9 سنوات مرَّت على رحيل الشيخ الجمري وذكراه باقية

  • 12/19/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تمر الذكرى التاسعة لرحيل الشيخ عبدالأمير الجمري، الذي انتقل إلى الرفيق الأعلى في 18 ديسمبر/ كانون الأول 2006، بعد حياة حافلة بالعلم من جهة، والعمل من أجل وطن يسوده التجانس واحترام التعددية. اختلف الفرقاء فيما بينهم، ومازالوا، لكنهم اتفقوا على وحدوية ووطنية الراحل الكبير، الذي كرس جل حياته من أجل البحرينيين، فبقت ذكراه في قلوب الكثيرين ولم تبارحهم طوال كل هذه السنوات. تسع سنوات مرت على رحيل هذه القامة الوطنية، بعد سنوات طوال من الاغتراب بحثاً عن العلم والمعرفة في النجف الأشرف منذ وصولها في العام 1962 إلى حين عودته في العام 1973، مروراً بفوزه في انتخابات المجلس الوطني في العام نفسه، إذ كان عضواً بارزاً في الكتلة الدينية بالمجلس، ومن الأصوات التي عارضت قانون أمن الدولة بشدة، ولم يتردد في نشر رأيه الصريح في الصحافة وقتها. وفي القضاء كان له دوره البارز في ساحاته حين عيّن في العام 1977، قاضياً في المحكمة الجعفرية الكبرى، وصولاً إلى مرحلة التسعينيات وما صاحبها من أحداث وطنية، وحتى مطلع الألفية الجديدة حيث تم إطلاق المشروع الإصلاحي في البلاد. ومن جانبه، اعتبر القيادي في جمعية الوفاق عبدالجليل خليل في حديث لـ «الوسط» أن «تجربة الشيخ الجمري في التسعينيات تجربة غنية بالعبر، وهي شبيهة بالفترة التي نعيش فيها اليوم، فقد بدأ نضاله عالماً في النجف الأشرف منذ العام 1962 وحتى 1973، ثم رجع إلى البحرين وأصبح نائباً في المجلس الوطني العام 1973، وبعدها أصبح قاضياً في المحكمة الجعفرية، ثم أصبح قائداً سياسياً منذ مطلع التسيعينيات من القرن العشرين حتى إقعاده بسبب المرض في منتصف 2002، وثمّ وفاته في نهاية 2006». وأضاف خليل «لاشك أن هذه التجربة ثرية، وفي اعتقادي كما تحدث الشيخ الجمري عندما وضع صفاتاً لأي قيادة أو معارضة سياسية ناجحة، بأن يكون تحرك أي معارضة سياسية حراكاً غير مرتبطٍ بالخارج بل أوجدته الظروف المتراكمة من الداخل، وأن يكون حراكاً عفوياً ومرتبطاً بالناس وهمومهم ومطالبهم، ومتحداً مع التلاوين الوطنية كافة بعيداً عن الطائفية والفئوية، كما أشار بكل وضوح إلى أنْ تكون المعارضة سلمية ترفض العنف والتطرف وترفض استخدام القوة، واعتبر الحوار الجاد المثمر هو الطريق الأمثل لتحقيق المطالب العادلة». وتابع «ثم تحدث عن أهداف التحرك الذي قاده في التسعينيات وحدده بأنْ تكون أهدافه واضحة وموضوعية، بعيداً عن إسقاط الحكم وإنما أريد به الإصلاح الحقيقي». وأردف «عندما تسأل ماذا يقصد الشيخ الجمري بالإصلاح، تجد أنه تحدث عن ذلك في إحدى خطبه في 24 نوفمبر/ تشرين الثاني 1995، وذكر أن أي طرح يراد له النجاح فلابد أن يتوفر على الشمولية، بحيث يشمل الأمة بكل فئاتها ومذاهبها، وألا يكون هذا الطرح طرحاً