زيارة ولي العهد السعودي إلى الأردن تفتح آفاقا جديدة في العلاقات السياسية والاقتصادية

  • 6/21/2022
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

تفتح زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى الأردن الثلاثاء آفاقا جديدة في العلاقات السياسية والاقتصادية لتتجاوز بذلك حالة حذر غير معلنة في التعامل دفع بها ورود اسم المستشار السعودي رئيس الديوان الملكي الأردني الأسبق باسم عوض الله في ما يعرف بقضية الفتنة. ويقول مراقبون إن زيارة ولي العهد السعودي إلى الأردن تفند ما يشاع بشأن أزمة مسكوت عنها في العلاقات بين الرياض وعمّان منذ قضية الأمير حمزة بن الحسين (الفتنة) رغم نفي العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني لأي دور سعودي في القضية. جمال الشلبي: الزيارة تبدد عدم الوضوح في العلاقة السعودية – الأردنية ورفض العاهل الأردني في مقابلة مع شبكة “سي.إن.إن” الإخبارية الأميركية في يوليو الماضي توجيه أصابع الاتهام إلى السعودية. وردا على سؤال للمذيع بشأن احتمال أن يكون للسعودية يد في القضية، أجاب الملك عبدالله الثاني بأنه “تم التعامل مع هذا الملف كشأن داخلي”. وأضاف “لاحظنا وجود ارتباطات خارجية في ما يخص هذه القضية، لكن كما قلت، نتعامل مع هذا الملف كشأن محلي”. وأردف “أعتقد أنه بالنسبة إلى الأردن، لن يساعدنا توجيه أصابع الاتهام إلى الآخرين، فهناك ما يكفي من تحديات في المنطقة”. وإثر هذه التصريحات زار وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان عمّان، والتقى بالعاهل الأردني ونقل إليه رسالة من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز تناولت سبل تعزيز العلاقات بين البلدين. وقال العاهل الأردني خلال اللقاء إن علاقات بلاده مع السعودية “صلبة لا تزعزعها الشكوك والأقاويل”. وأشاد الملك عبدالله الثاني بموقف الرياض “الداعم للمملكة” في مواجهة التحديات بما فيها قضية “الفتنة”. ويقول محللون أردنيون إنّ ضلوع السعودية في عملية تهدّد استقرار الأردن وتماسك قيادته أمر مجاف للمنطق ومتناقض جذريا مع مصالح السعودية. ويذكّر هؤلاء بأنّ الأردن كان يُنظر إليه دائما كعضو قارّ في محور الاعتدال العربي الذي تقوده السعودية في مواجهة محور مضاد يطلق عليه أعضاؤه تسمية “محور الممانعة” وتنخرط فيه إيران الغريمة الكبرى للسعودية في المنطقة بقوّة. وأثارت بعض الجهات أيضا سيناريو دخول السعودية كمنافس للأردن على الوصاية على الأماكن المقدسة في مدينة القدس وعلى رأسها المسجد الأقصى. لكنّ هذا السيناريو مستغرب، أولا لأنّ السعودية تشرف على المقدّسات الإسلامية الأكثر أهمية لدى المسلمين في مكّة والمدينة حيث الكعبة والمسجد النبوي. وثانيا لأنّ الوصاية على المقدّسات في الأراضي الفلسطينية مسألة اعتبارية إلى أبعد حدّ وهي مثار تجاذبات وتضييقات من قبل إسرائيل التي عرقلت مؤخّرا زيارة كان وليّ العهد الأردني الأمير الحسين بن عبدالله يريد القيام بها إلى المسجد الأقصى في ذكرى الإسراء والمعراج حيث اشترطت السلطات الإسرائيلية أن تتحكّم بأجندة الزيارة، وهو ما رفضه الجانب الأردني. وتأتي زيارة الأمير محمد بن سلمان إلى عمّان في إطار جولة خارجية تشمل تركيا ومصر، وذلك