أطفال التكنولوجيا.. سجناء العزلة والعجـــــــز الاجتماعي

  • 12/19/2015
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

دلت دراسات عديدة على أن أطفال هذا الجيل قد تمكنوا من اختراق الحاجز التكنولوجي الذي كانت تعاني منه الأجيال السابقة، واستطاعوا أن يتخلصوا من الأمية التقنية بسهولة، ولكنهم في الوقت نفسه سقطوا فيما أسمته الدراسات بـ»العجز الاجتماعي»، نتيجة العزلة التي فرضتها عليهم الأجهزة الحديثة، والتي شكلت حولهم سياجا افتراضيا محكما من المجتمع البديل، والحياة البديلة، والعلاقات البديلة، فبات اختفاء الابن أو الابنة عن أعين والديه على مدار اليوم، وعدم اختلاطه بأسرته أو مشاركته لها والتفاعل مع المحيطين به، من الظواهر المعتادة الآن، والتي لم تعد تثير التساؤلات، بعدما بات من المعلوم من العصرية بالضرورة، أن هناك جهازا إلكترونيا، كالجوال، والأيباد، والألعاب الإلكترونية، أو غيرها، قد أخذه وحيدا في غرفته وعالمه الافتراضي، بعيدًا عن المجتمع، وعن محيطه الأسري. ومع تنامي الحاجة لتقنيات العصر الحديث، لم يعد في الإمكان منع الأجهزة الذكية عن الأبناء، ولكن ما يلح عليه الاختصاصيون عبر عشرات الدراسات التي نشرت حول العالم عن تلك الظاهرة، هو ضرورة إيجاد الحلول، ووضع آلية علمية وتربوية سليمة لتنظيم تعاطي هذا الإدمان الجديد، والذي بات يهدد أحد أهم خصائص الإنسان في الأرض، وهو كونه مخلوق اجتماعي. == == == === == == 28% من الأطفال يصابون بالإدمان و59% بالاكتئاب فيقول الأطباء إنه على الرغم من الفوائد العديدة للأجهزة التكنولوجية، فإن لاستعمالاتها المفرطة تأثيرات سلبية على الذاكرة على المدى الطويل، بالإضافة إلى مساهمتها في انطواء الفرد وكآبته، لاسيما عند ملامستها حد الإدمان، فالجلوس أمام الكمبيوتر لفترة طويلة، قد يجعل بعض وظائف الدماغ خاملة، خاصة الذاكرة الطويلة المدى، بالإضافة إلى إجهاد الدماغ، كما أن الاستعمال المتزايد للتكنولوجيا، قد يزيد من صفات التوحد والانعزالية، وقلة التواصل مع الناس، وقد تتسبب الأجهزة التكنولوجية بأمراض عديدة وخطيرة كالسرطان، الأورام الدماغية، الصداع، الإجهاد العصبي والتعب، مرض باركنسون (وهو المرض العصبي يتميز صاحبه بارتعاشات عضلية، ثقل في الحركة، الكآبة النفسية)، كما تشكل خطرًا على البشرة والمخ والكلى والأعضاء التناسلية وأكثرها تعرضًا للخطر هي العين، لكن الأمر الذي يجدد التساؤلات حول كيفية تعامل مع هذا العصر التكنولوجي في الوقت الذي يوسع فيه قاعدة مستخدميه على مستوى العالم بسرعة هائلة. وفي دراسة ميدانية نشرت قبل شهور أجراها طالب الماجستير بدر بن حامد الحربي من جامعة الإمام كلية الشريعة، وتناوات «ظاهرة إدمان الأطفال للألعاب الإلكترونية»، أكد فيها الباحث أن نسبة الإدمان المؤكدة لتلك الألعاب لدى الأطفال حسب مقياس «يونغ» بلغ 28% من عينة البحث. وبينت الدراسة أن أبرز أعراض الإدمان لدى الأطفال هو: الاكتئاب أو العصبية، ويأتي بعدها انشغال التفكير أو الشغف بالألعاب الإلكترونية، كما أنه من اللافت أن نفس النسبة 28% من الأطفال يقضون بين 4-5 ساعات يوميًا مع الألعاب الإلكترونية، وهي نسبة كبيرة جدًا تشكل معظم وقتهم خارج المدرسة. فيما شعر 59% بأعراض انسحابية مثل الاكتئاب أو العصبية عند محاولة التوقف عن استخدام الألعاب الإلكترونية، وجاءت نسبة 39% تمثل قيام