طائفياً أو ترقيعياً، كما أشار إلى العنصر الثاني لنجاح أي حراك، بأن يكون دستورياً، فأي طرح يفتقد إلى الغطاء الدستوري فهو طرح قاصر». وواصل «أكثر ما كان يميز الشيخ الجمري أنه كان صاحب موقف، لا يكتفي فقط بالتنظير وطرح الخطط، ولذلك عندما طالب الناس بالمشاركة في التصويت على الميثاق، واستجابت الناس له بطريقة جماهيرية كبيرة، وحينما كانت له وجهة نظر بشأن دستور 2002 خرج في خطبته المشهورة في 22 فبراير/ شباط 2002، وفي تقديري أن الشيخ كان ملزماً أخلاقياً وسياسياً أن يقف هذه الوقفة، وكان ملزماً أن يقف أمام الجماهير التي دعاها للتصويت على الميثاق». وأشار إلى أن «الشيخ الجمري على الصعيد الوطني، له وقفات في غاية الأهمية، فعلى صعيد لملمة الصفوف، فقد اجتمع بالمرحوم الشيخ سليمان المدني وكان هدفه الأساس وأد الفتنة ورص الصفوف، ولذلك بادر بنفسه وقام بزيارة الشيخ المدني رحمه الله في 23 يناير/ كانون الثاني 2001، وكذلك على صعيد الوطن، فقد بادر بالزيارة المشهورة إلى جمعية الإصلاح في المحرق والتقى بالمرحوم الشيخ عيسى بن محمد آل خليفة، وكان هدفه الأساس تعزيز اللحمة الوطنية، وتوحيد الصفوف والمطالبة بالإصلاح». وأكمل خليل «في الحقيقة أن أكثر ما أعطى للشيخ الجمري مكانة في قلوب محبيه ومناصريه أنه في التسعينيات كان يتقدم الصفوف ويحضر تشييع الشهداء». وأردف «وهناك نقطة في غاية الأهمية في تاريخ الشيخ الجمري، وأنه رغم المحن التي ألمت به، والآلام والسجون، عندما جاءت فترة الميثاق وكان مطلوباً من الناس والقيادات أولاً أن تشارك بفعالية في إنجاح الميثاق، نسي الجراح وقدم مصلحة الوطن على كل مصلحة ودعا الناس للمشاركة والانخراط في العمل السياسي الجديد، رغم أنه حوصر في 1 أبريل/ نيسان 1995، ثم سجن بعد ذلك وأفرج عنه ووضع في الإقامة الجبرية، ولكن في تقديري الشيخ الجمري، كان لديه منهج واضح أن كل نضاله إنما هو لإخراج البلد من أزماته، وهذا أهم في نظره من كل ما أصابه في فترة المحن». وأضاف «ونحن عندما نتذكره هذا العام، نتذكر خطابات الشيخ الجمري التي تطالب بالبدء بالإفراج عن المعتقلين السياسيين والانخراط في الحوار الوطني الجاد، كما كان أيضاً يطالب الجماهير بالالتزام بالسلمية والبعد عن العنف والتطرف من أجل أن يخرج الوطن معافى سليماً». وختم خليل «وهو في كل خطاباته، كان يتحدث أن نضاله السياسي، إنما يهدف في الأساس للمشاركة الفعالة في صناعة القرار الوطني، وما أشبه الليلة بالبارحة، فمازال الوطن والمواطنون ينشدون تلك الأيام التي استطاع فيها الشيخ الجمري أن يخلق حالة من الثقة وإن كانت مؤقتة، ولكنها فعلاً أوجدت توافقاً وطنياً تم فيه الإفراج عن السجناء السياسيين وعودة المبعدين، ففي هذه الذكرى، الوطن في أمس الحاجة في هذه الأيام إلى ضرورة خلق التوافق الوطني حتى يستطيع الوطن أن يخرج من أزمته السياسية والاقتصادية».

مشاركة :