استبشرنا خيرا بتوقيع مجموعة لوسيد للسيارات الكهربائية اتفاقية مع صندوق الاستثمارات العامة، لبدء إنشاء أول مصنع إنتاج متكامل لسياراتها الكهربائية في المملكة. وتستهدف الشركة إنتاج 150 ألف سيارة سنويا بعد إكمال مصنعها في مدينة الملك عبدالله الاقتصادية. وسيضفي على المملكة بعدا جديدا في صناعة المركبات الكهربائية تحت رؤية 2030، ومنافسة أكابر الشركات العالمية في تصدير المركبة الكهربائية، حيث تملك المملكة القدرة الهائلة من ناحية الإمكانات المالية والموارد البشرية لتمكين هذه الصناعة الرائدة من النمو والثبات التنافسي. وتشكل البطاريات أساس عمل المركبات الكهربائية ويقدر أن تكاليف البطارية تراوح بين 25 و35 في المائة من متوسط سعر البيع للمركبة ذاتها، ومعنى ذلك أن ثلث تكلفة المركبة الكهربائية تقريبا يأتي من البطارية فقط. إن المصنع المزمع بناؤه في المملكة سيستورد البطارية من الخارج - لم تتضح الرؤية حتى الآن في كيفية توفير البطارية من قبل مجموعة لوسيد للسيارات الكهربائية - الأمر الذي قد يضيف تكاليف أخرى إلى السعر النهائي للمركبة. هل يا ترى سيتم إنشاء مصنع للبطاريات في المملكة؟ دعونا نرى تصنيع البطارية من عدة زوايا فنية اقتصادية وصناعية. تتكون أغلب البطاريات من معدن الليثيوم أو النيكل والكادميوم أو الرصاص أو الكوبالت، وتعد بطاريات الليثيوم-أيون أفضل الخيارات اليوم، وتتحكم في أكثر من 90 في المائة من سوق تخزين البطاريات العالمي، مقارنة بالبطاريات الأخرى، لتميز بطاريات الليثيوم-أيون بكثافة طاقة عالية وخفيفة الوزن لكنها أكثر تكلفة. منذ عام 2010، انخفض متوسط سعر بطارية ليثيوم-أيون من 1200 إلى 132 دولارا لكل كيلو واط ساعة في عام 2021، لكن ارتفع متوسط أسعارها قليلا إلى 135 لكل كيلو واط ساعة عام 2022، ويقدر أن يواصل الارتفاع خلال الأعوام المقبلة لكن لا نتوقع رؤية تأثر كبير في توجهات المركبات الكهربائية المتوقعة على مدى الأعوام المقبلة. وفي شركة تسلا، تستخدم بطاريات فوسفات الحديد والليثيوم التي توفرها شركة CATL الصينية فيما يقرب من نصف سياراتها، كما تستخدم بطاريات النيكل والكوبالت التي توفرها LG Energy Solution وشركةPanasonic، ويفكر إيلون ماسك في التعاقد مع شركة BYD الصينية التي تصنع البطاريات من فوسفات الحديد والليثيوم. ومع ذلك تعاني شركة تسلا ضعف خطوط إمداد البطاريات حيث ارتفعت أسعار البطاريات كثيرا ونقصها في السوق عام 2022 بحكم ارتفاع سعر معدن الليثيوم والطلب العالي عليها، إضافة إلى معدن النيكل والكوبالت، ما حدا بإيلون ماسك التفكير مليا في الاستحواذ على أحد مناجم الليثيوم في قارة أمريكا الجنوبية. وبالمناسبة لا تزال بطاريات الليثيوم-أيون المدمجة الرقم الصعب في مشاريع تخزين الطاقة على نطاق المرافق، حيث توفر الطاقة من مصادر مختلفة مثل الرياح والطاقة الشمسية. هل تتوافر معادن الليثيوم والنيكل والكادميوم والكوبالت في المملكة (خاصة معدن الليثيوم)؟ وهل يوجد مسح جيولوجي وخريطة معادن توضح فيها كمياتها مع تبيان مواقعها وتكلفة استخراجها؟ ذكرت وزارة الصناعة والثروة المعدنية أن هناك عدة مواقع تطرقت إليها الدراسات بتوافر كميات من معدن الليثيوم، لكنها تحتاج إلى توثيق لتحديد الأرقام بكل دقة. إن إنشاء مصنع للبطاريات في المملكة سيقلل من تكاليف تصنيع المركبات الكهربائية، إضافة إلى تقديم ميزة اقتصادية تنافسية لها، ما يجعل السيارة ذات تكلفة معقولة سواء لمن يرغب في الشراء من داخل المملكة أو المنافسة خارجها، لكي تتنافس السيارة الكهربائية ضد مثيلتها من السيارات التقليدية. ومن المجدي دراسة تصنيع كل أجزاء المركبة الكهربائية محليا واستيراد ما يتعذر تصنيعه داخل المملكة. ويظل تصنيع البطاريات في المملكة حلما من شأنه أن يدفع بصناعة الكهرباء والمركبات الكهربائية وتخزين الطاقة نحو النمو والتطور.
مشاركة :