الفرد بمحاولات للسيطرة على استخدامه بالألعاب الإلكترونية ولم ينجح. دراسة: مخاطر من استخدام التقنية لحديثي السن وقد أظهرت دراسة أخرى أجريت حديثًا على أطفال، تتراوح أعمارهم بين أربع وخمس سنوات في إحدى الدول المتقدمة، أن الأطفال يقضون سبع ساعات ونصف الساعة يوميًا أمام شاشات الأجهزة الإلكترونية، أي بزيادة ساعة وسبع عشرة دقيقة أكثر مما كان يفعل الأطفال في العمر نفسه قبل خمس سنوات، ومن المستغرب أكثر أن الدراسة نفسها أظهرت أن بعض الأطفال، ممن لا تزيد أعمارهم على السنتين، يقضون نحو ساعتين يوميًا أمام شاشة جهاز إلكتروني، وهي النتيجة التي لا يراها المختصون بعيدة عن مجتمعاتنا العربية. ففي دراسة قدمتها الباحثة رانيا الشريف في ملتقى «التقنية والمجتمع إلى أين؟»، الذي انعقد في «تعليم الرياض» العام الماضي، حذرت من استخدام أجهزة اللمس التقنية نهائيًا لمن هم دون السنتين، حيث أثبتت الدراسات أن استخدامهم للأجهزة يضعف نمو اليدين والأصابع؛ ومن في عمر ثلاث إلى أربع سنوات لا يُسمح لهم بأكثر من 30 دقيقة فقط؛ لأنه بحاجة إلى نشاط حركي وبرنامج عملي يمارسه، وأكدت على ضرورة إيجاد البدائل للصغار. وأوضحت دراسة أخرى أن إصابة الأطفال في السابعة من العمر بمشكلات في الانتباه والتركيز، تزداد بزيادة أوقات مشاهدتهم للتلفزيون من عمر سنة إلى 3 سنوات، ووجد الباحثون أن كل ساعة يوميًا يقضيها الطفل قبل عمر 6 سنوات في مشاهدة التلفزيون، تزيد خطر إصابته بمشكلات في الانتباه بنسبة 10%، وتؤدي للعزلة الاجتماعية بنسبة 37%، كما أوضحت الدراسة أهمية عامل العمر؛ لأن نمو المخ يتواصل خلال هذه السنوات؛ بينما أثبت بحث آخر، أُجْرِيَ في 12 دولة، أن المهارات الاجتماعية مثل (الاعتماد على الذات، والقدرة على الاستماع، وفن التواصل، وتقبل الآخر) -والتي ينبغي أن يتعلمها الطفل- حلّت محلها مهارات رقمية. -- -- -- * أمراض وأعراض: - عصبية واكتئاب بنسبة 59% - تشتت الانتباه بنسبة 10% - توحد وانعزالية بنسبة 37% - مرض باركنسون - خمول بعض وظائف الدماغ === === === == اختصاصيون نفسيون: للتقنية فوائد عديدة إذا تم تنظيمها وتوجيهها يقول اختصاصيو الطب النفسي أنه من الشائع الحديث عن تلك الآثار السلبية للأجهزة التكنولوجية وسوء استخدامها والذي يؤدي إلى التسبب في العديد من الأمراض النفسية والعضوية، ولكن يغيب عن الكثيرين أن لتلك الأجهزة فوائد كبيرة قد تستغل بشكل إيجابي في توجيه الطفل وتنمية إدراكه العقلي بشكل صحيح، وعلينا ان نتمتع بالفهم والإدراك الكافي لاستغلال هذه الأجهزة بالإيجاب من خلال توفير أجهزة لابتوب لكل طالب في المدرسة واستخدامها في التعليم والترفيه أيضا مع خلق جو توعوي وتوجيهي لهذه الألعاب، فالطفل بحاجه إلى اقل من ساعه تمارين ذهنية تسهم في تنمية خلاياه الذهنية، واستخدام هذه الأجهزة في التعليم وتوفيرها في المدارس قد يسهم بشكل إيجابي في تطوير الطفل. وأكد الاختصاصيون على ضرورة تواجد الأهل مع أطفالهم لتوجيههم وتوعيتهم بالاستخدام الصحيح لهذه الأجهزة، وإيجاد بدائل جاذبة تخفف من استخدامها، وإعطاء الأهل من وقتهم لأبنائهم من خلال الجلوس واللعب معهم كبديل عن التوجه لهذه الأجهزة، مع اختيار المدارس التي تستطيع أن تغير وتؤثر في الطفل بالإيجاب. وأوضحوا أنه يجب أن يكون الآباء والأمهات على وعي كامل بكيفية حماية أطفالهم من تلك المخاطر