قبيل قمة أميركية – عربية تستضيفها الرياض منتصف يوليو المقبل. ورغم أن زيارة ولي العهد السعودي ستناقش تنسيق المواقف العربية قبيل قمة الرياض، إلا أن محللين يؤكدون أن العلاقات الثنائية بين الرياض وعمّان وسبل تعزيزها محور مهم على جدول الأعمال. وقال سميح المعايطة وزير الإعلام الأردني الأسبق إن “الزيارة حدث مهم بحد ذاته سياسيا، وجزء من تواصل دائم بين قيادتي البلدين، ومن تطوير دائم لكل أشكال العلاقة التي تتجاوز حدود السياسة إلى الاستراتيجية لكلا البلدين، وعلى أجندة الزيارة العلاقات الثنائية بكل تفاصيلها”. وأشار المعايطة إلى أنه “على طاولة البحث أيضا ملفات المنطقة في سوريا والعراق ولبنان، وهي ملفات لديها مكانة في جدول اهتمامات الأردن والسعودية”. وأوضح “في لقاء قمة بين قيادتي الأردن والسعودية، لا بد من بحث التدخل الإيراني في المنطقة العربية، وتأثيره السلبي في العديد من الساحات العربية، وكيفية التعامل معه”. وفي وقت يعاني فيه الأردن من أزمة اقتصادية عمقها انحسار التمويل الخارجي الذي يحتاج إليه بشدة، أعلن الأردن والسعودية في أبريل الماضي عن تحويل الشريحة الرابعة من المنحة السعودية إلى المملكة المتعهد بها عام 2018 بقيمة 50 مليون دولار، في وقت يكافح فيه الأردن لتفادي انحسار التمويل الخارجي الذي يعتمد عليه اعتمادا شديدا. اقرأ أيضاً: السعودية ترفع تعليق السفر إلى تركيا وتأتي الدفعة ضمن المنحة التي قدمتها السعودية إلى الأردن لدعم الموازنة العامة بقيمة 250 مليون دولار على مدى 5 سنوات (2018 – 2022) ضمن إطار مخرجات قمة مكة المكرمة. وتعد السعودية الشريك التجاري الأول للأردن بحجم تبادل تجاري بلغ 4.1 مليار دولار. وشكلت الصادرات الأردنية إلى السعودية نحو 24 في المئة من إجمالي الصادرات للدول العربية، فيما شكلت الواردات الأردنية من السعودية ما نسبته 17 في المئة من إجمالي الواردات. ويقول جمال الشلبي أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الهاشمية (حكومية) إن “زيارة ولي العهد السعودي إلى الأردن لها أهداف متعددة”. وأول تلك الأهداف “تبديد أي سوء فهم أو عدم وضوح في العلاقة السعودية – الأردنية التي شابها بعض من الفتور بسبب صفقة القرن التي أطلقها الرئيس الأميركي السابق، والتي كان الأردن يرى فيها محاولة أميركية لحل القضية الفلسطينية على حساب وجوده السياسي”. وحول هذا الهدف يرى الشلبي أن “الزيارة ستسمح بوضع النقاط على الحروف بين القيادتين في ما يتعلق بالوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية التي لا يمكن للأردن والقيادة الهاشمية التفريط بها”. وأما الهدف الثاني للزيارة “فمرتبط بالتوافق على النقطتين السابقتين، وهو الاحتمال الأكبر، حيث سنجد عودة محمودة للعلاقات الأردنية – السعودية القائمة على التضامن والتكامل والتنسيق المشترك خاصة في المجال الاقتصادي والمالي والاستثماري الذي يحتاج إليه الأردن في ظروفه الاقتصادية الصعبة حاليا”. وختم الشلبي “بالنتيجة، أعتقد أن ولي العهد السعودي سيعمل على فتح أفق جديد في علاقاته الخارجية السياسية منها والاقتصادية.. مما يعطي الانطباع بأن القادم أجمل ليس فقط للسعودية بل وأيضا للأردن والمنطقة، وربما العالم”.

مشاركة :