انطلقت الإثنين بالمغرب مناورات الأسد الإفريقي في ظرف دولي وإقليمي دقيق يتعلق خاصة بالتوتر المستمر بين الرباط وجارتها الشرقية الجزائر من ناحية، وبمحاولات جبهة البوليساريو التصعيد بعدما حصد المغرب شبه إجماع دولي حول مقترح إقامة منطقة حكم ذاتي بالصحراء المغربية مع احتفاظ المغرب ببسط سيادته على كامل أراضيه.. وأعلنت القيادة العسكرية الأميركية لإفريقيا (أفريكوم)، مشاركة 13 دولة. فبالإضافة إلى المغرب والولايات المتحدة، ستشارك كل من فرنسا وإيطاليا وبريطانيا وهولندا وإسبانيا والبرازيل وتونس والسنغال وتشاد وغانا وحلف شمال الأطلسي الناتو، إلى جانب مشاركة إسرائيل لأول مرة . كما تنضم حوالي 28 دولة بصفة مراقب عسكري من إفريقيا والعالم. وكشفت القوات المسلحة الملكية المغربية، الثلاثاء، أن مناورات الأسد الإفريقي مع الجيش الأميركي، ستشمل مناطق أكادير وطانطان وتارودانت والقنيطرة وبن جرير والمحبس. واللافت أنه للمرة الثانية على التوالي، تدخل منطقة المحبس في الصحراء وعلى خط التماس عند الحدود مع الجزائر ضمن المناطق التي ستجرى فيها المناورات. ويعتقد مراقبون أنه مع ضم منطقة المحبس التي تشمل جزءا من أقاليم صحراوية مسترجعة إلى المناورات العسكرية للمرة الثانية على التوالي، يتكرس الاعتراف الدولي، بما فيه الاعتراف الأميركي بمغربية الصحراء". وتعليقا على إجراء جزء من المناورات في منطقة المحبس الجنوبية لأول مرة العام الماضي، قال الباحث المغربي المتخصص في القضايا الأفريقية عبد الواحد أولاد ملود لوسائل الإعلام إن "شكل ومضمون هذه التدريبات يتجاوزان التفكير في مكان تنفيذهما، وبالتالي لا تدخل في حسابات ضيقة مرتبطة باعتبارات الفعل ورد الفعل كما يعتقد بعض الأطراف، ومنها بعض الدول المجاورة". وترمي المناورات بالأساس للتدرب على مواجهة التحديات الأمنية التي تهدد القارة الإفريقية، وخصوصا منطقة الساحل حيث يتصاعد حضور المنظمات الإرهابية. وتمثل بلدان الساحل، حسب مؤشر الإرهاب العالمي 2022، نسبة 48 بالمئة من إجمالي الوفيات الناجمة عن الإرهاب في العالم، كما أن "أربعة دول من أصل عشرة التي سجلت أعلى زيادة في عدد الوفيات المرتبطة بالإرهاب تقع أيضا في إفريقيا جنوب الصحراء، وهي النيجر ومالي، ونيجيريا وبوركينا فاسو". وحسم مجلس الأمن الدولي بقراره وقف إطلاق النار الصادر عام 1991، النزاع الدائر بين المغرب وجبهة بوليساريو منذ عام 1975 من أجل السيادة على الصحراء إثر نهاية الاستعمار الإسباني للإقليم. ومنذ ذلك الحين تهدد الجبهة بشن حرب على الرباط، فيما أعلن زعيمها إبراهيم غالي العام الماضي، إنهاء الالتزام بالقرار الدولي. وأقدمت قوات الجبهة في يونيو الماضي على قصف مواقع مختلفة من منطقة المحبس يتمركز فيها الجيش المغربي. وإثر الحادثة علق ممثل الجبهة لدى الأمم المتحدة محمد عمار بالقول أنه "لم يعُد أمام الشعب الصحراوي، بقيادة جبهة بوليساريو، خيار سوى ممارسة حقه المشروع في الدفاع عن النفس بعد أعوام من التزامه الحل السلمي وانخراطه بشكل بنّاء في عملية السلام التي ترعاها الأمم المتحدة". وأفاد المتخصص في الشأن المغربي محمد الطيار في تصريحات أدلى بها العام الماضي للصحافة المحلية أنه "لا يمكن إخراج مناورات الأسد الإفريقي عن الترجيحات الإعلامية لنشوب حرب عسكرية حامية الوطيس بين المملكة وبوليساريو في منطقة المحبس". ولطالما كان ملف الصحراء المغربية محل خلاف بين الرباط والجزائر التي تدعم انفصال الصحراء عن المغرب المتمسك بوحدة أراضيه. واعتبر الممثل الدائم للجزائر لدى الأمم المتحدة سفيان مومني، في كلمته أمام اللجنة الأممية الرابعة والعشرين، في يونيو الماضي، أن "سياسة الأمر الواقع ومحاولات المغرب تغيير التركيبة الديمغرافية في الصحراء لن تبدّلا من الطبيعة القانونية للصحراء التي تبقى إقليماً مستعمَراً ينبغي تصفية الاستعمار منه"، ويعتبر محللون أن تجدد مناورات الأسد الإفريقي في المناطق الصحراوية المغربية بالذات دليل آخر على الاعتراف الدولي بمغربية الصحراء. فضلا عن الاعتراف الأميركي في كانون الأول/ ديسمبر 2020، بالسيادة التامة والكاملة للمملكة المغربية على صحرائها وافتُتحت 22 قنصلية عامة، من بلدان أفريقية وعربية ومن دول الكاريبي وغيرها، في مدينتي العيون والداخلة في الصحراء المغربية. وتُعتبر الإمارات ثم البحرين من أولى الدول العربية التي تفتتح قنصليات لها في الصحراء المغربية دعما للاعتراف الدولي بوحدة الأراضي المغربية. وتستقبل الجزائر منذ عام 1976 في عاصمتها بعثة دبلوماسية تمثل جبهة البوليساريو تطلق عليها اسم "سفارة الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية". وقبيل انطلاق المناورات أفادت القيادة العامة للقوات المسلحة الملكية في المغرب، أن الأسد الإفريقي سيشمل تدريبات عملياتية وتدريبات على عمليات مكافحة الجماعات الإرهابية، والتمرينات البرية والمحمولة جوا والجوية والبحرية، وإزالة التلوث النووي والإشعاعي والبيولوجي والكيميائي. وتُعتبر مناورات الأسد الإفريقي تقليدا دفاعيا عسكريا بين الولايات المتحدة والمغرب انطلقت أولى دوراتها في العام 2007.
مشاركة :