التي سوف تؤثر على تكوين شخصياتهم في مرحلة تحدد أفكارهم واتجاهاتهم وسلوكياتهم في المستقبل. مشيرين إلى أن الأسرة هي المسؤولة الوحيدة للحفاظ على أطفالها، ولا يجب أن يبقى الدور متناقضا معتمدا على الوعظ والإرشاد، وفي الوقت نفسه تقوم الأسرة بتعليم الأطفال وتحفيزهم من الصغر، وتنظيم مواعيد محددة لاستخدام التقنية، ومواعيد أخرى للألعاب البدنية، وثالثة للمهارات اليدوية، وهكذا، وهي خطوات تحتاج لجهد ووعي من الأسرة، حيث لا يجب أن تلجأ إلى إلهاء الأطفال بتلك الأجهزة للتخلص من إزعاجهم، فتكون النتيجة ما تعاني منه الأسر والمجتمعات اليوم. وشدد المختصون على ضرورة عدم عزل الطفل عن الثقافة والتطور العقلي، وإنما يجب أن نكون على مسؤولية كبيرة أمام ما توصلنا إليه من تقدم تكنولوجي ونكون على دراية تامة بالكيفية الصحيحة لاستخدامها ونضع أطفالنا في أولويات اهتمامنا في إرشادهم ومشاركتهم ومراقبتهم فيما يشاهدونه ويستخدمونه، ولا نترك لهم المجال منفردين، لما لذلك من مخاطر قد تودي بمستقبلهم إلى الهاوية. --- --- -- * تنظيم وتوجيه - سوء الاستخدام يسبب أمراضا نفسية وعضوية - ساعه من التمارين الذهنية تسهم في تنمية وعي الطفل - توعية الآباء والأمهات بكيفية حماية أطفالهم - لا يجب أن يبقى دور الأسرة معتمدا على الوعظ والإرشاد - تنظيم مواعيد محددة للأطفال بين استخدام التقنية، والألعاب البدنية، والمهارات اليدوية === === == === == أولياء أمور: نظرات مختلفة لجيل مختلف وفي دراسة جديدة أجريت على عدد من الآباء والأطفال في دول مجلس التعاون أشارت إلى زيادة قلق الآباء من تأثيرات أجهزة التكنولوجيا (الهواتف النقالة، والأجهزة السطحية اللمسية) على صحة أطفالهم، حيث أشارت الدراسة إلى أن أكثر من نصف الآباء المشمولين فيها 61.4% أبدوا قلقهم حول علاقة أطفالهم بأجهزة التكنولوجيا، ونحو ثلاثة أرباع الآباء 74.9% لا يدعون أطفالهم يستخدمون هذه التقنيات من دون مراقبة. وهو ما يعيد طرح السؤال مرات عديدة: ماهو دور الآباء، وكيف يمكن تنظيم ذلك السلوك؟ رصدنا آراء عدد من الآباء وكانت إجاباتهم مختلفة باختلاف رؤيتهم للعصر والجيل، فيقول سعيد عاتق إنه أدخل ابنه الروضة بهدف تهيئته للحياة وفي الروضة كان يستخدم ألعابا إلكترونية. أما في البيت فلأنني وأمه متعلمان فقد حرصنا أن نعلمه استخدام الألعاب التي فيها تكنولوجيا وفيها تقنية، فهذا العصر عصر التقنية وعصر التكنولوجيا ومن لم يفقه لغة العصر فسيعيش أمية كبيرة لأن هذه هي الأمية الحقيقية اليوم. أما محمد حسن فيختلف معه كلية لأنه يرى أن نجنب الأطفال استخدامات التكنولوجيا في سن مبكر لأنهم في هذا السن لا يميزون وبالتالي قد تحدث لهم أثرا عكسيا خصوصا وأن الأبوين بحكم العمل والانشغال قد لا يتمكنان تمكنا دقيقا من متابعة أبنائهم. ويرى محمد أننا نجنب أطفالنا استخدامات التكنولوجيا إلى سن متأخر يمكنهم معه من التمييز ويمكنهم فهم طبيعة الإرشادات التي يتلقونها سواء من الأسر أو المدرسة. علي أحمد كان يقف في الوسط ما بين الرأيين فهو يرى أن التكنولوجيا ضرورة حتمية وسيواجهها الأطفال شئنا أم أبينا سواء في الشارع أو مع الأصدقاء أو الجيران أو أي مكان، قائلا إن التكنولوجيا هي روح العصر فلابد من تدريب الأطفال على التعامل معها، لكنني أطالب الأسر وبشدة أن تقترب مع أبنائها وتوجههم للاستخدام الحسن وتجنب السيء