تراجعت أسعار النفط أمس الجمعة وسط ضعف المعنويات في السوق بسبب تخمة المعروض واتجهت الأسعار أمس لتسجيل ثالث انخفاض أسبوعي لها على التوالي في أطول موجة خسائر من نوعها في أربعة أشهر. ونزل خام القياس العالمي مزيج برنت 24 سنتا إلى 82.36 دولار للبرميل بحلول الساعة 11:33 بتوقيت غرينتش. وانخفض الخام الأميركي في العقود الآجلة إلى أدنى مستوياته في نحو سبع سنوات عند 41.34 دولار للبرميل لكنه تعافى لاحقا إلى 51.34 دولار بانخفاض 44 سنتا عن مستواه عند الإغلاق أمس. ودفعت تخمة المعروض العالمي الأسعار للاقتراب من أدنى مستوياتها في 11 عاما هذا الأسبوع بما يعني أن برنت سيسجل خسائر سنوية للعام الثالث على التوالي وهي أول موجة هبوط من نوعها يشهدها الخام منذ بدء تداول عقود النفط في الثمانينات. وتتجه العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي إلى تكبد ثاني خسائرها السنوية في أول موجة انخفاض من نوعها للخام الأميركي منذ 1998. وقال المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول أمس في سنغافورة إن هبوط أسعار النفط الذي يتعذر وقفه على ما يبدو يثير مخاوف بشأن الاستثمار في الإمدادات مستقبلا. وأضاف: «تدني سعر النفط حاليا يثير قلقي لأنه يعني انخفاض الاستثمارات في مشروعات النفط الجديدة. هذا العام انخفضت الاستثمارات النفطية أكثر من 20 في المائة والأهم أننا نتوقع انخفاضها العام المقبل أيضا... لم نشهد قط في السنوات الثلاثين الماضي انخفاض استثمارات النفط في العالم على مدى عامين متتاليين». من جهة أخرى عبرت فنزويلا عن خشيتها من «كارثة» إذا استمر تراكم مخزونات النفط إلى مستويات قياسية لكنها رغم ذلك تساند حق إيران - زميلتها في أوبك - في زيادة الإنتاج حالما ترفع عنها العقوبات الدولية. والتقى وزير النفط ايولوخيو ديل بينو ووزيرة الخارجية ديلسي رودريجيز هذا الأسبوع مع ممثلي الدول الأعضاء في أوبك في كاركاس بحسب بيان لوزارة النفط أمس لمناقشة استراتيجيات دعم الأسعار. وبحسب «رويترز» نقل البيان عن ديل بينو قوله: إن المشتريات الفائضة أدت إلى ارتفاع مخزونات النفط مما نتج عنه زيادة نسبة استغلال طاقة التخزين إلى 90 في المائة وسط توقعات باحتمال وصولها إلى 100 في المائة في الربع الأول من العام المقبل. وقال ديل بينو الذي يرأس أيضا شركة النفط الحكومية الفنزويلية بي دي في إس إيه «عندما يحدث ذلك فإننا ربما نكون على عتبات كارثة». وأكد الوزيران دعوة فنزويلا إلى قمة خاصة لزعماء الدول المنتجة داخل أوبك وخارجها ودعم كاركاس للزيادة الوشيكة في إنتاج إيران. وقال البيان «فنزويلا تتمسك بموقفها بأن لإيران كل الحق في العودة إلى سوق النفط خصوصا أنهم خفضوا صادرات الخام بسبب العقوبات التي قادتها الولايات المتحدة». وتخطط طهران لزيادة الإمدادات بواقع مليون برميل يوميا على الأقل أو ما يعادل 1 في المائة من حجم الإمدادات العالمية بعد انتهاء العقوبات أوائل العام المقبل. وفنزويلا من بين المنتجين الأكثر تضررا من هبوط أسعار النفط إلى أقل من النصف في الأسواق العالمية على مدى الأشهر الثمانية عشر الماضية. وهبطت إيراداتها النفطية هذا العام 68 في المائة عن العام السابق بحسب الرئيس نيكولاس مادورو كما هبطت سلة الخام الفنزويلي إلى 29 دولارا فقط للبرميل هذا الأسبوع. ويعاني البلد الواقع في أميركا الجنوبية والبالغ عدد سكانه 29 مليون نسمة ركودا عميقا ولديه أعلى معدل للتضخم في العالم. من ناحية أخرى قال وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك أمس إن بلاده لا تدرس التنسيق مع منظمة البلدان المصدرة للبترول. وأبقت روسيا التي تعد أحد أكبر الدول المنتجة للنفط في العالم على اتصالات غير رسمية مع أوبك لفترة طويلة ولمحت في الماضي إلى أنها قد تكون مستعدة لخفض إنتاج النفط لدعم الأسعار. لكنها غيرت نهجها في الآونة الأخيرة وقالت: إنها لا تستطيع وقف الإنتاج في معظم آبارها وإعادتها للعمل بسرعة إذا اقتضت الحاجة بسبب قسوة الطقس الروسي. وبحسب «رويترز» قال نوفاك للصحافيين في فلاديفوستوك «لم تغير أوبك حصص الإنتاج منذ عام 2008 ولا تلعب الدور الذي كانت تضطلع به في السبعينات والثمانينات... لا ندرس جدوى أي نوع من التنسيق». ولم تتوصل أوبك إلى قرار خلال اجتماعها الأخير في وقت سابق هذا الشهر وهو ما دفع خام برنت للاقتراب من أدنى مستوياته في 11 عاما دون 37 دولارا للبرميل. وقال نوفاك إن السوق متخمة بالمعروض لأسباب منها إنتاج دول اعتادت الاستيراد مثل الولايات المتحدة التي خفضت وارداتها. وأضاف أن تقليص الاستثمارات العالمية سيؤدي حتما إلى تراجع إنتاج النفط العالمي. وقال: «نشهد هذا بالفعل حيث تراجع إنتاج النفط الصخري بالفعل بواقع 500 ألف برميل يوميا». وهبطت أسعار النفط بنحو 70 في المائة في الأشهر الثمانية عشر الماضية وهو ما يرجع في الأساس إلى وفرة المعروض وتراجع الطلب الصيني. كما تتعرض السوق لضغوط بفعل احتمال عودة إيران إلى الأسواق العالمية حالما ترفع عنها العقوبات المفروضة عليها بسبب برنامجها النووي. وتتجلى عدم رغبة روسيا في خفض إنتاجها في حجم أنشطة الحفر الروسية. ويبلغ الإنتاج الروسي حاليا نحو 78.10 مليون برميل يوميا مسجلا أعلى مستوياته عقب انهيار الاتحاد السوفياتي السابق. وقال نوفاك إنه يتوقع تراوح أسعار النفط بين 45 و50 دولارا للبرميل العام المقبل مضيفا أن «هذا سعر سوقي طبيعي سيسمح للجميع بالتنافس مع الآخرين».
مشاركة :