب إلى الاعتماد على الخوادم التي تمتلكها الشركات الكبرى. ففي الوقت الحاضر يحصل المستخدم على معلومات من الإنترنت عبر خوادم وقواعد بيانات مختلفة تقع في أجزاء مختلفة من العالم، ونصفها مملوك بشكل كامل لشركات التكنلوجيا العملاقة مثل “أمازون” و”جوجل” و”مايكروسوفت”، لكن في Web 3.0 سيتم تخزين البيانات على شبكات سحابية لا مركزية ووحدات تخزين مستقلة، مع الاعتماد على دعم تقنيات التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي والبلوك تشين، فإن ذلك يضمن التواصل الآمن بين الأفراد، إلى جانب ذلك، يحافظ العملاء على خصوصية بياناتهم والتحكم فيها أو تداولها دون فقدان الملكية، كذلك يتيح Web 3.0 للمستخدمين تسجيل الدخول إلى أي موقع إلكتروني من دون تعقب هوية الإنترنت الخاصة بهم. وسيؤثر تبني Web 3.0 في نمو حركة البيانات، ففي وقت تتزايد فيه استخدامات الأجهزة الذكية والاتصال بالمواقع الإلكترونية، يوفر الجيل الجديد مساحة هائلة لنقل البيانات وتخزينها، فبحسب الدراسات، ارتفعت حركة مرور بروتوكول الإنترنت للمستهلكين ثلاثة أضعاف منذ 2017 بمعدل سنوي مركب 27 في المائة وصولا إلى 2022، وفي 2020 فقط، تم إنشاء 2.5 مليون تريليون بايت من البيانات يوميا، 40 في المائة منها آليا، ويقدر الخبراء أنه بحلول 2025، سيكون هناك 152200 جهاز متصل بالإنترنت في الدقيقة الواحدة. وتوسعت سوق العملات المشفرة خلال الأعوام القليلة الماضية مع تطور التكنولوجيا ورواج الاستثمارات في عالم ميتافيرس، أما 2022 فسيكون فرصة لانطلاق العملات المشفرة وتقنية البلوك تشين التي تدعم الشبكات اللامركزية مثل Web 3.0، إضافة إلى دعم العالم الافتراضي، يمكن Web 3.0 وجود العملات الرقمية المشفرة ـ غير قابلة للاستبدال NFTs. إن الهدف الأساس هو المبادئ نفسها التي تحققها شبكة البلوك تشين للحفاظ على الأنظمة المعتمدة وضمان ثباتها. هذا ويقدم Web 3.0 آفاقا نموذجية بعيدة عن العمل التقليدي لنمو الاقتصاد والمجتمع. من هنا، تعد تقنية البلوك تشين ركيزة أساسية للـWeb 3.0، يستفيد مطورو البرامج من الأمان والخصوصية المحسنين اللذين تقدمهما تقنية البلوك تشين لجذب مستخدمي الإنترنت الذين سيتمتعون بالتطبيقات والبرامج والمواقع الإلكترونية والبحث الفوري بطريقة أفضل من خلال التفاعل المباشر مع الأجهزة الذكية.
مشاركة :