ومثل هذا الدور يقع على عاتق المدارس فدورها يجب أن يكون توجيهي وإرشادي، بل وأذهب إلى أبعد من هذا وهو ضرورة أن توفر الأسر والمدارس وسائل التكنولوجيا ولكن في الوقت نفسه مهم كيف نوظف هذه التقنية وكيف يستخدمها الأطفال. --- -- --- * رؤية أبوية متباينة - 61.4% من الآباء قلقون من علاقة أبنائهم بالألعاب - 74.9% من الآباء يساهمون في مراقبة أبنائهم - لا يجب منع الأطفال عن التقنية حتى لا يصابون بالأمية - تجنيب الصغار الانفراد بالأجهزة دون إرشاد === === === === = د. كسناوي: دور بعض الآباء الرقابي والتوجيهي ضعيف أوضح الدكتور محمود كسناوي عضو هيئة التدريس وعميد كلية التربية السابق بجامعة أم القرى أن مواقع التواصل الاجتماعي والتقني تعتبر بلا شك وسائل مهمة ظهرت ويستخدمها غالبية الشباب عبر الاتصال بالإنترنت، ولكن هناك بعض السلبيات التي أثرت سلبًا من خلال استخدام الأبناء لها، وللأسف الشديد دور بعض أولياء الأمور ضعيف من حيث المراقبة والتوجيه، والملاحظ أن المملكة تأتي ضمن الدول الأكثر استخداما للإنترنت إلا أن النسبة الأكبر منهم يحرصون على زيارة المواقع والقنوات غير الهادفة، والأسرة لها دور كبير لعدم معرفتهم بمصلحتهم من خلال استخدامهم لها بهدف الترفيه عبر انغلاقهم حول نفسهم داخل غرفهم دون وجود رقابة أسرية عليهم، مما يشجعهم على الدخول إلى المواقع المشبوة أو التي تروج أفكارا تطرفية وإرهابية، وعلى الأسر الجلوس مع أبنائهم ومناقشتهم ونصحهم حول المواقع التي يستفيدون مع تحديد أوقات استخدام مع تقنين عملية الاستخدام المفتوح والتضييق عليهم عبر الطرق التربوية السليمة مع توفير البدائل المناسبة لهم، والتي يمكن من خلالها متابعتهم وتداركهم في حال توجههم نحو المواقع التي قد تضرهم وتسبب لهم ولأسرهم ومجتمعهم أضرارا كبيرة. --- --- --- -- * دور الأسرة - عدم السماح للأبناء بالعزلة - إيجاد دور رقابي غير مباشر - مناقشة الأبناء ومناصحتهم === === === === = د.السهلي: توفير بدائل مناسبة للأبناء تخرجهم من العزلة التقنية وقال الدكتور محمد السهلي وكيل كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة أم القرى وعضو الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان بالعاصمة المقدسة إن استخدام التكنولوجيا والتقنية نوعان؛ إيجابي وسلبي.. ولا شك أن الأبناء والشباب هم الفئة الأكبر في استخدامها، ولكن الحقيقة أن الاستخدام السلبي هو الأكثر نتيجة غياب دور الأسر، وهو ما أدى إلى انحراف بعضهم نحو الفكر الضال والهادم، كما أثر ذلك سلبيا في مهارات التواصل الشخصي لديهم وتقوقعهم حول نفسهم لاستبدالها بهذه التكنولوجيا، دون تحكم في استخدامها، حيث إن منعها ليس حلا صحيحا مع عدم وجود البدائل، وعلى الأسر التعامل مع الأبناء عبر المناقشة وتشجيعهم على القراءة وغيرها من البدائل التي تساعدهم على التقليل من تلك الاستخدامات السلبية وملء أوقات فراغهم مع مشاركة الخطباء والأئمة والتربوين، وبيان أضرارها وخطورتها حتى لا يكونوا ضحايا لها، مما قد يؤدي في المستقبل إلى فقدان السيطرة عليهم وتفاقم المشكلة بشكل يصعب مواجهتها وحلها بشكل مناسب يضمن الحد من خطورتها. ------------ * توفير البدائل المناسبة - تنمية مهارات التواصل الشخصي - الحث على القراءة والاطلاع - ملء أوقات الفراغ بالمشاركة في الأنشطة المزيد من الصور :

مشاركة :