هل تعلم كم سعر الصرف «للريال» الإيراني مقابل الدولار الآن؟ إنه يفوق 40 ألف ريال إيراني مقابل دولار واحد، والتضخم وصل أو تجاوز مستويات 21%، واتذكر خلال حج العام الماضي أن «عجوزاً» إيرانية قدمت لي عملة إيرانية تريد صرفها للريال السعودي، ورفضت الصرف لسبب أنها لا تساوي شيئاً يذكر وليس عملي أيضاً وهي تعاني من أن لا أحد يقبل بصرفها إلا بأسعار متدنية جداً. وحين نذهب للعملة العراقية الآن نجد أن دولاراً واحداً يقابله ما يقارب 1162 دينار عراقي في زمن كان الدولار لا يتجاوز نصف دينار، وحين نذهب لسوريا فهي بوضعها الآن العملة منهارة، وهي دولة زراعية وذات ثروة كبيرة، وذلك زراعياً وسياحياً ونفطياً لحد ما. أما إيران والعراق وهي دول أعضاء في منظمة الأوبك وأكبر دول تملك احتياطيات نفطية بعد المملكة، فإيران تتميز بالغاز ومن مصاف الدول الأولى عالمياً، والعراق يصنف رابع أو خامس احتياطي نفطي وتصديره اليومي الآن لا يقل عن 3 ملايين برميل، هذه دول غنية كما نشاهد وبلغة الأرقام، ولكن كل ثروة هذه البلاد ذهب مع الريح بلا قيمة أو معنى لشعوبها، التي تعاني التضخم الشديد، والعجز المالي، والبطالة العالية، والانهيار للعملة التي هي «ميزان» أي اقتصاد. حين نربط ذلك باقتصاديات دول أقل وهي أفضل كوضع اقتصادي ولن أقارن مع دول كالمملكة التي تتميز بوضع صلب وقوي اقتصادياً كنمو وايرادات واحتياطيات وتنمية وغيره، فغنى الدولة أي دولة لا يعني شيء ما لم يكن هناك «حكومة وإدارة» تحافظ على كيان الدولة كاستقرار وأمان، وهذا هو التحدي الكبير الذي ولله الحمد نتميز به، فهذه دول غنية وهي منهار عملتها وشديدة التضخم، وعدم الأمان ومستقبل لا تعرف أين سيذهب بها، وهذا ما يجب أن نضعه في الحسبان بحنكة وإدارة حكومة المملكة بقيادة الملك عبدالله حفظة الله، وهذا ما لا يمكن أن نقدر ثمنه إلا بالشدائد والتي لا نتمنى أن تأتي يوماً. إن نعمة الأمن والاستقرار هي ثروة أخرى غير المال والنقد فهي لا تشترى ولا تباع، وهذا ما يعزز الثقة ببلادنا وحكومتنا مهما كثر نقدنا أو ملاحظاتنا أو غيرتنا، بل اننا ننتقد وننتقد لأننا نريد بلادنا أفضل البلاد بخدماتها ورفاهية المواطن نفسه وهي ما تنعكس بولاء المواطن وحبه لهذه الأرض. حين ننظر للمشهد الخارجي لدول غنية فقيرة وتعاني مالياً ولا تجدي معها ثروتها كما وضعنا من أمثلة يضعنا أمام موقف التقدير والاحترام لحكومتنا بكل موضوعية وصراحة مهما كان من انتقاد أوتقصير، ويجب أن نساهم جميعاً وبإيجابية بدعم البلاد كل بمجالة ونطاق عملة، وهذا ما يجب أن يكون هو التحدي لنا جميعاً. يجب أن نشجع وندعم بعضنا، لا أن نبحث عن الزلل للإنتقاص أو التقليل من أحد أبداً بل العمل لصالح هذه البلاد، وحماية لها التي هي في النهاية ستصب في صالح المواطن. نحن بخير كبير وللننظر حولنا، ونطمح بالكثير الذي لم يأتي بعد.
مشاركة :