بعد الخسائر القاسية التي تكبّدها تحالفه السياسي في الانتخابات البرلمانية، رفض الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون استقالة رئيسة الوزراء إليزابيت بورن، «لتتمكن الحكومة من متابعة مهامها»، على ما أعلن قصر الإليزيه، ما يشكل انتكاسة تمهّد لمرحلة من عدم الاستقرار، ومن المتوقع أن يزيد هذا الأمر من صعوبة مضيّ ماكرون في تنفيذ أجندته السياسية خلال فترة ولايته الثانية. وبدأ ماكروناليوم ، محادثات منفصلة مع ممثّلي القوى السياسية الرئيسية في الجمعية الوطنية (البرلمان) الجديدة، من أجل تحديد استراتيجية «لمصلحة الفرنسيين» ولاستكشاف إمكانيات التعاون البناء أو الدخول في تحالفات، وذلك بعد فشل معسكره في الحصول على الغالبية المطلقة في الانتخابات التشريعية. ومن المقرر أن تُختتم هذه المحادثات اليوم. وفي وقت سابق، قال مسؤول في «الإليزيه» طالباً عدم نشر اسمه إنّ «رئيس الجمهورية، بصفته ضامناً للمؤسّسات، مصمّم على العمل لمصلحة الفرنسيات والفرنسيين». وأضاف: «حالما لا تكون هناك غالبية بديلة، يُطرح السؤال بشأن كيفية إجراء التحوّلات الضرورية للبلد. هذا هو سبب هذا الاجتماع مع القوى السياسية: الحوار والتحادث من أجل المصلحة العليا للأمة ولبناء حلول تصبّ في خدمة الشعب الفرنسي». في المقابل، أعلنت أحزاب المعارضة، إنه سيتعين على ماكرون «المتغطرس» أن يغير مساره ويستمع إليها كي يحصل على دعمها على أساس كل قضية على حدة. وأوضح كريستيان جاكوب، رئيس حزب «الجمهوريون» المحافظ، أن الحصول على أي دعم منهم له ثمن مما يفتح الباب أمام احتمال إجراء محادثات صعبة بشأن كل مقترح سياسي. أضاف «إنه من كان متغطرساً والآن يطلب المساعدة». وبعد اجتماعه مع ماكرون، أكد جاكوب للصحافيين في وقت لاحق «قمنا بحملتنا في المعارضة وسنظل في المعارضة». وأضاف أنه أبلغ الرئيس بأن «إبرام أي اتفاق لتشكيل ائتلاف سيعتبره الناخبون المؤيدون لحزب الجمهوريون خيانة». لكن جاكوب، الذي يتمتع حزبه بوضع جيد ويتفق إلى حد كبير مع برنامج ماكرون الاقتصادي، فتح الباب أمام إبرام اتفاقات بشأن كل قضية على حدة، قائلاً إن الأمر في ذلك يرجع إلىماكرون كي يخطو خطوة صوبهم ويأخذ اقتراحاتهم محل الجد. بدوره، ذكر قصر الإليزيه الرئاسي في بيان، إن ماكرون، الذي يريد تعميق التكامل بين دول الاتحاد الأوروبي ورفع سن التقاعد وتعظيم الاستفادة من الطاقة النووية، يريد أن تتمكن محادثات هذا الأسبوع مع المعارضة من «تحديد حلول بناءة ممكنة». وبالتزامن، اجتمعت بورن باعضاء حكومتها،اليوم أيضاً. وبعد شهرين من الانتخابات الرئاسية التي فاز بها ماكرون بولاية ثانية، فشل المعسكر الرئاسي في الاحتفاظ بالغالبية المطلقة في الجمعية الوطنية والبالغة 289 مقعداً من أصل 577 مقعداً. ويمكن لائتلاف «معاً» الرئاسي الذي حصل على 245 نائباً في الجمعية الوطنية، أن يبرم اتفاقاً مع المعارضة، ولا سيّما حزب الجمهوريين اليميني الذي فاز بـ61 مقعداً، لتشكيل ائتلاف يتمتّع بالغالبية المطلقة في الجمعية الوطنية. وشهدت الانتخابات التشريعية اختراقاً غير مسبوق للتجمّع الوطني (يمين متطرّف) بزعامة مارين لوبن إذ حصل حزب منافسة ماكرون في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية على 89 نائباً فيما حصل الاتحاد الشعبي البيئي والاجتماعي الجديد (ائتلاف يساري) بقيادة زعيم اليسار الراديكالي جان-لوك ميلانشون على 150 نائباً على الأقل.
مشاركة :